IMLebanon

الميثاقية

ألقت الميثاقية التي هدّد بها التيار الوطني الحر بعد القرار الذي اتخذه في جلسته الأسبوعية بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء تعبيراً عن إعتراضه على مبدأ التمديد للقيادات الأمنية، وإصراره بالتالي على تعيين قائد جديد للجيش وإحالة العماد جان قهوجي على التقاعد أيّاً كانت الاعتبارات والأسباب الموجبة، ألقت بثقلها على جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في ظل غياب وزيري التيار ووزير حزب الطاشناق متضامناً وأدلى كل وزير بدلوه في هذا المجال، واكتفى وزيرا حزب الله، الحليف الرئيس للتيار بتسجيل موقف إعتراضي على المنحى الذي اتخذه مجلس الوزراء بالنسبة إلى بعض القضايا التي طُرحت على الجلسة، وبالنسبة إلى ميثاقية أو عدم ميثاقية إنعقادها في ظل غياب أو مقاطعة مكوّن مسيحي أساسي يدّعي أنه يمثّل الأكثرية المسيحية، وذلك خلافاً للتفاهم المسبق الذي تمّ بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس مجلس الوزراء تمام سلام وقضى بتفادي التطرّق للمواضيع الحسّاسة والإكتفاء بدرس البنود العادية المدرجة على جدول أعمال الجلسة والمؤجّلة أكثرها من الجلسة السابقة.

نفترض أن التيار الوطني الحر إستند عندما تحدث عن الميثاقية إلى البند «ي» من مقدمة الدستور التي تنص على «لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك» وذهب في تفسير هذا البند إلى الحدود التي سمحت له بالتلويح إلى أن انعقاد مجلس الوزراء في غياب الوزيرين المارونيين والوزير المسيحي الثالث يفقد هذه الميثاقية، بمعنى أن اجتماعه هذا يتناقض مع صيغة العيش المشترك، إلا أن التيار نسي بقية المواد الدستورية التي تنص على تشكيل مجلس الوزراء وعلى آلية اجتماعه واتخاذه القرارات بشقيّها، وعلى آلية استقالة الحكومة ومتى تصبح مستقيلة، ويتبيّن مما تقدّم ومن مراجعة كل مواد الفصل المتعلق بمجلس الوزراء وتأليفه وآلية عمله وصلاحياته أنه لا توجد فيه أية مادة ولا حتى إشارة إلى الميثاقية، فالمادة 65 من الدستور تتحدث عن صلاحيات مجلس الوزراء وآلية عمله، أما المواد الأخرى 66 و67 و68 فتتحدث فقط عن صلاحيات الوزراء وطريقة الإقالة، في حين أن المادة 69 وهي الأخيرة من الفصل فتتحدث عن الحالات التي تُعتبر فيها الحكومة مستقيلة وتلخصها بخمس وهي: أ- إذا استقال رئيسها. ب- إذا فقدت أكثر من ثلث عدد أعضائها المحدد في مرسوم تشكيلها. ج- بوفاة رئيسها. د- عند بدء ولاية رئيس الجمهورية. هـ- عند بدء ولاية مجلس النواب.

إستناداً إلى المواد الدستورية الآنفة الذكر وخلافاً لها لا يوجد في الدستور أي نص على أن الحكومة تشكّل مناصفة من المسيحيين والمسلمين وأنه في حال استقال أحد المكوّنين تُعتبر الحكومة مستقيلة، في حين نصّ الدستور صراحة على أن الحكومة تُعتبر مستقيلة في حال استقال أكثر من ثلث أعضائها الأمر غير المتوفّر في الحالة المثارة، إلا إذا التيار قصد من كلامه عن الميثاقية الإتفاق الضمني – المعتبر ميثاقياً على أن تكون الحكومة مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، لكن مثل هذا الإتفاق وإن لم يؤتَ على ذكره في النصوص الدستورية، لا يعني بأي حال من الأحوال أن استقالة وزيرين أو أكثر من الحكومة، ومن مكوّن طائفي واحد يشكّل خللاً في الميثاقية، وتفقد الحكومة بالتالي ميثاقيتها.

ما فعله رئيس الحكومة وإصراره على عقد جلسة لمجلس الوزراء في ظل مقاطعة وزيري التيار واستقالة وزيرين مسيحيين آخرين يعتبر خرقاً للميثاقية ويقتضي بناء عليه عدم إنعقاد مجلس الوزراء وتعطيل عمل الحكومة أو حتى استقالتها.