IMLebanon

  «النيابية» قد تخلط أوراق التحالفات

بالزخم نفسه الذي يحكم كل الاستحقاقات منذ اعجوبة الانتخابات الرئاسية ووصول العماد ميشال عون الى بعبدا ، يسير قطار التسوية متجاوزا كل المطبّات والعراقيل من محطة الى اخرى على امل ان تنصرف الحكومة إلى ثلاث ملفات: الأول، قانون الانتخاب الذي يرجح ان يكون مختلطاً، والثاني، الموازنة العامة التي يتوقع ان تكون موضوعية، اما الثالث: تعيينات ادارية لإنهاء الشغور، ما يعوّل عليه الكثيرون لاحداث التغيير ، ليس آخرهم سيد العهد.

ففي وقت يغوص مجلس النواب بين سطور البيان الوزاري وتفاصيله لتنال الحكومة الجديدة الثقة على أساسه، لا تزال الأصوات المعارضة لإنطلاقة العهد تعلو احتجاجا على ما تسميه «تنازلات كبيرة» قدمتها ما عرف بالقوى السيادية لمصلحة لاعبين آخرين. ففي مقابل الايجابية التي تطبع خطاب أركان العهد وحلفائه لا يتوانى آخرون عن إبداء خشيتهم من أن ينزلق لبنان إلى فصل عنفي جديد قد يعتبره كثيرون ثمن التسويات السياسية الأخيرة.

غير ان طبيعة التركيبة الحكومية التي ضمت غالبية المجلس تمهد لثقة شبه اجماعية للحكومة الحريرية الثانية، دون ان يسقط ذلك وجود أصوات لا تثق بالحكومة الحالية لعدة إعتبارات بحسب مصادر متابعة، وهو ما ظهر في بعض مداخلات اليوم الاول والاجواء المشدودة التي شهدتها الجلسة، عشية مخاض الانتخابات النيابية  الذي قد يتسبب بخلط أوراق التحالفات السياسية، حتى تلك التي قامت بعد الانتخابات الرئاسية، اذ قد يلتقي الخصوم ويبتعد الحلفاء، حتى داخل البيت الواحد بحسب ما اوحى به السجال بين النائبين الضاهر ورحال.

ومع اجتياز «حكومة استعادة الثقة»، كما وصفها الرئيس سعد الحريري، امتحان نيل الثقة بنجاح خلال الساعات القادمة، يتوقع وعلى حدّ قول المصادر،  ان تدخل البلاد مرحلة جديدة من شد الحبال عنوانه قانون انتخابات عتيد وسط تباعد وجهات النظر بين الاقطاب السياسيين وتضارب آرائهم وفقا لحساباتهم ومصالحهم، حيث تؤكد المصادر ان شهر كانون الثاني سيكون مفصليا على هذا الصعيد، رغم استبعادها حصول اي خرق، متوقعة ان يسير رئيس الجمهورية بقانون الدوحة  مع بعض التعديلات و«لمرّة أخيرة»، لان لا مصلحة للعهد باي تمديد ، فـ«النسبية» الكاملة مرفوضة من النائب وليد جنبلاط، كما أن «المختلط» عالق في عنق زجاجة التيار الوطني الحر الذي يعتبره لا يراعي وحدة المعايير، مستدركة بان باب المفاجآت الذي يحكم الاستحقاقات هذه الايام يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات ومن ضمنها امكانية التوصل الى اقرار قانون جديد وربما اجراء الانتخابات عقب تأجيل تقني،  بعد شروحات وتفاهمات تنتهي إلى قانون أكبر من الستين وأصغر من النسبية الشاملة. بمعنى ان كفة القانون المختلط بين النسبية والأكثرية هي المرجحة.

في هذا الاطار سجلت مواقف بارزة خلال الساعات الماضية، ان حزب الله وبعدما كان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة الحاج محمد رعد قد أظهر مرونة في التعاطي مع القوى التي تعارض النسبة الكاملة في قانون الانتخاب، أكد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم «اننا ملتزمون بالنظام النسبي، وندرك ان هناك العديد من المعترضين، لكننا سنسير في الملف حتى النهاية، فيما سربت مصادر قواتية بأن الاتصالات قطعت شوطاً كبيراً للوصول الى قانون جديد، ممكن وان كان غير نموذجي، معتبرة ان القانون المختلط ممكن ان يمر من ضمن صيغة معينة في الأيام المقبلة، مشددة على ان «القوات» لن تقبل بالتمديد ولا بقانون الدوحة.

في هذا الاطار تعتبر مصادر مقربة من بعبدا ان العهد الجديد يأمل ان يكون قانون الانتخابات البوابة للاصلاح والتغيير المرجيين والذين طالما طالب بهما الرئيس العماد عون وخاض المواجهات من اجلهما، معتبرة انه حان الوقت للانتقال الى الجمهورية الثالثة مستفيدين من الاخطاء السابقة ، دون المس بالدستور او باتفاق الطائف الذي يقوم على توازنات دقيقة، لم يحن اوان تغييرها بعد.

في المحصلة ستنال الحكومة الثقة العددية المطلوبة ليبقى امامها الامتحان الاكبر في اكتساب ثقة الناس التي تأتي من الافعال وليس الاقوال والجمل الانشائية التي خبرها اللبنانيون عهودا ولم تلتزم بها الحكومات يوما. فهل يعيد التاريخ نفسه ويحصل الحريري على ثقة استثنائية كتلك التي نالتها حكومته الاولى عندما منحه 122 نائبا الثقة؟