IMLebanon

وقائع سبقت وثيقة الوفاق وحدثت بعدها ورافقت الإغتيالات

وقائع سبقت وثيقة الوفاق وحدثت بعدها ورافقت الإغتيالات

حرب الشارع وتحفظات مضادة في ظل حكومة المصلحة

ولقاء سري في الديمان من دون إعلان او اشارة

الحوار حول موقع رئاسة الجمهورية، طويل، طول الأزمات، عميق، وعمق القضايا المعلقة على مستقبل غامض. وإذا كان البطريرك الحالي مار بشارة بطرس الراعي قد بدأ بطرح القضية في الديمان، مع النائب والوزير السابق سليمان فرنجيه، في بداية انتقاله من بكركي الى الديمان، فإن سلفه البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، اخذ وقتاً طويلاً في طرح المسألة، بين روما وبكركي والديمان.

وبين اقدام الرئيس العماد ميشال عون، على نقل الموضوع من الصالونات الى الشارع، أو احجامه، بغية إفساح المجال امام تسوية، تتعقد، ولا تظهر، وإتساع المناقشات بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، فان التفاهم بين التيار والقوات، قد يمهد لولادة توافق صعب، وقريب بين الجنرال والحكيم على إفساح احدهما الطريق للآخر ليستولي على الموقع الاول في الجمهورية. ولو طال الوقت بضعة أسابيع او اشهر.

الكاردينال صفير يعرض في كتابه حارس الذاكرة الوقائع، وما يقول انها حظيت بمباركة البابا يوحنا بولس الثاني. وثمة في هذا المجال، دور كبير مثله رئيس مجلس النواب يومئذٍ السيد حسين الحسيني.

وليس غريباً الآن، ان يضطلع الرئيس نبيه بري، بمبادرة لدى الكاردينال الراعي لمصلحة مرشح ثالث، يبقى هو المرجح لاحتلال موقع الرئاسة الأولى في الوقت المناسب لان الرجل المقصود هو الوزير السابق جان عبيد، الذي يحرص على البقاء، بعيداً عن الاضواء، لكن الظروف تجعله الرجل المناسب للمواقع المناسبة، وفي الوقت المناسب.

وبين حروب الشوارع، التي بدأها منتصف الاسبوع الفائت، الرئيس العماد ميشال عون، والتحفظ على مثل هذه الخطوة، من قبل الرئيسين نبيه بري وتمام سلام، فإن احتمال التوافق على المرشح الثالث، بات الاقرب الى النضوج، خصوصاً وان الأحداث أوعزت عمق التنصل من اسماء فاقعة وابرزت اسماء مشهود لها بالحنكة والحكمة كالاستاذ جان عبيد الاقرب منالاً، والاقوى احتمالاً، نظراً لوجود ترويكا دولية واقليمية مشمولة باحترام دولي وعربي شامل.

وهذا ما يجعل الارادة المشار اليها، تراهن على مساع لا بد من ان تظهر لاحقاً.

كيف كانت تجري الحوارات بين الكاردينال صفير والفاتيكان والرئيس حسين الحسيني وعبره مع سوريا، وهو ما ينقله في كتاب حارس الذاكرة الكاتب جورج عرب.

في الاول من تشرين الثاني عام ١٩٨٩، يقول البطريرك صفير ان الرئيس الحسيني اتصل به، ليخبره بعزمه على تعيين جلسة يوم السبت في الرابع من تشرين الثاني لانتخاب رئيس الجمهورية كما اتصل بالموفد العربي الأخضر الابراهيمي، ليقول له انه قابل العماد عون، وانه باقٍ على موقفه المعارض، وان الاعداد للإنتخابات جار. ويورد ان الرئيس السابق لجمعية مصارف لبنان عبد الله الزاخم زار الرئيس فرنجيه والعماد عون، وهو يرى ان يعود الرئيس السابق للجمهورية الى الموقع الذي شغله سابقاً، لكن العماد عون ظل صامتاً.

في ذلك الوقت غادر النواب الطائف، وتفرقوا بين العواصم الأوروبية، ويروي الكاردينال صفير، ان الدكتور البير مخيبر زاره، بعد مباحثات مع العماد عون، الذي أبلغه انه مصصم على حل مجلس النواب، وان الدكتور مخيبر صارحه بتأييده لمواقف الجنرال، لان كل لبناني مخلص مع سيادة وطنه كاملاً، كما هو موقف العماد عون، الا ان الكاردينال ينقل عن السفير الليبي عاشور الفرطاس انه اكد له قلقه من لجوء العماد عون الى حل مجلس النواب، لان تصرفه سيقود حتماً الى تقسيم لبنان.

في ٤ تشرين الثاني قام السفير البابوي كارلو بوانتي بزيارته بحضور نائبيه ابو جودة والراعي، وابلغه ان الفاتيكان ضد حل المجلس النيابي، وتقسيم لبنان، وان ساعة الحقيقة قد دقت، وانه مع انتخاب رئيس للجمهورية ومع مؤسسات دستورية.

وتبلغ البطريرك من السفير البابوي انه طلب من العماد عون ان يعمل شيئاً ليعود عن قراره، لكنه كان قد حل مجلس النواب صباح ذلك اليوم.

ويورد الكاردينال صفير، ان النائب بطرس حرب اتصل به من باريس، وسأله عما يمكن عمله، لان النواب لا يزالون في العاصمة الفرنسية بعد عودتهم من الطائف.

حاول أحمد الغزالي وزير خارجية الجزائر الاتصال بالكاردينال صفير فلم يفلح، لكن الاتصال تم عبر الاب الياس كميد الذي نقل الى البطريرك الماروني تحيات الرئيس الشاذلي بن جديد الذي تمنى علينا العمل على اجراء مصالحة بين اللبنانيين، بما لنا من سلطة معنوية على ما قال. وابدى استعداده لتفعيل كل نصيحة نمدّه بها، واكد لنا ان الرئيس الجزائري اتصل بالرئيس الاسد، وشدد على سيادة لبنان، وعلى خروج الجيش السوري منه. ويضيف البطريرك صفير، ان ذلك كان رداً على قولنا له، ان الكثير من اللبنانيين كانوا يتمنون، لو ان الوثيقة التي وُضعت في الطائف، قد حملت من الدقة ما يُطمئن اللبنانيين الى سيادتهم على أرضهم، فأجاب بانه لم يكن بالامكان الذهاب الى ابعد مما كان وان سيادة لبنان باتفاق اللبنانيين جميعاً.

ويروي الكاردينال صفير ان العماد عون اتصل به هاتفياً، يسأله عما إذا كان النواب قد اتصلوا بنا، وما اذا كانوا قد سافروا الى باريس، او قرروا من ينتخبون رئيساً، فاجبناه: انا لا أعرف شيئاً عن هذا الموضوع.

يوم الاثنين الواقع فيه ١٦/١١/١٩٨٩ تدفقت الوفود الشعبية على المقر الصيفي في الديمان، وكان الرئيس سليمان فرنجيه وحفيده سليمان طوني فرنجيه في طليعتهم واستنكروا ما حدث في بكركي.

واتصل الرئيس المنتخب رينه معوض هاتفياً ببكركي ثم بالديمان وجاء قرابة الظهر هو والرئيس معوض.

وقد اختلينا بالرئيسين فرنجيه ومعوض لفترة من الزمن.

وتوالت، كما قال البطريرك، زيارات الشخصيات وفي مقدمتها المفتي قباني، الشيخ محمد مهدي شمس الدين، عبد الامير قبلان وجاء ايضاً الرئيس الدكتور سليم الحص، ويواصل صفير روايته:

عقدنا اجتماعا مع المطارنة الموارنة في الديمان. وأصدرنا بياناً تناول الحالة الراهنة، وهنّأنا الرئيس الجديد، ودعوناه الى التفاهم مع العماد عون، وطالبنا بالحرية والمحافظة على الديمقراطية.

وتوالت الوفود والشخصيات: نقابة محامي طرابلس، وفد من طورزا، وبان وبشرّي برئاسة الشيخ حبيب كيروز. نقل الينا سفير فرنسا هاتفياً رسالة من وزير خارجية بلاده في مناسبة الاعتداء على بكركي.

ويقول البطريرك انه عرف ان السوريين لا يسهلون على الرئيس الجديد، تشكيل حكومته العتيدة. ذلك انهم يفرضون عليه اسماء لا يمكنه أخذها في حكومته مثل الشهيد ايلي حبيقه. ويتابع: ان السوريين كانوا ضد وثيقة الطائف، لكنهم يريدون ان يظهروا امام العرب، بمظهر الموافقين عليها، وان يلقوا وثيقة تفشيل مؤتمر الطائف على العماد عون.

ويقول صفير ان موقف السيد عبد الحليم خدام لدى زيارته للرئيس معوض أكد له ذلك. ويتابع:

الملك والرئيس

ووصلت الى الديمان معلومات، تفيد بذهاب الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى الرياض، لمقابلة الملك فهد، ويطلب اليه التدخل في القضية وتسهيل امر تشكيل الحكومة الجديدة.

وفي رأيه ان الرئيس سليم الحص لن يتمكن من تأليف الحكومة.

وارسل الرئيس الحص، الدكتور حسن صعب لاستمزاجنا ما يمكن عمله، لاشراك ممثلين عن المنطقة الشرقية في الوزارة.

ويورد صفير انه زار زغرتا في مسعى لدى الزعيم اللبناني لتسهيل تشكيل الحكومة العتيدة، وكبح جماح المداخلات السورية في هذا الأمر.

ويتابع عن زيارته للرئيس فرنجيه:

زرناه في زغرتا نحن والمطرانان سعادة وابي صابر تتقدّمنا سيارة درك من ثلاثة انفار. وكان هو ورامز الخازن وانطوان الهراوي. ودار الحديث على الحالة الراهنة، واختلينا ربع ساعة، وهو يرى انه لا بدّ من تشكيل حكومة.

قرابة الساعة الثامنة دعينا الى مكالمة هاتفية من بكركي لأمر هام. وكان المتكلّم المطران ابو جودة فقال: فاجأنا العماد عون بزيارة، وهو يريد أن يتكلم معك، ويقول انه يجب أن تعود الى بكركي والله والشعب يحميك، وهوذا العماد يريد ان يكلّمك. وقال العماد: أنّا ننتظر عودتك الى بكركي قريباً والله وشعبك يحميك. فقلنا له: شكراً، أنّا نأسف لما حصل، وقد عرفنا ان دولتك كذلك أسفت له. وتابعنا قائلين: سنرى متى نرجع، والمهم ان يعود الشعب الى بعضه. فقال: لن يكون إلاّ ما تريد فنحن بأمرك. وقلنا ان شاء الله خير. وانتهت المكالمة.

وفي نشرة أخبار الساعة التاسعة من المؤسسة اللبنانية للارسال، روت المذيعة ان العماد ميشال عون زار بكركي واستقبله المطرانان ابو جودة والراعي وزار الكاردينال في جناحه وزار أيضاً السفارة الباباوية. وأوردت أيضاً ان بكركي ليست حلوة من دون البطريرك وان الله والشعب يحميه، وانه هو على استعداد لاجراء الواجب.

وجاءنا هاتف الرئيس رينه معوّض من اهدن: للقاء سري مع البطريرك في الديمان.

وقال لنا ان سفير اميركا مكارتي سيأتي الى اهدن ليقدّم أوراق اعتماده، وانه طلب ان يزورنا نحن والرئيس فرنجيه، فرحبنا به. وأضاف الرئيس رينه معوض قائلاً: أريد ان ألتقيك في الديمان يوم الأحد بعد الظهر انما من دون إعلان، وكرّرها مرّتين دون اعلان فرحبنا به أيضاً.

جاء السفير الاميركي مكارتي من اهدن حيث قضى ليلته لدى الرئيس رينه معوض. ونقل الينا أسف الرئيس بوش والحكومة الأميركية لما حدث في بكركي. وقال لنا انه طلب من سمير جعجع اتخاذ موقف من العماد عون وقبول مقعد وزاري. وبعد المقابلة أدلى بتصريح قال فيه انه جاء ليقدّم احترامه لنا، وان ما حدث في بكركي يختصر الفترة العصيبة التي يمر بها لبنان. وكان قد وصل في الثامنة الا ثلثاً ونزلنا الى الكنيسة في التاسعة وعشر دقائق. وقال انه يبحث عن مكان يقيم فيه: في الغربية أو في الشمال وربما في البترون.

وبرزت مفاجأة مفادها ان وجود نية لتأليف ترويكا جديدة من الجزائر وفرنسا والفاتيكان لتحسين وثيقة الطائف في ما خص السيادة.

وقد نقل هذه الأفكار السفير الجزائري الذي حمل تحيات الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد.

وعقد لقاء بين البطريرك صفير والنواب جورج سعاده وادمون زق وبيار حلو. وقال الكاردينال ان سعادة قال له ان العماد عون وقّع اتفاقاً اعلامياً مع وسائل الاعلام في المنطقة الشرقية، يقضي بأن لا يذاع الاّ ما يوافق عليه.

وفيما خصّ تأليف الوزارة، فأن الامر يتوقف على جورج سعادة الذي اذا قبل تشكّلت. ويقول سعادة ان الرئيس الحصّ ترك لهم المجال لاختيار من يريدون من المسلمين والمسيحيين.

الا ان الخبر المفجع، والذي كان بمثابة كارثة وطنية كبرى، هو اغتيال الرئيس الشهيد رينه معوض بانفجار سيارة مفخخة هو وسبعة عشر مواطناً بينهم ستة من زغرتا، وذلك لدى خروجه من القصر الحكومي اي من وزارة الداخلية الآن.

ويتابع صفير روايته:

قضينا طوال النهار في استقبال الزائرين. وأراد كمال عازار ان يرانا على حدة ليقول لنا ان العماد عون يريد أن يرانا، لكنه لاسباب أمنية لا يمكنه أن يأتي الى بكركي، وتمنّى ان نلتقيه في مكان محايد. فقلنا له: ليختر مكانين او ثلاثة، ونحن نذهب لرؤيته في احدها. واختلى بنا كذلك، الاستاذ جوزيف حريصاتي، مدير غرفة رئاسة الجمهورية، وتمنّى علينا ان نسعى مع النواب المسيحيين لاقناعهم بالانتظار بضعة أيام، قبل انتخاب خلف للرئيس معوّض. وقلنا له: ما الهدف؟ قال: لعلّ هناك مجالاً للتفاهم بينهم وبين العماد عون.

هذا، كله تم ليل الجمعة – السبت في ٢٤ – ٢٥ تشرين الاول، في بارك اوتيل شتورا بمشاركة ٥٣ نائباً نال منهم الياس الهراوي ٤٧ صوتاً.

وأردف صفير:

حضر البطاركة حكيم وكسباريان وبيداويد، والمطران منصور والسفير البابوي بوانتي، وناقشنا الوضع، والتهديدات التي اطلقها الهراوي باقتحام قصر بعبدا خلال ٤٨ ساعة. وكلفنا المطران ابو جوده الانضمام الى المطرانين جورج اسكندر واندره حداد، لزيارة الرئيس الهراوي، اتمنى عليه، الا يحسم عسكرياً، امر القصر الجمهوري فوراً.

الا ان السيد داني شمعون، كما قال البطريرك، ابدى تصميمه على خوض الحرب ضد الهجوم على بعبدا، ووصف النواب بانهم لا يمثلون شيئاً. وطلب فرصة شهرين للتبصر في حل الأزمة، ومعرفة كيفية ايجاد مخارج لائقة.

ويبدو ان النائب نهاد بويز قد زار البقاع وعاد من زيارة الى ابلح حيث التقى الرئيس الياس الهراوي ونقل الينا تحياته. ومما قاله: ان الرئيس سيضطر ان لم يستلم قصر بعبدا الى الاستقالة، وسيستشيرك بالامر، فماذا بامكانك ان تعطيه كمشورة، وقد يكون آخر رئيس ماروني؟ وحتى الآن يبدو ان السوريين يقولون له، انهم على استعداد لمساعدته لدخول بعبدا بالوسيلة التي يراها مناسبة، لكنه لا يريد ان يستخدم القوّة لاخراج العماد عون من قصر بعبدا. وهو ينتظر ولكن الى متى يمكنه أن ينتظر دون أن يسقط؟

ووسط تلك التطورات، تلقى الفاتيكان نص وثيقة الطائف، وسألنا المطران سودانو عمّا إذا كان درسها وما هو رأيه فيها، فأجاب: نحن لا نوافق ولا نشجب. قداسة البابا أعطى مبادئ واضحة وعلى اللبنانيين وهم مستقلّون بالغون راشدون ان يوافقوا او لا يوافقوا.

وأخبرنا عن الرئيس الهراوي، الذي زاره في أبلح، وهو يعيش في ثكنة أو في بيت لاحد الضباط قرب الثكنة. ويحوط البيت ثلاثة صفوف من العسكر للحراسة، ويمنع عليه حتى فتح الشبابيك هو وامرأته وسكرتيرته فقط. وأما الوزراء فغائبون عنه. وليس في بيت سكنه في المعلّقة غير ابنته.

ويقول صفير انه زار البطريرك الكلداني روفائيل بيداويد مع المطران بشارة الراعي البطريرك الحالي في دارته الفخمة في عين سعاده، فاستقبلنا وهو يرتدي العباءة العربية الموشاة على أطرافها بالخيوط الذهبية مع أمين سرّه وأمين سرّ مجلس الاساقفة الكلداني، وجاءت شقيقته ووالدته، وعمرها ٨٦ سنة ولا تزال على وعيها. وقال لنا عندما تسأل عن عمرها تقول: اني أكبر البطريرك بعشرين سنة.

وبعد ذلك زارنا رئيس الرابطة المارونية شاكر ابو سليمان، وابدى اعجابه والمحامي جورج جبر رئيس الإتحاد المسيحي الديمقراطي ونائبه النائب البروفيسور فيليب الخازن، وابدوا مواقف تتعاطف مع العماد عون. الا ان الثلاثة، كما يقول البطريرك صفير شددوا على ان نسعى الى تقريب وجهات النظر بين العماد عون والقوات اللبنانية، وكل منهما يحشد حوله الناس اظهاراً لما يتمتّع به من قوّة، ولكن المطلوب حلّ القضية اللبنانية وازالة الحالة التقسيمية بايجاد مخرج للعماد عون ليتخلّى عن السلطة واتاحة المجال للرئيس الهراوي للمجيء الى بعبدا. وهذا غير ميسور في الوقت الحاضر. وقد أذاع صوت الجبل ان هناك مشروعاً تقسيمياً يقضي بانشاء أربعة أقضية في المنطقة الشرقية: جبيل وكسروان وبيروت الشرقية والمتن واجراء انتخابات نيابية، ووضع اليد على أرزاق الأوقاف، وحمل البطريرك على تبنّي المشروع وان رفض يعملون على ازاحته. هل هذا المشروع واقع؟

في ١٩ كانون الاول ١٩٨٩، جاء من روما المونسنيور الهاشم، وهو احد ابرز التراجمة عند البابا. ليعالج مسألة ما تردد عن امتناع الحبر الأعظم عن استقبال وزراء خارجية اللجنة العربية الثلاثية، ونقل الى البطريرك صفير اخباراً تسري في حاضرة الفاتيكان، ومفاده انه سعى بكل امكاناته لانتخاب رينه معوض رئيساً للجمهورية.

وعن امتناع قداسة البابا استقبال وزراء خارجية دول اللجنة العربية، قال: ان سفير السعودية تلفن مساء السبت للمطران سودانو وطلب مقابلة، والسبت تخلو الدوائر من الموظفين، فعيّن له موعداً مع الكاردينال كازارولي، وأمّا البابا فقال لهم انه سيرى ما اذا كان سيكون له من الوقت ما يسمح له باستقبالهم. وكانت الضجّة المعروفة، وكان أحرى بهم أن يطلبوا موعداً للمقابلة بواسطة سفيريهم الجزائري والمغربي حسب الاصول لدى الفاتيكان، واما السفير السعودي فهو معتمد لدى الكويرينال ولا سفير للسعودية لدى الكرسي الرسولي.

وقد أعلنت وسائل الإعلام ان قداسته سيستقبلهم قبل الرابع والعشرين من الجاري. وأعلنت انه ستشكّل لجنة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي وفرنسا لمساعدة اللجنة العربية لحلّ قضيّة لبنان، وهذا هو التصوّر الذي أرسلناه الى الفاتيكان عبر السفارة الباباوية في لبنان.

ويوم الخميس زار المحامي محسن سليم البطريرك صفير، وابلغه ان رئيس الحكومة الفرنسية ميشال روكارد، طلب منه ان يسأل البطريرك الماروني ما يمكن أن تفعله الحكومة الفرنسية، لمساعدة لبنان على الخروج من أزمته، وأجابه البطريرك صفير، بانه ربما إذا ما تشكلت لجنة من فرنسا والاتحاد السوفياتي والفاتيكان والولايات المتحدة، او على الاقل بموافقة هذه الاخيرة لمعاونة اللجنة الثلاثية العربية، قد يكون في ذلك مخرج، اي ان تطلب هذه اللجنة من سوريا برمجة انسحابها من لبنان، وتطلب من العماد عون التخلّي عن السلطة بأن تحفظ له مخرجاً مشرفاً. وقال ان القرار ٤٢٥ لم يؤخذ لينفّذ واسرائيل باقية في مكانها. وزار المطران Raffru وكاهنان ونائب عمدة Metz: البطريرك الماروني للإطلاع على ما حصل في بكركي، وموقف عون منه. وقد تناولوا طعام الغداء على مائدتنا مع المطران خليل ابي نادر، وشعرنا ان السيد Faudon كان يرغب في معرفة ما حدث في بكركي، ولماذا صار الاعتداء عليها.

وعقد اجتماع للمطارنة الموارنة في جوّ هادئ وألمحنا الى ما نخشى ان يتسرّب من تصدّع الى صفوف الكنيسة، من جرّاء انتقادات يوجهها بعض رجال الدين الى الرؤساء.

وسأل سيادة المطران خوري عن علاقة بكركي ببعبدا وقال: يجب ان لا يكون هناك فتور وهذا يعتبر احراجاً للمطارنة، وعاب على المطارنة الموارنة انهم لم يذهبوا الى بعبدا يوم أعلن العماد عون انه يستقبل المهنئين في مناسبة رأس السنة، ولما طلبنا منه ان يذهب مع مطران واثنين لزيارة العماد عون، اعتذر بحجة انه لا يريد ان يلفت النظر اليه لئلا ينعكس ذلك على ابناء أبرشية صور من قبل مواطنيهم الشيعة.