IMLebanon

في الزيارات..

 

ليست زيارات وزراء لبنانيين مؤيّدين أو موالين أو متحالفين أو تابعين لإيران وقرارها، الى مناطق سيطرة رئيس سوريا السابق بشار الأسد في دمشق، أمراً كبيراً أو استثنائياً يستحق كل هذا الركّ المضاد.. أو يستدعي كل ذلك الانشداه أو الاستغراب، أو القنوط، أو التأسّي!

هؤلاء جزء من منظومة «قاتلت»، بكل معنى الكلمة، في الميدان والسياسة والاعلام والتشبيح والتفنيص الى جانب «قوات الأسد»! وبعضها، مثل الأساس الذي هو «حزب الله»، دفع من الدم في ذلك المضمار والإطار والمسار أكثر بكثير مما دفعه في مواجهة إسرائيل أثناء احتلالها جزءاً من الجنوب، ثم بعد ذلك في الحرب المفصلية التي جرت في تموز عام 2006.. فأين الخبر الجلل إذن في زيارة «علنية» مُضافة الى كل ذلك الرصيد؟ ولا تُقدّم أو تؤخّر في شيء سوى العودة الى الإضاءة الكئيبة على حقيقة كون اللبنانيين متشظّين في الهوى والأهواء. وبعضهم لا يزال متآلفاً مع طبيعته وطباعه. وهذه أولها وأساسها أن الهوية المذهبية أو الطائفية أكبر من الهوية الوطنية. وأنّ الولاء للخارج الإيراني أولى من الولاء لمقتضيات «الاجماع» المحلي! وان الالتزام بقرار طهران وولي أمرها أبدى من الالتزام بشروط حفظ مقام «الدولة» اللبنانية! وبمصالحها ومصالح أهلها! وأهم من السعي الى مراعاة شؤون وشجون العلاقات مع القريب العربي والبعيد الأجنبي!

هذه زيارات تُنفّذ تلبية لأوامر سياسية إيرانية. ولأهداف ذات صلة متينة بمحاولة تلميع فرضية «بقاء» الأسد ورحيل شعب سوريا! و«انتصاره» وانكسار مناوئيه! ولا يهم عند صاحب السعي والإنشاد والبلف هذا، مضامين ذلك الادعاء ولا أكلافه الكارثية! ولا تبعاته في الدين والدنيا! تماماً مثلما هو الحال مع الجذر الأول الذي يتفرّع منه الادّعاء وأصحابه. حيث المألوف الراهن هو تغنّي إيران بـ«فتوحاتها» الخارجية! وبتمدّد نفوذها فوق ركام جوارها! وبـ«إقتدارها» على حساب غيرها! وبـ«محوريّتها» التي لا تكتمل سوى بالمسّ بكيانات العرب والمسلمين أينما أمكنها ذلك! وتخريب اجتماعهم واقتصادهم وأمنهم ومناعتهم كلما استطاعت الى ذلك سبيلاً!

لا تضيف تلك الزيارات الشيء الكثير الى رصيد الإيرانيين وتابعهم الأسد، بقدر ما تُظهر مقدار التهافت الواصل الى حدِّ توسّل أي صيغة رسمية لحدث ميليشيوي أو حزبي من حليف أو تابع لا يخفي في الأساس تبعيّته! وذلك في كل حال، سعي يتمّم الغلوّ في النفخ «الانتصاري» الميداني الأخير في جرود البقاع الشمالي! والمبالغة في تظهير «المشاركة» في الحرب على الإرهاب! وفي تأكيد السردية الأسدية الأولى القائلة بأنّ النكبة السورية في أساسها ليست سوى صراع أخيار وأشرار! وان بشار الأسد لم يواجه ثورة شعبية تامة، بل مجاميع إرهابية تكفيرية حتى لو كان تعدادها يقارب الغالبية الساحقة من السوريين!

لا تضيف تلك الزيارات شيئاً يذكر على ذلك الرصيد المتراكم، مثلما أنّها لا تُعدّل في شيء من حقائق «الوضع» اللبناني، أهلياً ووطنياً وطائفياً ومذهبياً ومؤسساتياً ورسمياً.. حيث الجمع عزيز ونادر! وحيث الدولة المركزية والواحدة لا تزال رجاءً يُرجى! وحيث إيران لا تزال عند البعض مركز الولاء والإملاء!