IMLebanon

برنامج عمل  للحكومة ومجلس النواب

قد يبدو البيان الصادر عن اللقاء التشاوري نسخة موسّعة عن البيان الوزاري لحكومة استعادة الثقة، مع تركيز أكثر على المسألة الميثاقية وعلى الشق الاقتصادي والنفطي، كما عن إصلاح السياسة والادارة والقضاء، متجاوزا المسائل الخلافية المزمنة، كالاستراتيجية الدفاعية، والسلاح المتفلّت والسياسة الخارجية المتعددة الاتجاهات والأهواء.

والراهن ان التشاوريين هم أهل الحكومة نفسها، ولا جديد بالنسبة اليهم اذا كان البيان التشاوري استنساخا، أكثر تفصيلا من البيان، خصوصا وان غايته الحصول على الثقة المتجددة من المرجعيات الحزبية للوزراء، بدل الذهاب الى مجلس النواب مجددا، بغاية تزخيم عمل الحكومة التي هي في الأساس حكومة انتخابات، حتى لا تتغطى بمهمتها الأساسية هذه، وتبقى بلا نتاج حتى أيار الانتخابي المقبل.

ومن هنا كانت رؤية البعض لمجموعة الأهداف التي تمخّض عنها اللقاء، من بديهيات العمل الحكومي الصرف مع تأكيد المؤكد بالنسبة الى رفض التوطين المعبّر عنه في الفقرة الثانية الموصية بمنع التلاعب بالهوية الديموغرافية وضرورة صونها تشريعيا، اقامة وانتشارا ومواجهة أي محاولة لتثبيت جماعات غير لبنانية.

وفي الشق الميثاقي الذي تحفظ الدكتور سمير جعجع على البند الأول فيه معارضا بشدّة، المسار المفضي الى تشكيل الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية السياسية، فضلا عن رفضه مداخلة أحد المشاركين، الداعي الى التنسيق مع النظام السوري من أجل تسريع عودة اللاجئين، معتبرا ان لا وجود لحكومة في سوريا ولا دولة سورية، داعيا الى مقاربة هذا الملف عن طريق المنظمات الدولية.

والراهن ان الشق الميثاقي، عدا ما تحفظ عليه الدكتور جعجع، ليس فيه جديد، على ما ورد في البيان الوزاري للحكومة وخطاب القسم. وقد أضيفت عليه بعض الكلمات من جانب المشاركين.

وتوضح مصادر رسمية ان اللقاء التشاوري، ليس بديلا عن مجلس الوزراء أو مجلس النواب، بل هو برنامج عمل مرحلي، الحكومة تنفذ الأمور التي تعنيها، ومجلس النواب يشرّع ما عليه تشريعه من مشاريع قوانين، أو مراسيم تطبيقية لقوانين تنتظرها للتنفيذ.

في الشق الاقتصادي تحدث البيان عن خطة اقتصادية شاملة وموازنة يتعين إقرارها، مع تصحيح تدريجي لما اعترى هذا الانتظام من شوائب، تعليق اصدار الموازنات منذ ٢٠٠٥، بسبب عدم التوافق على قطع الحساب ولا شك ان الموازنة أولوية الأوليات، اذا كان المرتجى انتظام مالية الدولة، وثمة أمر آخر لافت، هو اشراك القطاع الخاص عبر اقرار القانون لذلك، وهذا ما ينعش قطاعي الكهرباء والاتصالات، اضافة الى احياء المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي دخل في غيبوبة أهل الكهف مع العديد من المؤسسات الرسمية الرقابية خصوصا، الأمر الذي أتاح للفساد غزو الوسط السياسي وعبره كل الادارات الرسمية تقريبا.

ويتحدث البيان عن الكهرباء ٢٤ على ٢٤ وعن الثروة المائية الاقتصادية وعن الاتصالات، وكلها أمور يفترض ان تكون من تحصيل الحاصل، وصولا الى الثروة البترولية البحرية، وضرورة استثمارها حسب البرنامج الموضوع لها هذه السنة…

والراهن ان الكثير من التطورات السياسية والانتخابية ارتبطت بسلّة استثمار الثروة البترولية البحرية هذه…

يبقى الشق الاصلاحي، الذي يتحدث بيان اللقاء عن شموله السياسة والمؤسسات والقضاء والادارات كافة، والاعتقاد ان الاصلاح هو أسهل المهمات، اذا ما توفّرت الارادات، لكن البدايات المشهودة، لا تشجع، لا على صعيد التعيينات ولا على صعيد التشكيلات، فالمحاصصات هي البكتيريا القاتلة لكل ادارة، والمناقصات آفة المشاريع، خصوصا اذا اقترنت بالتراضي.

والرئيس سليم الحص، قال مرة ردا على سؤال حول مشاريع مجمّدة في عهد حكومته، ما معناه، انه يتجنّب تنفيذ بعض المشاريع لأنه غير قادر على كبح جماح الفساد، لذلك لا تنفيذ، حتى لا يكون هناك فساد وهدر للمال العام.

لكن لا بأس بالمحاولة، وربما تسنّى للعطار ان يصلح ما أفسده الدهر؟!.