IMLebanon

قلق البابا يمتدّ من فلسطين إلى العراق ولبنان

قلق البابا يمتدّ من فلسطين إلى العراق ولبنان

الفاتيكان مع رئيس يحمل الهواجس المسيحية.. ويطمئن المسلمين

يزداد قلق الفاتيكان ومخاوفها على مسيحيي الشرق. فباستثناء الايمان والرجاء بأن المسيحية لا يمكن أن تختفي عن الارض التي انطلقت منها، فإن ما يتراكم لديها من معلومات ومعطيات لا يطمئن او يدعو الى التفاؤل. ومع ذلك، يسجل لهذه الدولة الصغيرة أنها تحاول اللعب مع الكبار على قدر المساواة، وبقدر مقبول من الحرص الحقيقي على تجربة التعايش بين الاديان والطوائف.

في خطوتها الأخيرة حيث وقعت دولة الفاتيكان اتفاقاً مع الدولة الفلسطينية، لم يكن هدفها الوحيد حقوق الكنيسة الكاثوليكية في الاراضي الفلسطينية. كانت تكرّس ما سبق أن أعلنته باعترافها بالدولة الفلسطينية وقناعتها بوجوب حل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني في إطار صيغة الدولتين. فالفاتيكان تحاول أن تحافظ على «الخميرة» المسيحية في تلك الأرض المقدسة.

وكما في فلسطين كذلك في العراق ومصر وسوريا ولبنان. تعتبر الفاتيكان أن «المسيحيين مهدّدون بوجودهم وإيمانهم وثقافتهم»، على ما يؤكد اسقف ماروني. يضيف أن «الفاتيكان، والبابا بشكل خاص، يتألم فعلاً لما يجري في عالمنا العربي. لديهم قناعة راسخة ان هذه الحروب وهذا القتل العبثي والمجاني اعتداء على الإنسانية جمعاء، ليس على المسيحيين فحسب، طالما أنهم يعانون بالقدر نفسه ما يعانيه اخوانهم من سائر الاديان والطوائف».

يجزم الاسقف ان «الفاتيكان لا يمكنها ان تتقبل فكرة خلو الشرق من مسيحييه. فوجودهم فيه ليس شهادة لإيمانهم فقط، ولا حقاً بديهياً من حقوق الانسان بالعيش في ارضه موفور الكرامة والحقوق. ان وجود المسيحيين وتعايشهم الحقيقي في هذه البقعة مع اخوتهم المسلمين شهادة للعالم أجمع ان هذا العيش المشترك بيومياته، قابل للحياة. بهذا المعنى جاءت عبارة البابا يوحنا بولس الثاني الشهيرة: لبنان اكثر من بلد إنه رسالة».

يعتبر الأسقف أن «مسألة التعايش والتآلف ليست مسألة تفصيلية في العالم. فالعيش متجاورين ومتآخين ومختلفين في آن معاً، هي واحدة من تحديات العصر، ليس في منطقتنا فقط إنما في العالم. بالتالي لبنان قد يكون آخر المختبرات التي يمكن الرهان عليها ليترجم القناعة الفاتيكانية أن الأديان والمذاهب المختلفة يمكن ان تجد طرقاً مختلفة للسماء وتواصل السير معاً على دروب الحياة المشتركة».

يكشف الأسقف ان كل «زيارات الموفدين الفاتيكانيين الى لبنان ودول المنطقة أهدافها متشابهة: استكشاف احوال البلاد والعباد ومحاولة حضّهم على ايجاد وسائل لمعالجة ازماتهم، مع استعداد دائم عند الفاتيكان لتقديم المساعدة في هذه المجالات».

الزيارات الأخيرة للموفدين الفاتيكانيين الكاردينال دومينيك مامبيرتي والكاردينال انجلو سكولا لم تشذ عن ذلك. ذهب الرجلان ليرفعا تقريراً مفصلاً عن احوال لبنان والعراق تحديداً. بالنسبة إليهما بلغ الواقع المسيحي العراقي حداً غير مسبوق ولا مقبول. وهو يشكل تهديداً جذرياً للوجود المسيحي في تلك البقعة من العالم. لذا لا بد من خطة إنقاذية عاجلة. وهو الامر نفسه الذي ينطبق على لبنان، ولكن من منطلق سياسي.

يأسف الأسقف أن يذهب الموفدان الفاتيكانيان بانطباع «يحمل السياسيين المسيحيين قدراً أكبر من المسؤولية في وصول الامور الى تعقيداتها الحالية. فالفاتيكان يحض المسيحيين في لبنان على البحث عن خلاص مشترك لهم وللمسلمين. فهي تؤمن ان لا خلاص لأفراد او مجموعات بمعزل عن الاخرى. وبهذا المعنى المسيحيون والمسلمون شركاء في المسؤولية ويتحملون تبعات اعمالهم امام الله والتاريخ. لذا تمحورت الزيارات الاخيرة حول نقطتين او ثلاث كان الموفدون يسألون عنها، ومنها السبل الممكنة لترميم الجسور سواء بتطوير اتفاق الطائف أو إعادة تفسير بعض نقاطه. كما حرص الموفدان على التأكيد أن سياسة الفرض والاستقواء لا تنجح في جمع البلاد والعباد. بالتالي شجعوا السعي للوصول إلى انتخاب رئيس يحمل الهواجس المسيحية، وقادر في الوقت نفسه على التحاور مع المسلمين وطمأنتهم، وضم الجميع الى المصلحة الوطنية».

يرفض الأسقف الإجابة عما اذا كان ذلك يعني تشجيع الفاتيكان لانتخاب رئيس توافقي. يُصرّ أن «الفاتيكان ومعها الكنيسة المحلية لا تنحاز إلا لفكرة لبنان ودوره ورسالته، وما فيه مصلحة أبنائه واستقراره. وعلى السياسيين القيام بواجباتهم وانتخاب الرئيس المناسب».