IMLebanon

الشكاوى السعودية تطاول «حزب الله» وسلوكياته ومواقفه  

توقف عديدون عند الاتصال الهاتفي الذي جرى أول من أمس، بين ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع السعودي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري.. والذي قد لا يكون الاتصال الأول الذي يعلن عنه، وبالتأكيد لن يكون الأخير، حيث تم خلال الاتصال «استعراض العلاقات الثنائية بين المملكة العربية السعودية ولبنان ومستجدات الأوضاع في المنطقة..».

الاتصال جرى في توقيت لافت، في ظل ظروف وأوضاع دولية واقليمية وداخلية لبنانية بالغة الدقة – ومفتوحة على العديد من السيناريوات التي تتسرب من مواقع صناعة القرارات، كما جاء متقاطعاً مع «مؤتمر ميونيخ للأمن»، الذي تصدرت فيه ايران لائحة الدول «أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم..» على ما قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير..

الشكوى السعودية من السلوكيات الايرانية ليست جديدة، وهي ليست محصورة في مكان وزمان معينين، حيث ان «التحدي في منطقة الشرق الاوسط مصدره ايران، وهي أكبر دولة راعية للإرهاب في العالم»، وجزء من تشريعها هو تصدير الثورة، وهي لا تؤمن بمفهوم المواطنة، وتريد من الشيعة في جميع أنحاء العالم ان يكونوا تابعين لها وليس لدولهم..» على ما قال الجبير، مؤكداً أن «الايرانيين يتدخلون في شؤون بلدان كثيرة ولا يحترمون القانون الدولي ويقومون بمهاجمة السفارات ويزرعون الخلايا الارهابية النائمة في دول عدة..» متهماً اياها بأنها عازمة على «تغيير الأنظمة في الشرق الاوسط..» داعياً الايرانيين الى ان «يدركوا ان ما قاموا به خلال 25 عاماً («عمر الثورة») ليس مقبولاً..» مشيراً الى «حزب الله» في لبنان.. وهنا بيت القصيد.

في قناعة عديدين، ان كلام الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، وهو الشريك في البرلمان  وفي الحكومة – وحملته على المملكة العربية السعودية التي لم تلقَ استحساناً ولا قبولاً من أفرقاء عديدين في الداخل اللبناني، جاءت بمثابة رفع السقف لاهداف يتداخل فيها الاقليمي بالداخلي اللبناني، وتعزيز أوراق الضغط بيد ايران وهي في موضع حرج بعد وصول دونالد ترامب الى الرئاسة الاميركية..

ليس من شك في أن ما يصدر عن «حزب الله» من مواقف لا يعبر عن اجماع وطني لبناني، بل على العكس من ذلك، ماضيا في سياسته التي تقوم على الاحادية وعدم الاكتراث بالاجماع الوطني المطلوب.. خصوصاً وأن لبنان يمر في مرحلة دقيقة وعلى غير مستوى وهو يواجه تحديات دقيقة واستحقاقات وطنية داهمة، من بينها الانتخابات النيابية في حزيران المقبل..

قد يكون الأمير محمد بن سلمان سأل الرئيس الحريري رأيه في ذلك، وهو رئيس حكومة كل لبنان، وقد يكون أودعه امتعاض المملكة من سلوكيات «حزب الله»، وهي الدولة التي وقفت الى جانب لبنان في كل الظروف الصعبة والدقيقة، لكن بالتأكيد لم يملِ الامير محمد على الرئيس الحريري موقفاً. وهو يعرف ان لا مونة للحريري على الحزب ولا قدره رادعة له، وهو الحزب المتهم بتلقي التعليمات من إيران التي لها عنده أولوية على كل ما عداها.

هناك العديد من الأسئلة، والتساولات حول ما ستؤول اليه الأوضاع في لبنان في ظل هذه التباينات العميقة بين مكونات الحكومة اللبنانية، وهي تباينات تتوزع بين الخارج والداخل ولبنان على أبواب استحقاق داهم يتمثل في الانتخابات النيابية، وأمام تحديات خارجية، تتمثل في ما يحكى عن سيناريوات دولية يسوق لها بهدف ضبط انفلاش ايران في المنطقة والعمل على اضعاف «حزب الله» المنشغل في سوريا ودفعه الى التراجع ووضع ضوابط قوية.. إذ ليس من شك في ان التباعد الاقليمي، بين ايران وسائر دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، ترك اثاره في الواقع اللبناني – وعديدون ينظرون الى «حزب الله» على أنه بات اداة بيد ايران، وهو الموصوف بأنه «الدولة الأقوى من الدولة اللبنانية..»؟!

دخلت «إسرائيل» على الخط.. وأتى كلام السيد نصر الله، ورد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فاصلاً وبمثابة رفع السقف بهدف دفع المراهنين على التراجع تحت الضغط الى الخروج من هذه المراهنات.. فجاءت الردود معاكسة تماماً..

الواضح حتى الآن، ان لبنان يعيش في خضم بلبلة غير مسبوقة على المستويات كافة وهو يواجه تحديات الخارج وآثار ما يجري في المنطقة من حروب وتطورات، كما تحديات الداخل الموزعة بين الانتخابات النيابية، والتماسك الحكومي وانجاز الموازنة العامة، وبدء مسيرة اعادة الثقة وبناء المؤسسات وفق الأولويات التي وردت في خطاب القسم كما في البيان الحكومي.. والرئيس عون، على ما يؤكد القريبون منه في غير وارد التراجع عن أولوياته وفي مقدمها انجاز قانون جديد للانتخابات النيابية واجراء هذه الانتخابات في موعدها.. وحتى الآن لم تفضِ الاتصالات الجارية على  غير مستوى الى اي اشارات دالة على ان لبنان يتجه الى الانفراج لا الى الانفجار.. وكل شيء موقوف على التطورات الخارجية، وما يمكن ان تؤول اليه، ما يفسح في المجال أمام البعض الى اعتماد «الحيطة الأمنية» كمبرر لارجاء الانتخابات النيابية بعدما قام وزير الداخلية نهاد المشنوق بواجباته.