IMLebanon

«برتوكولات حكماء قُمْ» -2

تجاوزت سياسة الوقاحة الإيرانية كلّ الحدود بأمريْن شكّلا حدث اليوميْن الماضييْن، الأوّل الدعوة التي وجّهها مسؤول جيش الباسدار الإيراني ـ والذي لم يلحظ الخبر ذكر اسمه ـ إلى إغلاق قنصلية المملكة العربية السعودية في أربيل، وتولّت حكومة إقليم كردستان العراق الردّ بشدة على هذه الدّعوة الوقحة… أمّا الأمر الثاني فتعيين إيران مجرم حرب بكلّ معنى الكلمة هو العميد ايرج مسجدي سفيراً لها في العراق!! وعلّق وزير شؤون الخليج ثامر السبهان، في تغريدة له على هذين الأمرين بالقول «إن إيران تعين مجرم حرب ومطلوباً دولياً سفيراً لها في العراق، ويطالبون بإغلاق القنصلية السعودية في أربيل… لم نسمع أي تعليق عراقي! سيادة حقيقية شاملة».

سبق وكتبنا في نيسان العام الماضي تحت نفس العنوان «بروتوكولات حكماء قُم» عن كتاب بروتوكولات آيات قُم، الذي وضعه الدكتورعبدالله الغفاري وهو يقع في فصول أربعة هي؛ الفصل الأول: خطط العدوان على الحجاج الآمنین الفصل الثاني: خطط العدوان على بیت الله الحرام. الفصل الثالث: الأنواع التي يخصونها بالقتل والإعتداء، الفصل الرابع: من أساليبهم التي يمارسونها في الإعتداء كلما لاحت فرصة.

يوم توقفنا عند ما نقله الغفاري عن الخميني في كتابه «الحكومة الإسلاميّة» [ص 48]: «اليوم – في عهد الغيبة – لا يوجد نص على شخص معين يدير شؤون الدولة، فما هو الرأي؟ هل تترك أحكام الإسلام معطلة؟ أم نرغب بأنفسنا عن الإسلام؟ أم نقول إن الإسلام جاء ليحكم الناس قرنين من الزمان فحسب ليهملهم بعد؟ أو نقول إن الإسلام قد أهمل أمور تنظيم الدولة؟ ونحن نعلم أن عدم وجود الحكومة يعني ضياغ ثغور الإسلام وانتهاكها، ويعني تخاذلنا عن أرضنا، هل يسمح بذلك في ديننا؟ أليست الحكومة يعني ضرورة من ضرورات الحياة»!!

هذه الاستعادة لها ضرورتها، لننقل واحداً من فصول الكتاب إلى القارىء، على الأقل كتب العقيدة والفقه الإيراني عبارة عن مجموعة وثائق تُدين هذه الدولة وتؤكد خطورتها الإرهابيّة والتكفيريّة، ومن المفيد للقارىء أن يطّلع على أبرز ما تضمنّه كتاب الغفاري من وثائق مهمة هي الوثيقة الرابعة وهي الأهم، لأنّها نقلت ما سُمّي بـ»الخطة الخمسينية» لتصدير الثورة الإيرانية إلى الدول العربية، قال الخميني: «إنّ الذي لا يصدّر الثورة يُعتبر من الكفرة». (بروتوكولات آيات قُم ص 76)، وسُمّيت الخمسينيّة أي مدتها لخمسين سنة، قُسّمت على خمس مراحل كلّ مرحلة مدتها عشر سنوات، وقبل شروعهم في سرد مراحلهم صدّروا الكلام بذكر عدوّهم الحقيقي والوحيد فقالوا: «لأنّ الخطر الذي يواجهنا من الحكّام الوهابيين وذوي الأصول السنّية أكبر بكثير من الخطر الذي يواجهنا من الشرق والغرب؛ لأنّ هؤلاء (الوهابيين وأهل السنّة) يناهضون حركتنا وهم الأعداء الأصليون لولاية الفقيه والأئمة المعصومين».

وفي هذه المراحل يجري العمل على الآتي، وللمفارقة، هو ما يحدث اليوم ونراه بأمّ العين يحدث على الأرض السوريّة: «توطين الشيعة رسميّاً في مناطق السُنّة، وبمرور الزمن تؤخذ إدارات المدن والمراكز من المواطنين السابقين من السنّة دون ضجيج، وسلب الدول السنيّة أركان ثباتها، وهي (قوّة السلطان والعلم والمعرفة وقوة الاقتصاد)، وإيجاد الخلاف بين الحكام والعلماء، مع النظر إلى الفئات المكوّنة للدولة وكيفية استغلالها، والاستيلاء على التجارة، ونشر الفساد الأخلاقي لينغمس فيه معظم المواطنين؛ فيحارب العلماء هذا الفساد وفي هذه الحال لابُدّ من استثارة علماء السنّة الوهابية ضدّ هذا الفساد مما يدفعهم لبعض الأعمال التي ستكون سبباً في سوء ظنّ الحكّام بجميع المتدينين مما ينمو عنه الحقد والنفرة بين العلماء والحكّام ويفقد أهل السُنّة الوهابية حماية مراكزهم الداخلية، ولن يكون لهم حماية خارجية إطلاقاً، ووسط هذه البيئة ترسّخ الشيعة صداقاتها، ويتوجّب على بعض مشايخها المشهورين في البلاد أن يعلنوا ولاءهم ودفاعهم عن حكّام هذه البلاد ويبرزوا التشيّع كمذهب لا خطر منه عليهم، وفي هذه البيئة أيضاً تتردّى الأحوال الاقتصادية فلا بُدّ لرؤوس أموالنا وتجارنا من الانسحاب وإرسال جميع أرصدتهم إلى بلدنا؛ وبهذا فإنهم سيرحبون بمواطنينا، ويمنحونهم التسهيلات الاقتصادية للاستثمار؛ وبهذا سيكون مواطنينا وعملاءنا وحدهم حُماة السلطة والحكم؛ وبهذا يمكننا بسهولة بالغة أن نَشِيَ بالمخلصين لدى الحكّام على أنّهم خونة؛ فيطردون ويستبدلون بعناصرنا، وفي هذه الفترة سيفرّ كثير ممن أحسّ بالظلم لنأخذ نحن منهم أملاكهم بنصف قيمتها، وأخيراً سيكون الجو مُهيئاً لأننا أخذنا منهم العناصر الثلاثة (الأمن، والهدوء، والراحة)، والهيئة الحاكمة ستبدو كسفينة وسط طوفان مشرفة على الغرق، تقبل كلّ اقتراح للنجاة بأرواحها. وفي هذه الفترة سنقترح تشكيل مجلس شعبي لتهدئة الأوضاع، وسنساعد الحكام في المراقبة على الدوائر وضبط البلد، وسيحوز مرشحونا على معظم كراسي المجلس؛ مما يكون سبباً في فرار التجار والعلماء وحتى الخدمة المخلصين.

وقالوا تطميناً لأنفسهم وعملاءهم: «لا تفكروا في أن خمسين سنة تُعدّ عمراً طويلاً؛ فقد احتاج نجاح ثورتنا خطة دامت عشرين سنة». وللحديث أيضاً تتمّة.