IMLebanon

يستعجلون الإنتخابات ويستفسرون عن «المفاجآت»

يبدو أنّ الكلام الأخير للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصالله، والذي توعَّد فيه إسرائيل بردٍّ عنيف وبـ«مفاجآت» غير متوقعة في حال أقدَمت على أيّ عمل عدواني على لبنان، قد حرّك أسئلة قلقة واستفسارات لدى مستويات لبنانية، وكذلك ولّد شعوراً بعدم الارتياح لدى بعض البعثات الديبلوماسية الغربية في بيروت، وعبّر بعضها عن الاستهجان ممّا وصفوها النبرة العالية التي استخدمها نصرالله. وعن قلقهم ممّا تخفيه؟!

يقول مسؤول كبير إنّه لمس شخصياً من بعض الشخصيات اللبنانية، قلقاً وصفه بـ«غير المبرّر»، وبعض هؤلاء ألقى باللائمة على نصرالله، وعاد بالحديث عن قرار الحرب والسلم، واضعاً ما ورد في خطاب الأمين العام لـ«حزب الله» الأخير في خانة صبّ الزيت على النار.

يقول المسؤول نفسه: «… وأنت تستمع الى هؤلاء، تشعر أنهم ينظرون، أو ما زالوا ينظرون بعين واحدة، يرون الجانب اللبناني فقط، ولا يرون ماذا يجري في الجانب الاسرائيلي. وكلام المستويات الاسرائيلية السياسية والعسكرية ما توقّفت يوماً عن القول إنّ اسرائيل ماضية في التحضير للحرب المقبلة».

«قلنا لهم»، والكلام للمسؤول نفسه: «يا جماعة «وحّدوا الله»، دعونا نفكر لبنانياً، وبما يمكن أن نفعله لتحصين بلدنا، وكلام السيد نصرالله كلام رادع وكابح لما يمكن أن تفكر فيه اسرائيل تجاه لبنان»… لكنّهم قالوا إنّ كلامه يُعطي ذريعة لإسرائيل. ونحن سألناهم «ومتى كانت اسرائيل بحاجة الى ذريعة».

قال لي أحدهم «لقد تحادثت مع بعض معارفي في واشنطن وفهمت منه أنّ المنطقة على فوهة بركان». فقلت له: أنا أشاطرك الرأي، ودونالد ترامب «مكفّي وموفّي».

ولكن هل خطاب نصرالله هو الذي أشعل البركان أم أنّه مشتعل سلفاً والنار تحرق بكلّ المنطقة؟ على أيّ حال، هذا سبب إضافي لكي نلتفت الى داخلنا ونُحصّن بلدنا في وجه أيّ رياح إسرائيلية وغير إسرائيلية يمكن أن تهبّ عليه.

ما لفتني في كلام هؤلاء «القلقين»، كما يقول المسؤول المذكور هو تكرار العبارة ذاتها، التي سمعتها من بعض الديبلوماسيين الغربيّين. فهؤلاء الديبلوماسيون قالوا لي صراحة «خطاب نصرالله لا يخدم الاستقرار في المنطقة، ويصبّ الزيت على النار. يعني أنّ هؤلاء القلقين والديبلوماسيين يستخدمون «الزيت» نفسه، هل هي مصادفة أم زلة لسان، ام اكثر من ذلك؟

«أنا لا أخفي أنّني شعرت بقلق الديبلوماسيين» يقول المسؤول. لقد سألني احدهم بإلحاح ماذا يقصد نصرالله عندما تحدث عن «مفاجآت»… كان يريد أن يعرف ماهيتها حجماً وكمّاً ونوعاً، وعندما نفيت علمي بها شعرت أنه لم يصدقني، وعندما سألني هل تلك المفاجآت تعني أنّ «حزب الله» قد استحصل على سلاح جديد ونوعي. فقلت له: اسألوه فلماذا تسألونني أنا؟

يكشف المسؤول نفسه عن مضمون لقاءٍ جمعه بديبلوماسي غربي، أنا سألته، هل انتم متخوّفون من امر ما في المنطقة؟ فجاوبني: أود أولاً أنّ أسجّل ملاحظتين: الأولى أنّ كلام رئيس الجمهورية في ما خص سلاح «حزب الله»، في نظرنا، لم يكن موفقاً، وواشنطن شديدة الانزعاج من هذا الموقف.

والثانية، أنّ استدعاء ممثلة الامين العام للامم المتحدة سيغريد كاغ الى وزارة الخارجية وتوجيه بعض الملاحظات اليها، لم يكن عملاً صائباً، خصوصاً أنها كانت تتحدث باسم المجتمع الدولي ومنطوق القرار 1701 (كاغ غرّدت اعتراضاً على موقف عون).

يتابع المسؤول: ثمّ أضاف الديبلوماسي، ما سأقوله ليس موقفاً رسمياً، إذ إنني لا املك معطيات، بل هو تقدير شخصي:

أولاً، لا استطيع أن أؤكد ما اذا كان ترامب متهوّراً أم لا.

ثانياً: لست قلقاً على الاتفاق النووي.

ثالثاً: اعتقد أنّ هناك قراراً دولياً أميركياً غربياً عربياً، بأن لا تشعر ايران بالارتياح، بل يجب اشعارها دائماً بأنها تحت الضغط والعقوبات.

رابعاً: يبدو أنّ هناك قراراً جدياً يجري تحصينه في هذه الفترة، لضرب «داعش»، وتحديداً في سوريا.

خامساً: يبدو أنّ هناك في الغرب مَن يشعر أنّ «حزب الله» مرتاح اكثر من أيّ وقت مضى في سوريا، ولا يخوض مواجهات عسكرية في سوريا كمثل التي كان يقوم بها في مواجهة «داعش» والمجموعات الارهابية.

طبعاً هو ارتياح نتيجة ضعف الارهابيين، وبالتأكيد هناك في الغرب وغير الغرب مَن لا يريده أن يرتاح لا في سوريا ولا في لبنان، فراحته تحصّنه وتجعله يعيد ترتيب نفسه ويمدّ نفسه بقوة اضافية، وهذا بالتأكيد لن يكون مقبولاً، وسيواجَه بعقوبات.

يقول المسؤول الكبير: عندما سمعت هذا الكلام، قاطعت الديبلوماسي العربي وقلت له: طالما أنت تنطق بالحقيقة، وطالما أنت نفسك تتحدث عن عقوبات، فلماذا تقولون إذاً بأنّ السيد نصرالله يصبّ الزيت على النار؟

يقول المسؤول المذكور: صمت الديبلوماسي ولم يجب، لقد قرأت على وجهه ارتباكاً واضحاً، سرعان ما أخفاه بأن دخل معي في ما يشبه الزجل السياسي.

قال: لبنان يجب أن يبقى هادئاً مستقراً.

قلت: بالتأكيد.

قال: في يد اللبنانيين أن يجعلوه محصّناً أكثر.

قلت: أنا أؤيّدك.

ثم نقل الحديث الى مكان آخر وسألني: أين اصبحتم بقانون الانتخابات؟

قلت له: نحن نسعى جهدنا في اتجاه أيّ قانون.

قال: أنا أنصح بأن تعجّلوا، وأن تجروا الانتخابات في موعدها.

قلت: نحن نعمل جهدنا… المهم «ادعيلنا».

قال: ما هي فعالية مرسوم الوزير نهاد المشنوق؟

قلت: الوزير يقوم بواجبه… وفقاً للقانون، وسؤالك هذا حرَّك عندي هذا القول، هناك مع الأسف قانون نافذ اسمه قانون الستين، ونحن نريد تغييره، ولكن طالما لم يتغيّر بعد، فنحن ملزَمون بهذا القانون وإن سألوني ما هو المخرج وما هي جدوى المرسوم، نقلت لهم الآتي: اعمل للستين وكأنه باقٍ أبداً، واعمل لغير الستين وكأنه آتٍ غداً.. وإن شاء الله غداً لناظره قريب.