IMLebanon

قنبلة اللاجئين تفجّر التعليم الرسمي!

بات التعليم الرسمي في لبنان قادراً على استيعاب نحو 200 ألف تلميذ سوري لاجئ، وفق ما أُعلن أخيراً على لسان ممثلي الجهات المانحة و”اليونيسيف” ووزارة التربية. جرى الحديث عن تمويل إضافي للبنان ليتمكن من استيعاب المزيد من التلامذة اللاجئين في مدارسه الرسمية، بعدما كان استطاع توفير التعليم لـ100 ألف لاجئ العام الفائت، وذلك من أصل نحو 500 ألف لاجئ سوري في عمر الدراسة، وهو ما رتّب أعباء كبيرة على الخزينة وضغطاً على التعليم الرسمي ومدارسه التي لم تتسلّم صناديقها عن العام الماضي كامل مستحقاتها من مساعدات الكتب والتسجيل للبنانيين والسوريين، فكيف ستتمكن من مواجهة التدفق الجديد مع مجانية الكتب والتسجيل للسنة الجديدة؟ وماذا يحل بالتعليم الرسمي ذاته ومدرسته التي تعاني مشكلات كبيرة؟

لعل المشكلة الأبرز وربما الأخطر، تتمثل في أن الحديث عن التعليم الرسمي يتجدد ويظهر من مدخل قضية اللاجئين، إذ لا أحد يهتم بمصيره ومستقبله فيما مدارسه تعاني من تراجع مستمر في المستوى، في غياب الرعاية التي تهتم بها وتعطي الأولوية لحقوق المعلمين وتطوير المناهج والتركيز على المستوى بعد تأمين المتطلبات الضرورية لاستمرارها، من تجهيزات ومختبرات، وقبل ذلك رؤية للتطوير. فها هي المدرسة الرسمية لا تحظى برعاية واهتمام كافيين، على ما نشهده من ضعف في الأداء وتراجع في التحصيل وعدم تدريب المعلمين للمواد الأساسية، ثم إعادة فتح باب التعاقد مجدداً بحجة اللاجئين والإقبال الذي تتحدث عنه الوزارة فقط، وتخلط بين إقبال اللاجئين وطلباتهم للتسجيل وبين إقبال اللبنانيين الخجول على تسجيل أبنائهم في المدارس الرسمية، حتى أن بعضهم يفضل مدرسة خاصة دون المستوى أحياناً على إلحاقهم بالمدرسة الرسمية. ولأن أعداد اللاجئين في المدارس الرسمية باتت تساوي تقريباً أعداد اللبنانيين أو أقل بقليل، فقد بات ذلك يستدعي وقفة من وزارة التربية واستنفاراً للوقوف على ما يمكن أن يؤول إليه وضع المدرسة الرسمية في ظل القرارات التي تقول باستيعاب جميع اللاجئين، وإن كانت الإمكانات لا تسمح هذه السنة باستقبالهم جميعاً، ذلك أن هذه القرارات فيها الكثير من التسرّع، وتنعكس تداعياتها سلباً على المدرسة الرسمية، طالما أن الأولوية لدى المعنيين ليست للتعليم الرسمي. فالمكابرة أمام المجتمع الدولي لاستيعاب كل اللاجئين شرط تأمين الدعم والتمويل سترتّب مشكلات كبرى ليس في إمكان لبنان تحمّلها، إذ كيف يستطيع تأمين التعليم لـ500 ألف لاجئ مع كل الأزمات التي يعانيها في مؤسساته التعليمية وغير المعنية بالتعليم مباشرة؟ ولماذا لا يُترك الأمر للجهات المانحة لتتولى تأمين متطلبات تعليم اللاجئين؟ خصوصاً إذا عرفنا أن التعليم المشترك للبنانيين والسوريين على أساس المنهاج اللبناني مع تزايد أعداد المتعاقدين، يجعل المستوى في حالة يرثى لها، إلا إذا كان الهدف إغراق المدرسة الرسمية في مزيد من الأزمات!