IMLebanon

مبروك لسمير جعجع

 

ما حدث ليل الاثنين الماضي حقق مصالحة تاريخية ليتها حصلت منذ زمن طويل، لكانت وفرت الكثير… لكن المهم انها حصلت، والرابح الأكبر هو من دون أي شك “الحكيم”. لماذا؟

أولا، وجهت “القوات” رسالتين مبطنتين الى الرئيس الحريري. الاولى مفادها انه اذا أردت التفرّد بتسمية فرنجيه من دون استشارة “القوات”، فنحن بدورنا نتفرّد بتسمية الجنرال من دون استشارتك. والثانية رسالة الى “تيار المستقبل”: المسيحيون يرشحون ويتفقون على مرشح، لا أنتم (ولو ان الرئيس للجميع، لكن يبقى المقعد مارونياً ويجب ان تكون الأكثرية المارونية راضية).

ثانياً، “الحكيم” ربح لانه وضع الكرة عند حليف الجنرال، “حزب الله”، وقال له: نحن دعمنا ميشال عون وأنت تدعمه، فكل ما تبقى لك ان تفعله هو إجراء انتخاب رئاسي والتصويت لحليفك وتأمين الأصوات له من حركة “أمل” وحلفائك الآخرين. فاليوم لا حجة لتعطيل الانتخابات الرئاسية، إذ اصبح للحريري ولجنبلاط مرشح هو فرنجيه، وللحزب و”القوات” مرشح، فما الذي يمنع الاتجاه الى جلسة والتصويت؟ بهذه الخطوة فكّ “الحكيم” عقدة التعطيل ووضع الكرة في ملعب المعطلين، وإن لم تجر الانتخابات سيواجههم بأنهم لا يريدون رئيساً للجمهورية ويريدون الفراغ، فحتى الجنرال لم يدعموه…

أما السيناريو الثاني فهو أن تكون النيات صافية وأن يدعموا الجنرال، وفي هذه الحالة ايضاً “الحكيم” هو الرابح لان الجنرال سيردّ له الجميل في الحكم، وإن لم يربح الجنرال في التصويت فسيُصبِح التحالف العوني – “القواتي” أكبر وأشد ويكسب الكثير في الشارع المسيحي في الانتخابات النيابية، خصوصاً أن جعجع أثبت رؤية وحنكة. وطبعاً في كل هذه الخطة دور للزميل ملحم رياشي الذي يمتلك حنكة وثقافة خولتاه بدء مفاوضات ووضع ورقة نيات مع التيار منذ فترة، لكي يأتي الوقت المناسب لاستعمال هذه الورقة الرابحة للـ “القوات”!

ثالثاً، وجّه ضربة قاضية لفرنجيه لانه وضع حركة “أمل” في حالة حرجة لا تمكنّها من ان تتخلى عن الجنرال، لان ذلك سيفسر بأن الحزب قد تخلى عنه، كما وضع حزب الكتائب في وضع حرج مسيحياً لانه لا يمكنه ألاّ يدعم أكبر إجماع مسيحي، وبهذه الطريقة يكون أضعف ترشيح فرنجيه.

رابعاً وأخيراً، كانت الرسالة واضحة: طريق “التيار” الى بعبدا تمر بمعراب، ومن كان ليقول إن ترشيح عون سيكون يوماً من معراب مع جمهور كوادر “القوات”؟

أخيراً، نحن الشباب نطمح الى تغيير الطبقة السياسية التي لم تعط لبنان شيئا كل هذه السنين إلا الشهداء والنفايات والتعطيل والفساد والفراغ. لكن رغم اقتناعنا بالتغيير والمحاسبة، لا يمكن اليوم الا التوقف عند خطوة “الحكيم” والقول إن المصالحات التي تولد أجواء إيجابية وتفاهماً بين قيادتين مسيحيتين ليست بالأمر السلبي، خصوصاً بعد كل الأوراق التي لعبت قبلها.