IMLebanon

مواقف تتناثر أوراقها على أديم الواقع السياسي القائم في البلاد

الحكم يواجه معارضات في الرأي والرؤية

والأخطاء أبرز الأحقاد والمواجهات السياسية

كان الرئيس أمين الجميّل مغادرا أحد فنادق بيروت، عندما استوقف صديقا عزيزا عليه، ودار الحديث العابر، حول المذكرة الخماسية التي وقّعها الرؤساء الخمسة الرئيس الجميّل نفسه وزميله الرئيس العماد ميشال سليمان وثلاثة رؤساء حكومات سابقون هم فؤاد السنيورة نجيب ميقاتي وتمام سلام، عشيّة سفر الرئيسين العماد ميشال عون وسعد الحريري الى قمة البحر الميت انطلاقا من العاصمة الأردنية عمان، وقبل عودة الرئيسين عون والحريري الى بيروت.

ماذا حصل خلال الأيام الأربعة السابقة؟

أولا: تمت عملية انقاذ التيار الكهربائي بمواقف أجراها وزير الطاقة سيزار أبي خليل، مع تعديلات أرست الاتفاق بين التيار الوطني الحر برئاسة وزير الخارجية جبران باسيل، على أسس واضحة تنأى بالخطة عن الخصخصة وترضي الجميع بمن فيهم تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري وحزب القوات بقيادة الدكتور سمير جعجع والحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط، بعد مبايعته لزعامة المختارة لنجله تيمور، وإلباسه الكوفية الفلسطينية التي كان يضعها على كتفيه والده الزعيم الدرزي كمال جنبلاط واعلان الوزير طلال ارسلان عن دعوته الى مؤتمر تأسيسي، على حساب مؤتمر الطائف.

وفي المعلومات ان الطائفة الدرزية مجمعة على انشاء مجلس للشيوخ تكون رئاسته للطائفة الدرزية بمن فيها الزعماء الأربعة الأساسيون: وليد جنبلاط، طلال ارسلان، وئام وهاب وفيصل الداوود.

وبرزت أخيرا فكرة جديدة تقول بتوزيع رئاسة مجلس الشيوخ على ستة أعضاء من المنتسبين الى الطوائف الست المسيحية والاسلامية، الأمر الذي لاقى ترحيبا لدى الأرثوذكس والروم الملكيين الكاثوليك ومعارضة درزية شاملة، وعدم اكتراث من جانب الموارنة.

وهذا الأمر خلق نوعا من الريبة سببها ظهور فجوات في بعض القوى الطائفية، أبرزها انزعاج أركان الطائفة الأرثوذكسية، بعد المعارضة الشرسة لتصرفات محافظ بيروت زياد شبيب الذي يحظى ب امتيازات عن سواه من المحافظين بعدما كان أركان في الطوائف الاسلامية ضد هذه الامتيازات، ويروى ان الرئيس الراحل الشهيد رفيق الحريري، دأب في مطلع التسعينات على المطالبة ب تقليص صلاحيات محافظ بيروت، أو بتعيين مدير عام لبلدية بيروت تذهب اليه صلاحيات محافظ العاصمة، وهي قوية وواسعة.

إلاّ أن الرئيس صائب سلام الذي كان يمنح سواه من المرشحين لرئاسة الحكومة اللبنانية التأييد الواسع، ولا سيما للرؤساء الدكتور سليم الحص، رئيس المؤتمر الاسلامي شفيق الوزان، وطبعا الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي يقال انه زار زعيم المصيطبة وتداول معه في الموضوع، فنصحه هذا الأخير بتجاوز الموضوع، لأنه عند وضع الدستور، وتوزيع الرئاسات على الطوائف ارتأى أركان البلاد، اعطاء محافظ بيروت صلاحيات واسعة، بعد حرمانهم مما أخذه رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء، فطوى زعيم بيروت الجديد الموضوع.

وعندما تولى الرئيس أمين الجميّل الرئاسة الأولى، عقب استشهاد شقيقه الرئيس بشير الجميّل، اتجهت أنظاره الى اختيار رئيس حكومة جديد، إلاّ أن الرئيس شفيق الوزان لمع نجمه في أواخر عهد الرئيس الياس سركيس، وعيّنه رئيس حكومة، خلفا لصديقه الرئيس سليم الحص، بعد ظهور شعار مشاركة لا مشاكسة انطلاقا من ان اختيار موظف في هيئة الرقابة على المصارف جعله يقوى، فبرز دور رئيس المؤتمر الاسلامي صاحب شعار مشاركة لا مشاكسة الأمر الذي جعل الرئيس أمين الجميّل يكلّفه بتشكيل الحكومة الأولى في عهده. وهذا ما دفع به الى اختيار وزراء من الطوائف الاسلامية، من دون أن يثير اعتراضا من الرئيس أمين الجميّل. وعندما أراد هذا الأخير، تأليف حكومة فعاليات سياسية بعد تعذر تشكيل حكومة أقطاب اختار شفيق الوزان الوزير ابراهيم حلاوي، وأرسله، بالاتفاق مع الرئيس أمين الجميّل الى قمة عربية عقدت في تونس. وعندما وقف عرفات في القمة، منددا بالموقف اللبناني من المقاومة الفلسطينية، تصدّى له الوزير الشيعي بصرامة، وطالب العرب باعطاء المقاومة الفلسطينية ما يوفّر لها لبنان. وقيل يومئذ ان الوزير ابراهيم حلاوي يمثل في الحكومة الزعيمين الشيعيين كامل الأسعد وكاظم الخليل. لكنه في الحقيقة كان يمثل نفسه، ويحظى بدعم شفيق الوزان.

كان كامل الأسعد في سيارته داخل مطار بيروت، عندما شاهد الوزير ابراهيم حلاوي في سيارته، فطلب من سائقه أن يلحق به، ويشير اليه بالتوقف، وهكذا فعل، وقام رئيس مجلس النواب يومئذٍ بتهنئة ابراهيم حلاوي على موقفه في قمة فاس.

وهذا ما كان يحصل في مطلع الثمانينات خصوصا عندما أرسل الرئيس الأميركي رونالد ريغان موفده الى لبنان السفير اللبناني الأصل فيليب حبيب.

ويروى ان السفير المخضرم فيليب حبيب، جاء الى بيروت بعد اغتيال الرئيس الشيخ بشير الجميّل. وعندما شرع الرئيس أمين الجميّل بتشكيل حكومته الأولى نصحه الأميركان بالتعاون مع الأستاذ الشهير في الجامعة الأميركية الدكتور ايلي سالم، وهو من بلدة بطرّام في منطقة الكورة ونسيب الوزير الشهير شارل مالك الذي تعاون معه الرئيس كميل شمعون، في أواخر الستينات، وعهد اليه بوزارة الخارجية.

كان الدكتور ايلي سالم متزوجا بالسيدة فيليس وهي أميركية، وترئس مؤسسة أميديس الأميركية، وسارع الأميركان الى دعمه، ولا سيما بعد احتلال اسرائيل لقسم من الجنوب ووصولهم الى العاصمة بيروت ولا سيما بعد قيام رئيس وزراء اسرائيل مناحيم بيغن ب الاجتماع العاصف في نهاريا مع الرئيس اللبناني بشير الجميّل، لكن السوريين كما يُقال استطاعوا بطريقة ما اغتيال بشير الجميّل أول رئيس جمهورية لبناني في عصر فيليب حبيب، وبعد أربعة أيام رشح النائب ادمون رزق الشيخ أمين الجميّل لخلافة الشيخ بشير.

كان الهمّ الأول عند الشيخ أمين، ترميم العلاقات بين الرئيس السابق سليمان فرنجيه وحزب الكتائب، وقد أرسل بعض أصدقائه الى اهدن، لردم الفجوة بين الزعامتين المارونيتين واعادة اللحمة الممزقة بين الكتائب والمردة، خصوصا بعد قيام جبهة الخلاص الوطني المؤلفة من الرئيس سليمان فرنجيه والرئيس نبيه بري والأستاذ وليد جنبلاط. وقد نجح في ترميم هذه الأزمة الرئيس شارل حلو والوزير جان عبيد، ولا سيما بعد انعقاد مؤتمرين للحوار الأول في جنيف والثاني في لوزان، وكانت المدينتان في سويسرا فرصة لتدارك الأزمات، ولا سيما بعد عودة الرئيس فرنجيه من سويسرا الى دمشق، واستقباله في قصر الضيافة السوري بحفاوة، لأنه يجوز للزعيم اللبناني ما لا يجوز لسواه.

وفي دمشق بعد عودته من بورن العاصمة السويسرية، تهافت على زيارته عدد من القادة اللبنانيين والسوريين وفي المقدمة الوزير جان عبيد واللواء مصطفى طلاس ولوحظ ان القادة السوريين حرصوا على احاطة سليمان فرنجيه بالتقدير والثناء، لأن لا أحد يمكنه ان يزايد عليه بمواقفه الوطنية. وانه اذا كان قد وقف سلبيا من التهجم على الرئيس الجميّل، فهذا يعود الى ان سوريا تطلق الحرية له، ولشعوره الخاص بأنه لا يجوز لسواه ان يعاتب رئيس الجمهورية اللبناني على مواقفه.

وترتبت على ما حدث في جنيف ولوزان دعوات الى الإمعان في تقوية عناصر المصالحة اللبنانية. وفي منزله الصيفي في بكفيا، استقبل الرئيس الجميّل صديقا مشتركا بينه وبين الرئيس السابق للبلاد، لطيّ صفحة سوداء مفادها اشاعات تزعم ان الرئيس فرنجيه، عندما التقى في مدينة البترون، وفي منزل صديقه يوسف ضو، تمنّى عليه ان يعطيه وعدا بإلغاء اتفاق ١٧ أيار، ليحمله الى الرئيس حافظ الأسد، ويأتي منه بانجاز سياسي للمسيحيين مقابل الانتصار السياسي على اسرائيل، إلاّ أن هذه المزاعم بقيت مجرّد اشاعة لا أكثر ولا أقلّ، خصوصا الأقوال المنسوبة الى الرئيس الجميّل، ومفادها انه خلافا لنصيحة حليفهم سليمان فرنجيه، فإنه مستعد لتلك الخطوة الدقيقة، والتي راح نائب الرئيس السوري عبدالحليم خدام يرويها لأصدقائه في لبنان. ومن أسباب عدم رواج أفكار عبدالحليم خدام وجود فتور دائم له عند الرئيس فرنجيه الذي كان يحصر وعوده بالرئيس السوري حافظ الأسد. ولا يعطي أي اهتمام للسيد خدام أو لسواه من القادة السوريين.

ثمار القمة العربية

طبعا، انتهت قمة البحر الميت بمبادرتين كبيرتين: الأولى الاعراب عن رغبة عربية على مستوى القمة بتحقيق مصالحة عربية مع اسرائيل، مقابل وقف عمليات التهويد في القدس، ووقف الاستيطان في الضفة الشرقية، والاقلاع عن نقل السفارات من تل أبيب الى القدس، وهذه هي المرة الأولى التي يتخذ فيها الزعماء العرب على مستوى القمة العربية مثل هذا الاجراء.

إلاّ أن القمة الجديدة أثمرت أيضا عن رغبات عربية، في طيّ موضوع الصراع مع الكيان الصهيوني ويمهّد للاعتراف الكامل بالمصالحة مع السلطة الاسرائيلية. ولا أحد يمكنه التكهن بنتائج ذلك، بعد ازدياد التعاون بين روسيا الاتحادية بزعامة فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي تخلو له الساحة الاسرائيلية بعد أفول الزعماء الكبار: شمعون بيريس، وغولدا مائير، وأرييل شارون وليفي أشكول وسواهم.

إلاّ أن تكرار زيارات رئيس وزراء اسرائيل الحالي نتنياهو لموسكو، قد يمهّد لولادة فرص للمصالحة مع العرب، قد لا تجد ظروفا مناسبة عند سواه، خصوصا بعد ازدياد حجم وزير الدفاع الاسرائيلي ليبرمان بعد انتقاله من وزارة الخارجية.

هذا، على الصعيد الاسرائيلي، أما على الصعيد اللبناني، فقد استطاع رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري ان يصبّ مفتاح القيادة السياسية مع الرئيس العماد ميشال عون، بذهابه معا الى القمة العربية، والانتقال من العاصمة الأردنية، على متن طائرة واحدة مع الملك السعودي الى العاصمة السعودية، واستقباله بحفاوة نادرة مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدى وصولهما الى الرياض.

والعنصر الآخر على الصعيد اللبناني، فقد تمثل في تراجع الرئيس السنيورة، عن تفرّده بالتوقيع على بيان الاستدراك الخماسي ومشاركته الرؤساء أمين الجميّل وميشال سليمان ونجيب ميقاتي وتمام سلام، وهو في نظره، لا يعني ابتعاده عن الرئيس سعد الحريري، وان كانت بينهما تباينات. إلاّ أن هذا الاستدراك هو حرص على استمرار ولائه لنجل زعيمه الراحل رفيق الحريري، ما يعني ان دفّ الرؤساء الخمسة تعتريه خلافات ستظهر لاحقا.

إلاّ أن مسارعة الرئيسين نجيب ميقاتي وتمام سلام لتوقيع المذكرة الخماسية الى القمة العربية، ذهبت مجرد أشلاء سياسية لأن الرجلين يحفظان للرئيس سعد الحريري الحرص على استمرار التحالف السياسي، وإن كان وراء البيان الخماسي شعور بغياب الودّ السياسي بين الرئيس أمين الجميّل وميشال سليمان ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

والوحدة في الحكم بين الرئيس العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء السيد سعد الحريري يمحض الحكم مناعة وقوة عبّر عنهما الاثنان في أثناء الاستعداد للمشاركة معا في قمة البحر الميت، الأمر الذي دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الغمز من خلال الزعماء الخمسة، والايحاء بأنه كان ارسال بيانهم الى الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لا الى القمة العربية، الأمر الذي جعل وزير الداخلية نهاد المشنوق يصف ما قام به الرؤساء الخمسة ب غلطة العمر، هذا على الصعيد السياسي العام. أما على الصعيد الانتخابي فقد خسر الرئيس نجيب ميقاتي فرصة كانت متاحة له للتحالف انتخابيا وطرابلسيا مع الرئيس سعد الحريري. في حين تزداد العلاقات قوة بين الرئيس العماد ميشال عون والوزير السابق والنائب محمد الصفدي وحليفه الأساسي الوزير محمد كباره، في أيام التحالف الثلاثي مع النائب الراحل موريس حبيب فاضل، وان اختار نجله النائب روبير فاضل الاستقالة من المجلس النيابي عند التمديد الأول له.

والبيان الخماسي أضاف بلبلة جديدة الى بلبلة التحالفات الطرابلسية، لأن ضياع آمال التحالف بين تيار المستقبل والنائب الرئيس نجيب ميقاتي، يجعله مضطرا الى التحالف مع وزير العدل السابق أشرف ريفي، ومواجهة امكانات استمرار تحالفه مع النائب الحالي أحمد كرامي، الذي أعلن الأسبوع الفائت ترشحه وسبر أغوار التحالف مع ابن عمّه الوزير السابق فيصل كرامي نجل الزعيم الطرابلسي الراحل عمر كرامي الذي يحتفظ بزعامة قوية في العاصمة الثانية.

وفي المعلومات ان الرئيس ميقاتي يزمع التحالف مع مرشح أرثوذكسي هو الوزير السابق في حكومته السيد نحاس، مما يجعله يواجه عقدة أرثوذكسية يختارها النائب سليمان فرنجيه، ويمثلها مرشح أرثوذكسي من مدينة الميناء. سبق له وترشح في المعارك الانتخابية السابقة. إلاّ أن هناك من يبحث في امكان ترشيح مرشح عوني من عائلة خلاط ذات النفوذ الانتخابي في عاصمة الشمال. وهذه من الأمور التي تشير الى معارك انتخابية طاحنة، لأن التطورات الأخيرة، تجعل مدينة الميناء التوأم الانتخابي في مدينة الليمون والبلح.

إلاّ أن تيار المستقبل له وزنه السياسي في مدينة تحتفظ بزعامة الطائفة الاسلامية السنية، وتنطلق منها معركة السباق على رئاسة الحكومة. وهذا ما يجعل الصراع يأخذ مداه بين منطقة التبانة ومنطقة القبّة، والأخيرة لها نفوذ معروف للطائفة العلوية مما يوحي باحتمال حدوث صراع انتخابي يستعر أواره، بوجود عناصر حزبية ذات طابع يساري، قوامه حزب البعث السابق بزعامة النائب السابق الدكتور عبدالمجيد الرافعي، هذا اذا ما قرر العودة الى الصراع الانتخابي، وان أخذ في الحقبة الأخيرة، الابتعاد عن الحياة الانتخابية خصوصا انه حصل في انتخابات العام ١٩٧٢، على أعلى رقم انتخابي ضد لائحة تزعمها وقادها الرئيس الشهيد رشيد كرامي ومعه حليفاه التاريخيان النائبان هاشم الحسيني والدكتور أمين الحافظ والمرشح الأرثوذكسي موريس حبيب فاضل.

معركة الضرائب

إلاّ أن معركة الضرائب الجديدة، فتحت آفاقا في الصراع الانتخابي ولا سيما بعد فوز الوزير السابق أشرف ريفي بمعظم مقاعد بلدية طرابلس، وبروز التيارات الاسلامية المتطرفة في العاصمة الشمالية. مما يجعل التحالفات السياسية متشابكة وعنيفة وأحيانا تختلط فيها الصراعات العائلية بالصراعات الطائفية والسياسية.

صحيح، ان الجماعة الاسلامية تتصدر الواجهة السياسية للعناصر التكفيرية، بيد ان هذه العناصر تبقى أقرب الى التحالف مع تيار المستقبل قبل سواه.

ويبرز على هذا الصعيد الدور الانساني والعلماني لنقيب محامي الشمال النائب سمير الجسر، وهو حليف أساسي للرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي اتكأ عليه عندما أسند اليه وزارة العدل ومن ثم وزارة التربية الوطنية، إلاّ انه لا يزال الرجل الأقوى في معركة سعد الحريري المقبلة، كما كان في المعارك السابقة، وهو نجل نائب شغل رئاسة نقابة المحامين في الشمال ولا سيما في العام ١٩٤٧، والمقعد النيابي الطرابلسي.

ويعتبر النائب سمير الجسر من أقرب الوجوه السياسية الى جانب الرئيس سعد الحريري، ويحضر معظم اللقاءات بين تيار المستقبل وحركة أمل في منزل الرئيس نبيه بري. ثمة سؤال يدور على الألسنة والوجوه: هل يكون حلف العماد عون في رئاسة الجمهورية مع الرئيس سعد الحريري، هو الوجه الجديد في معركة آتية، أم يبقى الرئيس العماد ميشال عون في انتظار نتائج الانتخابات النيابية المقبلة ليختار تحالفاته الجديدة.

المعلومات المتوافرة توحي بأن الرئيس الجديد للجمهورية، ربما ينطلق في حساباته السياسية، انطلاقا من خطابه في القمة العربية الأخيرة في البحر الميت. وبذلك يكون عنده ومعه خطابان سياسيان يمثلان عقله السياسي وذهنه المستقبلي، خطاب القسم الذي ألقاه بعيد انتخابه رئيسا للجمهورية في البرلمان، وخطابه اللبناني الذي ألقاه في قمة شرم الشيخ قبل ان يتعثر في رحاب القمة ويقع على الأرض، ثم يقف ويمشي كالمارد في عداد الوفود العربية.

وتشير المعلومات، الى ان القسم الثاني من حكمه، بعد الانتخابات النيابية المقبلة سيتّكئ على تحالفه مع الرئيس سعد الحريري، والرجل بات الأقوى داخليا وعربيا، ولا سيما بعد عودته من الأردن الى المملكة العربية السعودية مع العاهل السعودي الى حيث جذوره العائلية والسياسية.

كان المفكر السياسي العلامة طه حسين، يسلم وزارة المعارف المصرية، عندما قال ان الزعامة السياسية في أي بلد، تقوى وتضعف بمقدار ما تكون عليه الزعامة العربية. فاذا كانت هناك قوتان عربيتان متكافئتان في الدور والتأثير، فانهما تتقاسمان العرب نفوذا وتأثيرا واذا ما رجحت كفّة على كفّة أخرى، تكون الغلبة لصاحبة النفوذ الأقوى.

وما قاله طه حسين ينطبق على الواقع العربي الراهن، وعندما كانت سوريا والسعودية قوتين متكافئتين، كان العرب من ضحايا ذلك الصراع. أما الآن، وبعد انحسار الوصاية السورية عن لبنان، وخروجها من لبنان، أصبحت كفّة النفوذ في اليد السعودية.

وبعد نشوب الحرب في سوريا، أصبحت السعودية هي صاحبة القوة الأساسية، في العالم العربي، وباتت تملك وحدها قوة النفوذ والتأثير. وهذا ما يجعل الرئيس سعد الحريري، كما كان والده في عصر الملك فهد بن عبدالعزيز صاحب الكلمة المسموعة والمطاعة أحيانا.

ويقول وزير الداخلية نهاد المشنوق ان سعد الحريري هو رجل المرحلة الحاضرة والآتية، وان وجوده في رئاسة مجلس الوزراء، ووجود الرئيس العماد ميشال عون في رئاسة الجمهورية هما الكفيلان بعودة العافية والاستقرار الى لبنان، ولذلك، فقد قال أخيرا، ان بيان الزعماء الخمسة المرسل الى القمة العربية أو الموجه اليها، هو خطأ استراتيجي وقع فيه من كان يجب ألاّ يقع فيه.

ويعتقد مرجع سياسي، ان وحدة الحكم هي الطريق الفضلى الى قمة الاستقرار في الحكم، وهذا ما ينبغي ان يكون في حوزة رجلين ينعمان بقوة الشعبية السياسية في بلد ديمقراطي، يقف فيه القادة السياسيون عند أبواب التغيير الحاصل لا محالة.