IMLebanon

تفاؤل في غير مكانه

البعض منّا متفائل بشهر آب الذي يطلّ علينا بعد أسبوع أو أكثر بقليل ويُراهن على أن تشهد بداياته أو قبل نهاياته، حلولاً للأزمات المستعصية وعلى رأسها أزمة إنتخاب رئيس جمهورية، لكن هذا البعض لا يقدّم سبباً مُقنعاً لهذا التفاؤل، فيعزوه أحياناً إلى التفاهم الأميركي – الروسي على تسوية للأزمة السورية، تبدأ بهدنة دائمة للحرب الدائرة بين النظام والمعارضة السورية، وتنتهي بحل سياسي على خلفية تعيين مجلس رئاسي لفترة إنتقالية، ويعزونه أحياناً ثانية إلى حراك الرئيس نبيه برّي مع كل الأطراف ودعوته هيئة الحوار الوطني للبحث عن إتفاق بين أعضائها على سلّة واحدة، من إنتخاب رئيس جمهورية وقانون إنتخابي مختلط بين النسبي والأكثري، وأحياناً ثالثة يعزون هذا التفاؤل إلى حركة الاتصالات والمشاورات لزعيم حزب القوات اللبنانية والتي شملت ركنين أساسيين من أركان الحل وهما زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط وزعيم تيّار المستقبل الرئيس سعد الحريري، والتي أفضت حسب المطّلعين إلى تفاهم مع جنبلاط على انتخاب النائب ميشال عون رئيساً للجمهورية ليس نزولاً عند رغبة حزب الله بل لوقف التدهور الذي يضرب البلاد نتيجة استمرار هذه الأزمة، ولم ينفِ الزعيم التقدمي هذه المقولة بل أكّدها في أكثر من مناسبة وفي أكثر من موقف إعلامي صدر عنه في الأسابيع القليلة الماضية.

أما بالنسبة إلى الرئيس الحريري فلا تزال المعلومات متضاربة عن موقفه من دعوة حليفه زعيم حزب القوات اللبنانية، وإن كان المقرّبون منه يستبعدون أن يكون قد أعطى وعداً بالإنضمام إلى مؤيّدي ترئيس عون، قبل الوقوف على رأي المملكة العربية السعودية التي تُجمع معلوماتنا على حصول إيجابيات كثيرة ومتقدّمة جداً في علاقاتها مع زعيم تيّار المستقبل يمكن أن يُبنى عليها لاحقاً وذلك بفضل جهود لبنانية ودولية مشتركة بُذلت وما زالت تُبذل مع قيادة المملكة.

لكن ما صدر عن الزعيم التقدمي في خلال الثماني والأربعين ساعة الماضية في شأن الاستحقاق الرئاسي والمعوقات لا يحمل أية مؤشرات على أن يكون آب المقبل شهر انفراج الأزمة وبزوغ فجر جديد مفعم بالخير وبالبركات، وبانتخاب رئيس للجمهورية، بقدر ما يدل على العكس من خلال حديثه عن الجغرافيا التي تتحكم إلى حدّ بعيد بمخاض الاستحقاق الرئاسي والتي يعتبر لبنان محكوم بها، وأولها حدوده مع سوريا وقدرة النظام فيها على تقرير موعد هذا الاستحقاق مع امتداداته الإيرانية القادرة بحكم قبضتها على حزب الله التحكّم بهذا الاستحقاق ومصيره، وكان في رأي جنبلاط أن هذا العامل الجغرافي المؤثّر غير جاهز بعد لإطلاق الاستحقاق من أسره وبالتالي فإن على المراهنين على أن يشهد آب القادم إنفراجات واسعة أن يقلعوا عن هذه الرهانات، ويتعاملوا مع الوضع إلى أنه باقٍ على حاله ولا شيء إيجابي ممكن في المستقبل المنظور، خصوصاً وأن هذا الموقف للزعيم التقدمي جاء بعد محادثات معمّقة مع زعيم القوات اللبنانية، ومع تنسيق بالغ العمق مع حليفه الدائم الرئيس نبيه برّي الذي ابتكر قبل سفره في أجازة إلى الخارج، مبادرة السلة الواحدة، ودعا إلى عقد جلسات متتالية في الثاني والثالث والرابع من شهر آب، والتي أشاعت عند البعض هذه الأجواء التفاؤلية ومن يعش حتى ذلك التاريخ سوف يرى..!؟