IMLebanon

«خريطة طريق» نصر الله الرئاسية… والثمن المدفوع سلفاً؟!

في كلمته الأخيرة في الذكرى السادسة عشرة لتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الاسرائيلي، وفي »عيد المقاومة والتحرير«، رسم الأمين العام لـ»حزب الله« السيد حسن نصر الله ما يمكن اعتباره »خريطة طريق« للخروج من الأزمة اللبنانية، ابتداءً من الشغور في سدة رئاسة الجمهورية الذي دخل عامه الثالث مع ذكرى التحرير.. وصولاً الى قانون انتخابات جديد، تجري على أساسه الانتخابات النيابية، تاركاً المجال مفتوحاً أمام خيار الانتخابات الرئاسية أولاً او الانتخابات النيابية..

ليس من شك في ان ما قاله نصر الله، يشكل مادة أساسية للحوار، »الثنائي« منه مع »تيار المستقبل« وبرعاية الرئيس نبيه بري، او »الحوار الوطني« الشامل سائر القوى السياسية الممثلةفي مجلس النواب.. وذلك بصرف النظر عن »الرسالة الملغومة« التي سارع الرئيس سعد الحريري ورد عليها، نافياً ان يكون »تيار المستقبل« يستهدف »الاستئثار« او شيء من هذا، وهو الذي وقع في مجلس النواب اقتراح قانون للانتخابات يعتمد النسبية والأكثرية مع »القوات اللبنانية« و»اللقاء الديموقراطي«..

في قناعة عديدين من المتابعين عن قرب لتطور الحراك والنقاشات بين عين التينة وسائر الافرقاء، فإن ما قاله السيد نصر الله لم يأت من فراغ، وإنما جاء نتيجة تراكمات من هذه الحراكات والنقاشات والمفاوضات والحوارات، التي لم تكن بعيدة عن ظروف اجراء الانتخابات البلدية. وقد كان السيد نصر الله واضحاً في دعوته قائلاً: من يريد ان ينجز الاستحقاق الرئاسي (السياسي) في أسرع وقت عليه ان يتحرك ويذهب ويناقش ويفاوض ويحاور… لكنه لم يقل مع من سيناقش ومع من سيفاوض ومع من سيحاور، وترك المسألة مفتوحة على مداها..

وانطلاقاً من دور الحزب المؤثر في »تعطيل انجاز الاستحقاق الرئاسي« وتمسكه بحليفه الجنرال ميشال عون مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية يكون وضع نصر الله »حزب الله«، وميشال عون في دائرة من يجب ان يتم النقاش والمفاوضات (التي تستلزم أثماناً) والحوار معهما؟! هذا مع الاشارة الى ان »الحوار الثنائي« بين »حزب الله« و»تيار المستقبل« لم يتوقف، وهو وان لم يحقق أي تقدم على خط بند رئاسة الجمهورية، إلا أنه في المقابل حقق انجازاً لا يمكن ادارة الظهر له في بند »تنفيس الاحتقانات المذهبية والطائفية..« في البلد، والذي ساهم في الحفاظ على الحد المطلوب من الاستقرار والأمن الداخلي..

على الخط الرئاسي لم يحقق الحوار أي تقدم، أقله حتى الآن، الأمر الذي يدعو الى الاعتقاد بأن السيد نصر الله، وهو يدرك أن »الحوار الوطني الشامل« شأنه شأن »الحوار الثنائي« لم يسجل أي تقدم يذكر في بند رئاسة الجمهورية، وبقي يدور في »حلقة مفرغة« حول »مواصفات« الرئيس العتيد التي كثرت فيها الألفاظ الانشائية.. ما يعني (وحتى لا تتكرر الحوارات حول »جنس الملائكة«) ان »خريطة الطريق« الى ذلك تكون من خارج الحوارين الثنائي والشامل، بل بفتح حوارات مباشرة مع الجنرال ميشال عون، الذي تعزز ترشحه لرئاسة الجمهورية، بانضمام »القوات اللبنانية« الى »حزب الله« بتبني ترشيح عون الذي بات في نظر »القوات« »يحظى بأوسع تأييد من المكون الوطني الذي ينتمي اليه..« على ما قال نائب »القوات« جورج عدوان الذي اتهم »حزب الله« بأنه »لا يبذل الجهد الكافي لانتخابه..« تماماً، كما يتهم الحزب »القوات« بعدم بذل الجهد المطلوب من أجل توفير وصول الجنرال الى بعبدا..

الواضح من كلام الأمين العام لـ»حزب الله«، ان ثمن »التفاوض« جاهز ولا يحتاج الى »أخذ وعطاء وكبير معاناة« على ما تقول مصادر سياسية مقربة من الحزب، والثمن هو بايجاز ما قاله نصر الله: »الانتخابات النيابية قبل، او الانتخابات الرئاسية قبل، لا يوجد مشكلة، فيجب ان تحصل كلا الانتخابات..«.

في قناعة عديدين، ان المسألة تحتاج الى بعض الوقت، خصوصاً وان اللاعب الحقيقي في خيار الاستحقاقات هو خارج الحدود.. وقد كانت لافتا حضور الجنرال عون شخصياً العشاء الذي أقامه سفير المملكة العربية السعودية في لبنان علي عواض عسيري في دارته في اليرزة الاسبوع الماضي، وحديثه عن ايجابيات رئاسية بعد عيد الفطر..

من الصعب الحديث عن تسهيلات من طرف واحد، حتى لا تعتبر تنازلات او تراجعات، ولا بد من نقلة نوعية في العلاقات الايرانية – السعودية، التي تشهد أسوأ مراحلها نتيجة السياسة الايرانية القائمة على التدخل في صلب الشؤون الداخلية لسائر دول الجوار.. لكن ذلك لن يكون، كما يرى البعض، سبباً كافيا لاستمرار الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، اذا ما رفعت الولايات المتحدة الحواجز من أمام المبادرات الفرنسية، التي لاتزال حبراً على ورق بشأن العديد من الملفات، وبالأخص الأزمة اللبنانية المتعددة العناوين والأطراف والمحاور.. هذا على الرغم من القناعة التي توافرت لدى عديدين من المرجعيات الاوروبية وخلاصتها ان »لبنان لا يستطيع ان ينتظر ايجاد حلول لمشكلات المنطقة ليجد حلاً لمسألة الشغور الرئاسي، وقد دخل عامه الثالث على التوالي على ما قالت الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسية الأمنية، ونائبة رئيس »المفوضية الاوروبية« فيديريكا موغريني، في رسالة الى اللبنانيين..

الكرة في ملعب الافرقاء اللبنانيين كافة، ولم تعد في ملعب الافرقاء المسيحيين، على ما كان يقول ويردد الرئيس نبيه بري، »ليتفق الافرقاء المسيحيون ونحن من ورائهم..« وقد تظهرت الصورة أكثر، مع الأيام، ولا بد من قراءة دعوة موغريني بدقة أكثر، حين حثت القوى السياسية اللبنانية وجميع الجهات المعنية على وضع المصالح الحزبية والفردية جانبا وايجاد تسوية قابلة للاستمرار لانتخاب رئيس على وجه السرعة..« هذا مع الاشارة الى ان »خيار عون او لا أحد« من هو مؤهل وقادر على ذلك..