IMLebanon

خلوة للكتائب اليوم… هل تعيد بناء الجسور؟

«مات الملك عاش الملك» مقولة تتردد على الالسنة اثر تغيير الحاكم او الامير او رئيس البلاد وهي باتت قاعدة ذهبية في بعض الاحزاب اللبنانية. مناسبة هذا القول حالة اشمئزاز يعيشها عدد من الكتائبيين المعارضين لنهج الرئيس الجديد لحزب «الكتائب اللبنانية» الشاب سامي الجميل بعدما باتوا يستشعرون خطر اقتراب حزب الوطن والعائلة الى حافة الهاوية بعدما فقد الحزب هويته «الجميلية الحقيقية» واستحصل على جنسية حركة «لبناننا» وهي تخالف في توجهاتها ومسارها المدرسة الجميلية يضيف المعارضون، التي اسسها الشيخ بيار الجد وانتقلت الى الرئيس الشهيد بشير الجميل الذي بذل دمه دفاعاً عن المدرسة التي كانت لها تضحيات.

منذ ما قبل الاستقلال حيث كان لعميدة الكتائبيين السيدة جنفياف دور في احتضان العلم اللبناني عام 1936 ناهيك بالمد الناصري الذي ساهم حزب الكتائب في ايقافه عام 1958 ولعل الاخطر ما حصل عام 1968 يوم حاولت الحركة الفلسطينية المسلحة تقويض عهد الرئيس الراحل سليمان فرنجية حيث كانت الكتائب بالمرصاد ودفعت الغالي من الدماء على صعيد العائلة الصغيرة للجميليين وعلى صعيد الحزب ككل الذي ولدت من رحمه «القوات اللبنانية».

ويضيف المعارضون : رغم كل الازمات التي عصفت بالحزب لناحية تغيير مساره الحقيقي بقي وهجه يضيء في الاقسام الكتائبية من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، فأين نحن من الانتصارات التي حققها الوزير الشهيد بيار الجميل عندما اعاد الحياة الى الاقسام الكتائبية على مختلف مساحة الوطن بعد ضمورها والتي ربما كانت من احد اسباب اغتياله؟

ويتابع المعارضون : رغم اغتيال الشهيد فقد بقينا على العهد والوعد وفاء لدمائه كيلا تذهب هدرا ولن نتخلى عن دورنا لان ليس لاحد الحق في اجبار حزب الكتائب على التخلي عن دوره بسبب سوء تقدير وطرح افكار بعيدة عن منهج الحزب والباسه ثوباً لا يليق بتاريخه، لان ما يحصل سيؤدي الى انهيار الحزب بعد «المجزرة» التي ارتكبت ضد من رافق الكتائب منذ بداياتها وكادت جدران قاعات البيت المركزي في الصيفي تصرخ مطالبة بعودتهم وهي التي اعتادت سماع القرارات المصيرية التي كانت تهز الشارع المسيحي.

ويردف احد المعارضين الى ان الخلوة التي سيعقدها المكتب السياسي برئاسة النائب سامي الجميل اليوم، والتي سيكون الرئيس امين الجميل الغائب الابرز عنها وهو امر ارتضاه لنفسه ان يكون خارج المعادلة بعدما تخلى عن دوره لمصلحة نجله الذي اقصى اكثرية المعارضين لنهج «حركة لبناننا» التي باتت الدستور الجديد للحزب وبالطبع لم يعد هناك ما يسمى بالحرس القضي , فالمصلحة تحكم الانسان.

وعن مقترحات المعارضين والعناوين الاصلاحية الكبيرة التي يطرحونها لإعادة  الحزب الى السكة الصحيحة يرى المصدر انه في البداية يجب النظر الى الرؤية السياسية للحزب الذي يعيش وضعاً مأزوماً، فهو من ادخل نفسه في عنق الزجاجة،  وبالطبع فان اللائمة تقع على الحلقة الاستشارية التي تحيط برئيس الحزب والتي تفتقر الى الخبرة في الحياة السياسية والحزبية فهم انتقلوا من تجمع على مستوى صغير الى حزب عريق معتبرين ان خبرة 8 سنوات في «حركة لبناننا» يمكن ان تكون لهم جواز عبور الى المجال الاوسع لاجراء تغييرات في حزب لم يستطع احد منهم اطفاء وهج انوار الشهيد بيار الذي كان «لولب» الحزب من حيث الطريقة التي اعتمدها لتوسيع مساحة انتشاره عبر افتتاح بيوتات جديدة له على مساحة لبنان، والدليل على عدم رغبة الكتائبيين الحديثي العهد ما كان يرد على لسان الرئيس الحالي يوم كان خارج معادلة الحزب حين كان يصفه بالحزب الاقطاعي، وانه قد حان الوقت لادخال شعارات حركتهم الى  الصيغة وميثاق الـ43  الذي شاخ في نظرهم وهم الذين يحلمون بالفدرالية والتغيير، لكنهم لم يتنبهوا الى ان السياسة في لبنان هي عمل براغماتي يحتاج الى وقت طويل لاقناع الرأي الاخر.

وبالعودة الى فقدان المظلة الاساسية لهذا الحزب بعد تنحي الرئيس الجميل عن الرئاسة فيرى المعارض انها اشبه بغطاء لاحد الاواني تم رفعه فتكشف ما بداخله الى العيان وهذا الامر سرع عجلات الانهيار الحزبي فرغم الانتقادات التي كانت توجه الى الرئيس الجميل يبقى له وهجاً لا يمكن اخفاؤه لناحية خبرته الطويلة في العمل السياسي وتمرسه عندما كان في سدة الرئاسة اضافة الى علاقاته الشرق اوسطية والدولية.

وهنا يصمت المعارض ليعبر عن اسفه كون القرارات التي تصدر عن الحزب يقوم بها الرئيس دون العودة الى المكتب السياسي بل يقوم فقط بتبليغهم اياها بعد حصولها كل هذه الامور اوصلت الحزب الى حائط مسدود بعد ان عجز عن بناء الجسور مع مختلف الاطراف المسيحية كالتيار الوطني الحر حين تردد في اتخاذ القرار معتبراً ان الاستراتيجية تقتضي التقرب من رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ليحاول فرض نفسه كقطب ثالث وكذلك الامر مع القوات كل ذلك اعطى نتائج معاكسة فلم تنتج تحركاته اي تحالف مسيحي وحتى مع النائب سليمان فرنجية اذ ان الاتفاق معه اشبه «بزواج متعة» والخسارة الكبيرة وقعت على الكتائب، عندما قام بتضييق مساحة انتشار حزبه من «كتائب على مساحة وطن الى كتيبة على قياس لبناننا».

ويعود المعارض ليستذكر بعض المحطات عندما طلب صخرة الحزب الشيخ المؤسس بيار الذي ظل يمارس صلاحياته حتى اللحظة الاخيرة اثر استشهاد نجله بشير ان يتسلم دفة قيادة الحزب من بعده الدكتور ايلي كرامة رغم ان باستطاعته توريث الرئاسة لشخص آخر لكنه كان لديه ملء الثقة ان محبة الكتائبيين ستوصل نجله امين الى الرئاسة فيما بعد، ولكن الشيخ امين كانت له نظرة اخرى اثر استشهاد نجله حيث مهد الطريق لرئاسة الشيخ سامي وهذا القرار جائر فنحن لسنا في اطار وراثة سياسية بل نعتبر انفسنا عائلة واحدة  ولا احد يرفض وصول سامي الى رئاسة الحزب فهو يملك وهجاً معنويا اسمه «آل الجميل» كما هي الحال مع القوات التي لن تكون كما هي عليه اليوم من دون الدكتور سمير جعجع والامر نفسه ينطبق على التيار الوطني الحر».

ويعيد المعارض ليكرر ويؤكد على انهم ليسوا ضد الرئيس الجديد بل سيعملون على ايصاله ولكن ليس بالسرعة التي وصل فيها حارقاً كل المراحل والخطوات لان الحزب يحتاج الى تمرس وهو امر سبقه اليه الشهيد بيار وحقق من خلاله نجاحات فكيف له ان يقصي الذين احاطوا الشهيد بيار بعد ان اثبتت التجارب صوابية ما قاموا به بالتعاون وليس بالقرارات الاحادية والشبابية التي تفتقر الى الخبرة في العمل السياسي في ظل استحقاقات بدأت تداهمنا وابرزها الانتخابات النيابية التي ستشكل مفصلاً كون الخسارة ستقع على الحزب مهما كان شكل القانون المعتمد، فالستين لن ينجو منه كتائبي وحتى المختلط مع النسبي قد يسمح لهم بإنجاح مرشح او 2 في اقصى الحالات.

وبالعودة الى الحديث عن الخلوة الكتائبية المقررة اليوم يؤكد المعارض على المصير المحتوم لها وهو الفشل اذا ما اصر رئيس الحزب على اطلاق المواقف التي توحي انه ما زال يملك القدرات التأثيرية في الساحة السياسية كتلك التي اكد فيها انهم كحزب لا يعيرون «النيابة» اهتماماً وكأنه يضحك على نفسه موحياً ان العمل الحزبي هو نوع من جمعية خيرية وليست رؤيا سياسية لمسار حزبي طويل، لذا فان الرئيس الشاب يحتاج الى اتخاذ قرار شجاع يهدف الى التغيير للوصول الى وحدة مسيحية ووطنية فهو عندما وضع كل ما لديه في سلة الرئيس الحريري جيره دوراً كبيراً على حساب المسيحيين وهذا ما حصل حين اكد الاخير دعمه لوصول الجنرال ميشال عون وهو امر لم يكن في الحسبان وكذلك فعل النائب وليد جنبلاط بينما بقيت الكتائب خارج طاولة التحالفات المسيحية – المسيحية اولا والمسيحية – الاسلامية والوطنية، وذلك بسبب عدم وجود رؤية سياسية واضحة للحزب بل مجرد «عجرفة اوصلت حزب «الله الوطن والعائلة» الى تفكك اوصال هذا المثلث.

اما بالنسبة لحفيد المؤسس ونجل الشهيد بشير الجميل النائب نديم والذي لم يوفره ابن عمه من حملة التضييق في رأي المصدر المعارض، في الفترة التي سبقت رئاسة سامي للحزب فكانت له حصة الاسد من الحرب التي شنها الاخير على معارضيها ولا سيما ان نديم كان على وئام كبير مع قائد «القوات اللبنانية» الذي ما زال الحنين الى والده يشكل احد اعمدتها، فهو يبدو انه اختار البقاء الى جانب ابن عمه ايماناً منه ان الحزب الذي اسسه جده وترعرع والده بين جدران البيت الكتائبي وتأصلت جذوره فيه لحدود الاستشهاد داخله خلال اجتماع مع الرفاق الكتائبيين، ولكن كل ما ذكر لا يمنع ان والده اسس «القوات اللبنانية» التي سيكون مستقبل عناصرها ضمن تركيبة الدولة بعد تسلم الشيخ بشير سدة الرئاسة، وهو اكد على ذلك عدة مرات عندما قال انه لا يريد ان يكون هناك جيشان ولا موكبان بل جيش واحد وموكب واحد.

وانطلاقاً من كل ذلك يؤكد المصدر المعارض ان القاعدة القواتية ما زال الحنين يشدها الى البشير رمز المقاومة المسيحية وبالطبع سيستمر مع نجله نديم الذي رغم كل شيء لن يسمح لنفسه ان تكن القوات العداء للكتائب والعكس ايضا وقد كان كلامه واضحا منذ ايام عندما قام بزيارة تهنئة لاحد المسؤولين القواتيين حيث كان كلامه واضحاً لناحية السماح لاي انسان بالدخول لزرع الخلافات بين الكتائب والقوات.

وقد عاد المعارض بالذاكرة الى فترة انتخابات رئاسة الحزب وتحديدا قبل اسبوع من عملية الاقتراع حيث شكك النائب نديم عبر حديث لاحدى المحطات المرئية اللبنانية في شرعية الانتخابات ولو اصر على موقفه آنذاك لما اجريت تلك الانتخابات، كما انه يعمل بشكل جدي صامت داخل البيت الكتائبي على اعتبار ان الخلاف في البيت الواحد يجب ان يبقى بين جدرانه ولا يجب ان يخرج الى العلن وهو اليوم يشكل قيمة كبيرة في الحزب والوحيد الذي لديه القدرة على اعادة وصل ما انقطع مع القوات اللبنانية وهو امر ضروري لان المصلحة تحتم عدم الخروج عن الاجماع المسيحي العام، من هنا يختم المعارض كلامه مؤكداً ان امام الكتائبيين ورئيسهم تحديداً عقد خلوة تضم المعارضين والموالين للوقوف عند رأي الجميع للخروج من المأزق ومواجهة الاخطار داخلياً لناحية الهيكلية التنظيمية والتركيبة الداخلية للانطلاق الى الشأن السياسي اللبناني الوطني.