IMLebanon

تجدد المواجهات في عرسال.. تحرير أراض أم رسائل؟!  

 

هناك عديدون على قناعة بأن توقيت فتح معركة جرود عرسال فجر أمس وما يقابلها في الجانب السوري.. لم يكن مفاجأة، ولم يكن عبثاً او محاولة اثبات وجود، بل هو متلازم مع جملة تطورات خارجية، وداخلية من بينها على سبيل المثال لا الحصر، ما آلت اليه الحروب ضد «داعش» و«النصرة» واخواتهما في الداخل العراقي والسوري، وما يقتضيه ذلك في الواقع اللبناني..

لم تكن القيادات السياسية والعسكرية اللبنانية غائبة عن تلك التطورات وقد حفل الاسبوع الماضي وما قبله بجملة رسائل من «حزب الله».. وعلى الرغم من ذلك، فقد كان مفاجئاً ان لا يكون الجيش اللبناني شريكاً في ما حصل يوم أمس، لا في صناعة القرار ولا في العمليات، ولا في التنسيق.. وان كانت بعض وسائل الاعلام أشارت الى ان الجيش اللبناني استهدف مجموعة إرهابية حاولت الفرار من الجرود باتجاه عرسال البلدة..

قد يكون ما حصل مادة اضافية تضاف الى جملة المآخذ على «حزب الله» لجهة قرار السلم والحرب وزج لبنان في معارك ذات طابع اقليمي أكثر منه محلي لبناني.. إذ ليس من شك في ان تطورات ما حصل في المحيط الاقليمي، في العراق وفي سوريا، وأدى الى «تضييق الخناق» على «الجماعات الارهابية» الاساسية، أعاد لبنان الى الواجهة من جديد، على خلفية ان هذا البلد يبقى «الخاصرة الضعيفة» يتسلل منها واليها المسلحون.. خصوصاً وان لجوء هذه الجماعات الى جرود عرسال والقاع وراس بعلبك عند السلسلة الشرقية المحاذية للأراضي السورية كان من أحد أبرز السيناريوات التي كشفت عنها المعلومات التى أدلى بها موقوفون لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية.. «لكن ليس كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن»..

الحديث عن «ساعة الصفر» تواصل خلال الأيام الماضية، فكانت بدايتها فجر أمس، خصوصاً وأن الاستعدادات العسكرية من الجانب اللبناني بلغت الذروة وتعززت أكثر، معنوياً وسياسياً بمواقف رئيسي الجمهورية والحكومة العماد ميشال عون وسعد الحريري وبزيارة قائد الجيش العماد جوزيف عون قبل أيام الي المنطقة وتفقده الوحدات العسكرية ووقوفه على استعداداتها وتأهبها للمواجهة المتوقعة.. وقد كان ذلك مؤشراً على ان القرار اللبناني – الرسمي السياسي والعسكري لتحرير جرود عرسال وسائر الجرود من المسلحين قد اتخذ، وان «ساعة الصفر» كانت مع اكتمال الاستعدادات العسكرية، ومع «التنسيق» مع «حزب الله» (رغم نفي القيادة العسكرية أي تنسيق) بهدف استئصال الشذوذ من الجرود، على ما قيل..

وبعيداً عن تفاصيل المواجهات التي حصلت وحجم الأضرار والخسائر في صفوف المسلحين، والى أين يمكن ان تصل وتقود، فإن قرار اخراج المسلحين من الجرود بات واقعاً وفي توقيت لافت يتقاطع مع مسألتين:

– الأولى: زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى الولايات المتحدة على راس وفد رسمي، سياسي – مالي – عسكري، للقاء مسؤولين أميركيين في طليعتهم الرئيس الاميركي دونالد ترامب..

– الثانية: عشية جلسة يعقدها مجلس الأمن الدولي في شأن بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان، حيث كانت السفيرة الاميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هالي حذرت إثر اجتماعها بالممثلة الشخصية للأمين العام سيغريد كاغ، من «ان «حزب الله» يعزز ترسانته من الأسلحة..» مطالبة المجتمع الدولي «بإيلاء أنشطة «حزب الله» الاهتمام اللازم والضغط عليه لنزع سلاحه والكف عن سلوكه المزعزع للاستقرار.. خصوصاً تجاه «إسرائيل»، على ما قالت هالي التي «شددت على وجوب ان تبدي «اليونيفيل» التزاماً تاماً في التصدي للتهديد الذي يشكله «حزب الله»..».

التحذيرات الاميركية جاءت عشية زيارة الرئيس الحريري لواشنطن.. وهي لحظة تاريخية بالنسبة لعديدين.. وستكون هذه المسألة حاضرة في اللقاءات التي ستجري مع القيادات الاميركية، خصوصاً وأن «حزب الله» لم «يبيض سجله» بعد مع الادارة الاميركية وقد وضعته في أعلى قائمة المنظمات الارهابية، وهددت لبنان بسلسلة اجراءات وعقوبات مالية جرى العمل على ارجائها بالنظر لما يمكن ان تحدثه من تداعيات سلبية لا يحتملها هذا البلد وهو يمر بظروف سياسية – اقتصادية – مالية أمنية بالغة الدقة وضاغطة..

حتى اللحظات الأخيرة، كان البعض يؤكد ان  المعركة في جرود عرسال مستبعدة، كما في سائر معابر السلسلة الشرقية.. وذلك على الرغم من تشديد «حزب الله» على ضرورة تطهير الجرود نهائياً من المسلحين سواء من «داعش» او «النصرة»، خصوصاً وان «المفاوضات التي جرت لتوفير انسحاب المسلحين الى الداخل السوري تعثرت ولم تمضِ في طريقها..».

قد يكون من السابق لأوانه الحديث عن نتائج نهائية لمعارك «تطهير جرود عرسال» وغيرها.. إلا ان الواضح ان هناك العديد من الانهيارات في صفوف المسلحين.. والجيش اللبناني يتعامل مع كل هدف على حده، ويوفر مظلة آمنة للعائلات المدنية للخروج من المناطق المستهدفة، خصوصاً وأن ما حصل، قد يرتد سلباً على صورة الجيش في الخارج وعلى وتيرة المساعدات التي يتلقاها او تلك الموعود بها، وستكون مادة أساسية في لقاءات الرئيس الحريري مع القيادات الاميركية تماماً كمسألة النازحين والأعباء التي يتحملها لبنان، وهي فوق قدراته..

ليس من شك في ان تأكيد الرئيس الحريري ان «جيشنا مسؤول عن القتال عند الحدود وداخل الأراضي اللبنانية».. وان لا تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري، قد يوفر ارتدادات اقليمية أقل، ويساعده في لقاءاته الاميركية..

احتمال المواجهة لم يكن مستبعداً.. ولم يسقط نهائياً من حسابات عديدين، لكن السؤال يبقى الى متى وما هي النتائج التي سيحصل عليها لبنان على رغم الاعلان عن ان «النصرة أخلت مواقعها وتحصيناتها في وادي حميد وان القسم الأكبر من جرود عرسال بات بحكم الساقط»..