IMLebanon

جمهورية التوازن  أم صراع المحاور؟

ليس أهم من ملء الشغور الرئاسي سوى اعادة إحياء الجمهورية. أولا بالعودة الى احترام الدستور. وثانيا باعادة الاعتبار الى السياسة بمعناها النبيل كفن لادارة شؤون الناس، وهذا حاليا ملغى بسطوة القوة والعصبيات. وثالثا بترتيب العلاقات بين اللبنانيين في اطار التوازن المبني على وزن لبنان وترتيب علاقاته الخارجية مع دول المنطقة والعالم.

ذلك اننا نتعامل مع الدستور باحدى طريقتين: إما أن نضعه على الرفّ، وإما أن نعتبره قطعة عجين قابلة لكل شكل. فالشغور الرئاسي على مدى عامين ونصف هو أعلى المراحل في رفض الاحتكام الى الدستور. ولم يكن ممكنا إقناع الذين يقاطعون الجلسات المخصصة لانتخاب رئيس بأن ما يفعلونه مخالفة للدستور والديمقراطية وليس حقا ديمقراطيا يكفله الدستور كما قيل. والجدل الحالي حول الجلسة المقبلة التي سيكتمل نصابها بعد التفاهم على انتخاب العماد ميشال عون، هل هي جلسة لدورة ثانية تكمل دورة أولى في نيسان ٢٠١٤ أم جلسة لدورتين، تدار حسب المصلحة السياسية كأن الدستور قطعة عجين؟

ولا مرجع لتقديم الكلمة – الفصل بين الآراء. فلا المجلس الدستوري يملك صلاحية تفسير الدستور بعدما سحبها المجلس النيابي من مشروع قانون انشائه. ولا من السهل على المجلس النيابي الذي أعطى الصلاحية لنفسه الاتفاق على رأي واحد. وليس هناك خبير يأخذ الجميع تقريبا بفتواه مثل ادمون رباط والسنهوري.

ولا بأس في ان نفاخر بشيء من اللبننة في عملية ملء الشغور، مع ان في الدفاع عن خيار العماد عون أحاديث عن قبول أو عدم ممانعة عواصم اقليمية ودولية. لكن المهم هو ألاّ يقود نوع اللبننة الى عزل لبنان عن محيطه العربي. ففي حروب سوريا والعراق واليمن صراع بين المحور الايراني والمحور السعودي. والقوى الأربع التي التقت على خيار الجنرال، بعضها محسوب على المحور الايراني وبعضها الآخر على المحور السعودي.

والسؤال هو: الى أي حدّ تستطيع هذه القوى أن تتفاهم في لبنان على سياسة واحدة، وسط الاحتدام الكبير في صراع المحاور قبل حلب والموصل وبعدهما؟ وما هو مفهوم تحييد لبنان عن الأزمة في سوريا حسب التفاهم بين عون والحريري، وسط مشاركة حزب الله العسكرية في حرب سوريا؟

من الصعب تجاهل الانطباع السائد ان ما حدث هو تسليم بانتصار محور على آخر. والظاهر ان المحور الايراني المنتصر يرى مصلحة له في تجنّب الحديث عن الانتصار. لكن التحدّي الكبير أمام عون والحريري، بشكل خاص، هو تأكيد القدرة على التوازن في علاقات لبنان الاقليمية. وما يبدأ بالخطاب يحتاج يوميا الى امتحانات عملية.