IMLebanon

رئاسيات

في الآونة الأخيرة، ولا سيما بعد ثلاثية طاولة الحوار الوطني، واحتدام المعارك في حلب بين المعارضة والنظام، واستخدام روسيا إيران قاعدة لانطلاق طائراتها لقصف حلب بالقنابل العنقودية، والتحرك الأميركي بعد الاشتباكات بين جيش النظام والاكراد، كثرت التكهنات والسيناريوات حول مصير الاستحقاق الرئاسي، وستكثر أكثر كلما اقتربنا من الخامس من أيلول الموعد الذي حدده رئيس مجلس النواب نبيه برّي لإلتئام الطاولة مجدداً ومتابعة البحث في صيغة تسوية للأزمة الرئاسية تقوم على السلة الواحدة، فهناك فريق يرى ان لا انتخابات رئاسية في لبنان قبل التوصّل إلى حل ما للأزمة السورية التي دخلت مرحلة جديدة، يمكن ان يُطلق عليها مرحلة الدخول في تسوية، وذلك بعد التقارب الروسي – التركي – الإيراني، وبعد غض الطرف الأميركي عن سياسة الأرض المحروقة التي تمارسها روسيا في حلب بهدف قلب المعادلة لمصلحة النظام، على حساب المعارضة التي نجحت في مرحلة ما من استعادة المبادرة في حلب والسيطرة على خطوط الامداد التي وقعت في وقت سابق وبدعم روسي في يد جيش النظام.

وفريق ثانٍ يعتقد بالإضافة إلى المتغيّرات الميدانية على الساحة السورية، ان حل أزمة الاستحقاق الرئاسي في لبنان رغم ارتباطها الوثيق بالأزمة السورية، تنتظر الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية وفوز مرشحة الحزب الديمقراطي التي في حال فوزها ستسرع المفاوضات مع الروس والاتراك والايرانيين للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية على ان لا يكون مكان لرئيس النظام السوري بشار الأسد في المرحلة النهائية من التسوية، وهو ما عبر عنه وزير خارجية تركيا في كلامه بعد زيارة الرئيس أردوغان إلى روسيا ومصالحته مع الرئيس بوتين.

وثمة فريق ثالث يرى ان الحل للأزمة الرئاسية يتوقف على قرار يتخذه حزب الله الغارق حتى اذنيه في أزمة الإقليم بالافراج عن رئاسة الجمهورية والنزول إلى مجلس النواب بمرشحه العماد عون وترك الخيار للهيئة العامة لمجلس النواب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

اما الفريق الرابع فينتظر ما ستؤول إليه مفاوضات الأطراف اللبنانيين على طاولة الحوار التي ستعود إلى الانعقاد في الخامس من الشهر المقبل، ومصير السلة التي يقترحها الرئيس برّي للافراج عن الاستحقاق الرئاسي، وسط انطباع عام بأن مصير تلك الجلسة لن يكون أفضل من مصير الجلسات الثلاث التي عقدتها طاولة الحوار في أوائل الشهر الحالي والتي غاص فيها أركان طاولة الحوار في حوار عقيم حول من يكون أولاً انتخاب الرئيس أم قانون الانتخابات المركزية الإدارية أم مجلس الشيوخ وما بين الأربعة تناقضات تصل إلى حدّ الاستحالة.

وهذا الفريق يعتبر أن الأزمة الرئاسية لبنانية أكثر مما هي إقليمية وخارجية مهما كان تأثيرهما على مجريات الوضع الداخلي، ويرى هذا الفريق ان السبب الرئيسي والأساس للابتعاد عن الحل هو حزب الله الذي يربط انتخاب الرئيس في لبنان بالجمهورية الإيرانية وطموحاتها التوسعية في المنطقة العربية، كونه أصبح شريكاً اساسياً في المعركة التي تخاض حالياً لرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد من اليمن إلى العراق فسوريا وبقية الدول العربية، ولا يعنيه الوضع اللبناني وتأثيرات استمرار الأزمة الرئاسية على مساره العام الذي حذر منه حليف الحزب الرئيس نبيه برّي ووصف لبنان في ظل استمرار الأزمة بأنه على مفترق طرق.

يبدو من سياق ربط الأمور بعضها ببعض ان لا انتخابات رئاسية في لبنان قبل الوصول إلى تسويات كاملة لأزمة المنطقة بصرف النظر عن الدور الذي يستطيع الفرقاء اللبنانيون لعبه لفصل الأزمة الرئاسية عن أزمات استحقاقات المنطقة.