IMLebanon

الفراغ الرئاسي لا يمنع باريس من تسليح الجيش

تجدّد فرنسا التزامها بأمن لبنان واستقراره وباستمرار مشاركتها في «اليونيفيل» في الجنوب، من خلال الزيارة التي بدأها، أمس، الى لبنان وزير الدفاع الفرنسي جان ـ إيف لودريان الذي سيشرف قبل ظهر اليوم على تسليم قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي الدفعة الأولى من الأسلحة الفرنسيّة المندرجة في إطار الاتفاق الثنائي مع المؤسسة العسكرية اللبنانية وبتمويل سعودي قدره 3 مليارات دولار (أقرّ في العام 2013 بطلب من العاهل السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز).

يرافق لودريان وفد فرنسي من وزارة الدفاع بالإضافة الى ممثلين عن شركة «أوداس» الفرنسية ومسؤول تنظيم البرنامج. ومن المقرر أن يحضر احتفال اليوم في مطار بيروت، بالاضافة الى لودريان وقهوجي، وزير الدفاع اللبناني سمير مقبل، سفير السعودية علي عوّاض عسيري والسفير الفرنسي باتريس باولي.

عملية التسليم الأولى ستليها ثانية بعد قرابة الشهر وستأتي دفعات جديدة تمتدّ على مدى 4 أعوام بحسب ديبلوماسي فرنسي واسع الاطلاع.

وعمّا تردّد عن أنّ أسلحة الدفعة الأولى كانت مودعة في مخازن الجيش الفرنسي، أي أنها مستخدمة، قال الديبلوماسي الفرنسي الذي آثر عدم الكشف عن إسمه ان 95 في المئة من الأسلحة الفرنسية حديثة، لكن بعض السلاح يودع أحيانا في المخازن من دون أن يعني ذلك أنه غير صالح»، لافتا النظر الى أنّ «هذا الأمر مألوف في التعاون العسكري».

وأشار الى أنّ الدفعة الأولى تضمّ صواريخ فعّالة هي 48 صاروخ «ميلان» وسواها من العتاد، أما الأسلحة الثقيلة، فستصل لاحقا عبر شحنات متتالية لأنها تحتاج الى تصنيع في المعامل العسكرية الفرنسيّة، ومنها مصفحات وزوارق حربية وطوافات، مشيرا الى أنّ التعاون الفرنسي يتضمّن تدريب عسكريين وضباطا لبنانيين ويشمل القوات العسكرية البرية والجوية والبحرية (سبع سنوات)، كما سيؤمن الفرنسيون صيانة المعدات العسكرية في اطار المنحة السعودية لمدة عشر سنوات.

وقال الديبلوماسي الفرنسي إنّ هذا التعاون «متفق على تفاصيله مع قيادة أركان الجيش اللبناني، أما فرنسا فقد لبّت ما طلبه الجيش من عتاد، وبالتالي، فإن ما سيتسلمه لبنان هو بناء على قرار لبناني ـ فرنسي مشترك وسيؤدي الى تجديد القسم الأكبر من مخازن الجيش اللبناني أي بنسبة 95 ٪ وسيشمل مكوّنات الجيش كلّها».

وهل من شروط معينة تضمّنتها العقود مع الجيش؟ يجيب الديبلوماسي الفرنسي: «لا شروط البتّة إلا تقوية الجيش ليحافظ على سيادة لبنان وسلامة أراضيه».

وعن ضغوط إسرائيلية لمنع تزويد لبنان بأسلحة متطورة (طائرات مزودة بمنصات لإطلاق الصواريخ، وصواريخ أرض ـ جو) قال إن جوهر القرار هو لبناني ـ فرنسي ولا تدخلات من أحد، «ومهما كانت أفكار الآخرين، فإننا لبّينا طلبات الجيش كما أرسلها لنا والهدف الأول تمكينه من مكافحة الإرهاب». وأوضح أنّ الأسلحة الفرنسية هي «حصرية بالجيش ولا تشمل الأجهزة الأمنية الأخرى».

ونفى الديبلوماسي الفرنسي ما يروّج من أنّ جزءا كبيرا من الهبة سيخصص للتدريب وليس للتسليح قائلا: «هذا غير صحيح، الجزء الأكبر من الهبة السعودية مخصص للتسليح بحسب ما طلبه الجيش وثمّة جزء بسيط للتدريب».

وعن مواءمة السلاح الفرنسي للسلاح الموجود لدى الجيش اللبناني وخصوصاً أن غالبيته سلاح أميركي، قال الديبلوماسي «يعود التعاون الفرنسي مع الجيش إلى زمن طويل، ولن تكون ازدواجية في الأسلحة، أما التنسيق في استخدام العتادين الفرنسي والأميركي، فمسألة تعود الى الجيش اللبناني».

وعلّق الديبلوماسي الفرنسي على الفراغ الرئاسي الذي سيمنع رعاية رئاسية لتسليم دفعة العتاد الأولى للمؤسسة العسكرية اللبنانية بقوله «نكرر الدعوة مجدّدا الى انتخاب رئيس، هذا هو موقف فرنسا وهو يلاقي إجماعا كليا من الدّول الدّاعمة للبنان وفي مقدمتها الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدّولي، وهذه رسالة وجهها سفراء هذه الدول أثناء زيارتهم الأسبوع الفائت الى البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي».

ويضيف: «هذا موقف ثابت، لكنّ فرنسا لن تنتظر انتخاب رئيس للجمهورية لكي تساعد الجيش اللبناني وتدعمه. صحيح بأنّ المؤسسات اللبنانية كلّها تعيش بلا رئيس، لكنّ ذلك لن يمنعنا من مساعدة لبنان وخصوصا مؤسسته العسكرية».

وعن إمكان حدوث فراغ حكومي وتحوّل الحكومة الحالية الى تصريف الأعمال، قال الديبلوماسي الفرنسي: «نأمل أن تكون الحكومة قادرة على اتخاذ القرارات اللازمة التي تحثّ اللبنانيين على الإجماع والاتفاق حول العناصر الأساسيّة لحماية لبنان».

الجدير ذكره أن لودريان سيلتقي رئيس المجلس النيابي نبيه برّي ورئيس الحكومة تمام سلام ونظيره اللبناني، ويتفقد الكتيبة الفرنسية العاملة في اطار «اليونيفيل» في الجنوب حيث يوجد حوالي 900 جندي وضابط فرنسي يعملون في إطار قوات الطوارئ الدولية في رسالة فرنسية متجددة بدعم كامل للبنان وخصوصا على الحدود وضدّ الإرهاب وبالتزام فرنسا بعملها في إطار «اليونيفيل» على حد تعبير الديبلوماسي الفرنسي.

وينظّم السفير الفرنسي باتريس باولي مساء اليوم في «قصر الصنوبر» حفلا على شرف لودريان والوفد المرافق.