IMLebanon

سليم الحص، ضميرنا الذي يصرخ بنا… أفيقوا!

من أطلق على الرئيس سليم الحص لقب ضمير لبنان، لم يخطئ أبداً. هو ليس الرجل صاحب الضمير الذي يرفض الفعل الحرام وحسب، بل هو الضمير الذي يؤنّب كلّ من أمضى نهاره وهو يرتكب الفعل الحرام أو يسكت عنه.

سليم الحص هو الضمير الذي نحتاج إليه جميعاً في حياتنا اليومية. هو من يقول لنا كل يوم إن العيش ممكن من دون مدّ اليد الى جيوب الآخرين. وهو من يقول لنا كل يوم إن العيش جميل من دون أقنعة وقفازات. وهو من يقول لنا كل يوم إن الحياة الكريمة تتطلب نفساً كريمة لا تقبل الذل ولا الهوان. وهو من يقول لنا كل يوم إن تجاوز حقوق الآخرين، أكانوا دولة أم مؤسسات أم أفراداً، إنما هو رجس من عمل الشيطان يجب تجنّبه. ومن يقول لنا كل يوم إن الصمت عن فاعلي الشر هو مشاركة في فعل الشر نفسه.

سليم الحص، هو الضمير الذي لا يتعب، وهو الذي يقول لنا كل يوم إن الإنسان، في أي وقت من حياته، وفي أي مكان يعيش فيه، لا مبرر له لقبول الضعف أمام متجبّر طاغية. وهو الذي يقول لنا كل يوم إن السنوات مهما كانت طويلة أو قصيرة، لا معنى لها إن لم يكن صاحبها واقفاً حيث يجب أن يكون، أي حيث الحق.

سليم الحص هو الضمير الذي يعذبنا جميعاً، عندما نقف متخاذلين أمام جبروت ظالم لا نحرّك ساكناً. وهو الذي يقول لنا كل يوم ان أفيقوا، واصرخوا في وجه الجلاد رفضاً، وافهموا أن الظلم اللاحق بكم، وبقريبين منكم بصلة الدم، إنما هو نفسه الظلم الذي يلحق بإخوة لكم بصلة الهوية والثقافة، وهو نفسه الظلم الذي يلحق ببني البشر المواجهين لقهر الظالمين أينما وُجِدوا على هذه الأرض.

أمس، أعلن سليم الحص، الذي فاق عمره 87 عاماً، الإضراب عن الطعام، تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الإسرائيلي. صرخ بنا جميعاً، بصوت يتفوّق على صراخ القاهرين، بأن تنبّهوا الى عدو حاقد لم يتوقف يوماً عن قتلنا وقهرنا، ولن يتوقف حتى ولو انخرطنا في نهش لحوم بعضنا. وهو يصرخ بكل من يعتقد نفسه ناطقاً أو معنياً أو منتمياً الى هذه الأمة، أن في هذه المنطقة أرضاً اسمها فلسطين، وفوقها يعيش شعب مظلوم اسمه شعب فلسطين، ويحتلها قاهر اسمه مغتصب فلسطين، وفي سجونه، يحشر الأبناء الإخوة من أسرى فلسطين، وأن هؤلاء يحتاجون منا إلى كل فعل يساعد في خلاصهم وخلاص فلسطين.

ليس مثلك أيها الإنسان الرائع، ليس مثلك بيننا اليوم مَن يجعل آمالنا تتفوّق على خيباتنا، وليس مثلك من نسعى للتماثل مع ظله إذا أمكن، علّ الضمير الذي يسكننا يبقى يقظاً، حياً، مثل روحك الطيبة التي لا هواء يتّسع لها.