IMLebanon

الحكومة أمام خيارات.. احلاها مر؟!

من قبل ان يصدر عن «تكتل التغيير والاصلاح» في اجتماعه الاسبوعي، أول من أمس، قرار «مقاطعة» جلسة مجلس الوزراء اليوم الخميس «كرسالة اعتراضية تحذيرية للحكومة لتتوقف عن مخالفة القانون..» بما يتعلق بالتمديد للقيادات العسكرية والأمنية، كان رئيس «التكتل» (الجنرال السابق) النائب ميشال عون، يتطلع الى القصر الجمهوري في بعبدا، وأبوابه محكمة الاغلاق في وجهه وقد دخل الشغور الرئاسي شهره الرابع بعد السنتين..

يقلب جنرال الرابية الأوراق، ولا يرى بينها بصيص أمل واحد يعبد له الطريق الى حيث مبتغاه الأخير.. وهو من موقعه كرئيس لأكبر كتلة برلمانية مسيحية، أخذ قراره ومضى، خلاصته: «لا شيء يعبر من دون إرادتنا وموافقتنا، متكلاً في ذلك على أبرز حليف له، «حزب الله»، وعلى «اعلان معراب» الذي وفر له غطاء مارونياً – سياسياً بالغ الأهمية».

لم يقتنع الجنرال البرتقالي بعد، ان أبواب بعبدا ماتزال مقفلة في وجه جميع المرشحين، أقله حتى الآن.. ولا استثناءات، وبالتحديد هو، الذي لم يتقدم خطوة واحدة على خط الاتصالات التي يجريها، او التي تجرى معه، من الخارج كما من الداخل، خصوصاً وأن المشهد الاقليمي، وتحديداً في الجوار القريب (سوريا) قد يكون أمام تحولات حقيقية بعد لقاءات روسيا – ايران – تركيا واعلان رئيس الأخيرة (رجب طيب اردوغان) سحب الفيتو عن مشاركة رئيس النظام بشار الاسد في «المرحلة الانتقالية..».

ليس من شك ان السياسة التي كان ولايزال الجنرال عون، وخلاصتها علاقته المميزة بـ»حزب الله» مددت من عمر الأزمة في لبنان، وقدم لاخصامه مادة حيوية يبنون عليها مواقفهم.. ولم يفلح «حزب الله» ولا «اعلان معراب» في التقدم خطوة واحدة باتجاه تسهيل وتسييل وصول عون الى بعبدا.. فكان التصعيد سلوكاً ملازماً او خياراً «لا بد منه»؟! اختصره رئيس «التيار الحر» (وزير الخارجية) جبران باسيل بأن رمى الكرة في ملعب الحكومة، وقد استحضر العديد من الملفات (النفايات، الماء والكهرباء، الارهاب النازحين) ليبني على ذلك خلاصة توفر له دعامة للمقاطعة، خصوصاً وأن لا اجراءات من الحكومة في كل ذلك.. ليصل الى موضوع التمديد لقيادات عسكرية وأمنية مؤكداً «هذا العام لن نسكت عن التمديد وسنقوم بما يلزم لمنعه..» ابتداءً من مقاطعة جلسة الحكومة «كرسالة اعتراضية تحذيرية لتتوقف الحكومة عن مخالفة القانون..»؟!

التصعيد العوني وارد.. وهو على ما يظهر سيأخذ أبعاداً «ميثاقية» هيّأ لها في الوقوف الى جانب حزب الكتائب في معارضته مطمر برج حمود للنفايات.. يسانده في ذلك حليفه «حزب الطاشناق» الذي كان حتى الأمس القريب «يغسل يديه من ذلك..».

صورة التصعيد، على نحو ما جاء في مواقف باسيل، تشير الى أن «التيار الحر»، و»تكتل التغيير والاصلاح»، قررا الذهاب بعيداً في ردة الفعل الاحتجاجية على رفض خياراتهما في معالجة الفراغ المحتمل في مواقع عسكرية بالغة الأهمية ولو أدى ذلك الى «نزع الصفة الميثاقية» عن الحكومة، أي مقاطعة الوزراء المسيحيين الجلسات (هذا على رغم اعلان وزراء «اللقاء التشاوري» حضور الجلسة) وهذه مسألة بالغة الخطورة.. ولن يكون رئيس الحكومة في موضع يحسد عليه، فهو سيكون أمام خيارات محددة من بينها:

– المضي في عقد جلسات الحكومة وان استدعت خيار التمديد.

– التوقف عن عقد جلسات الحكومة، أي تعريض البلد الى مزيد من الشلل والفوضى وتعطيل مصالح اللبنانيين في أبرز المؤسسات المتبقية، ولو في الحد الأدنى.

– أو البحث عن صيغة ثالثة «لا تقتل الذئب ولا تفني الغنم»؟!

الواضح، ان أوراق القوة والضغط بيد رئيس الحكومة قليلة ومحدودة الفعالية، خصوصاً وإن مقاطعة وزراء التكتل وقبلهم وزراء الكتائب، قد يجر وزراء آخرين الى مناصرتهم.

لكن السؤال يبقى الى أين ستقود هذه التطورات وهل هناك من ضمانات بأن تصعيده سيبقى تحت سقف يمكن التحكم به؟! وهل يفتح ذلك باب الحوار معه على قاعدة «التبادلات»، أم أن كثيرين سيعمدون الى غسل أياديهم «وبطيخ يكسر بعضه»؟!

الواضح، ان عون وضع الجميع أمام حالة غير مسبوقة.. وليس في المعطيات المتوافرة، أقله الى الان ما يشير الى أن حليف الجنرال «حزب الله» في وارد الانضمام الى هذا الحراك، وهو سيحافظ على خصوصية وعلاقة «مصيرية» مع رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يعرف الجميع مدى احراجه من سلوكيات جنرال الرابية وقيادات عديدة ممن هم معه؟!

التصعيد وضع الجميع في مأزق.. وهم باتوا أمام وقائع لا يستطيعون معها التراجع من دون تحقيق انجازات ما، لاسيما وأن عديدين يؤكدون أن هدف التصعيد من أوله الى آخره هو «استعادة الشعبوية» التي تتقلص يوماً بعد يوم هذا عدا أن ظروف الزمان والمكان لا تساعد على أي شيء من هذا.