IMLebanon

مأزق النسبية والستين:  أي مخرج ممكن؟

دقت ساعة الحقيقة في الامتحان الانتخابي المؤجل: لا مهرب من اللعب على المكشوف في تحديد المواقف من قانون الانتخاب المطلوب. والفضل يعود لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي أعلن بصراحة وقوفه ضد التيار الجارف في مديح النظام النسبي. وهو ليس الزعيم الوحيد الذي قرأ النسبية في كتاب الواقع الحالي الطائفي والمذهبي في لبنان والمنطقة، ورأى فيها تهديدا لزعامته وموقع طائفته ودورها التاريخي في الوطن الصغير. لكن سواه من الذين تخيفهم النسبية حاولوا السير مع موجة النسبية والمزايدة على المتحمسين لها على أمل ان تحدث معجزة تنقذهم من الخسارة.

وليس ما فعله مجلس نيابي طويل العمر مدّد لنفسه دورة كاملة وقضى سنوات في الدوران حول قوانين الانتخاب سوى فضيحة مجلجلة بأجراس. فما بدأ به وانتهى اليه هو اللاتفاهم على أي مشروع قانون: لا نسبي ولا أكثري ولا مختلط. وما حال دون أي تفاهم على الرغم من كثرة المشاريع وتنوعها هو الرغبة في ضمان نتائج الانتخابات سلفا عبر تركيب القانون. فالعنوان الذي يستخدمه الجميع في الخطاب هو البحث في قانون عصري يضمن التمثيل الشعبي السليم والصحيح. والمضمون العملي الذي يضمره معظم الزعماء هو ما يراد له ان يمثل الشعب وليس ما يريده الشعب لتمثيله.

ذلك ان لبنان لم يمارس في انتخاباته النظام الأكثري كما هو في الأنظمة الديمقراطية البرلمانية في العالم المتقدم. ولا خبرة له في النظام النسبي الذي يتصور كثيرون انه العلاج الشافي من أمراض النظام، ويرى الخائفون منه انه مجرد أداة في أيدي أحاديات طائفية مضمونة لإضعاف أحاديات أو ثنائيات غير كاملة في طوائف أخرى. وليس قانون الستين والقوانين التي سبقته سوى أسوأ أنواع النظام الأكثري وأخطرها. إذ أساس النظام الأكثري هو الدوائر الصغيرة، لا الدوائر المتوسطة والكبيرة حيث اللوائح والبوسطات والمحادل. وكما في الأكثري كذلك في النسبي: لا انتخابات حقيقية ان لم يكن الناخب هو المواطن الفرد الحر وليس البلوك الطائفي أو المذهبي أو الاتني أو القبلي.

واذا كان التمديد مرفوضا ولو تقنيا، ومواعيد الانتخابات حتمية في أيار، فان المطلوب هو البحث عن مخرج من مأزق مزدوج: اللاتفاهم على النسبية، واللاعودة الى قانون الستين. وما دام النظام الأكثري هو الأمر الواقع، فلماذا لا نختار الدوائر الصغيرة؟ كيف؟ إما بالتقسيم الجغرافي للدوائر المتوسطة والكبيرة، وإما بتحديد عدد المرشحين الذين يستطيع الناخب التصويت لهم: واحد أو اثنان أو ثلاثة؟ ثم ماذا عن الكوتا النسائية المطلوبة في قانون جديد؟

الوقت ضاق على المناورات.