IMLebanon

السعودية: اما «الستين» او «المختلط»

كشف تمسّك الوزير جبران باسيل بالقانون المختلط منقّحاً إلى جانب القوات اللبنانيّة، حقيقة الفريق الآخر بتمسكّه بقانون كان ذاك الفريق متمسّكاً وساكباً رؤيته في جوفه وحريصاً على تبويبه والدفاع عن فوائده ومعانيه. مصدر قريب من التيار الوطنيّ الحرّ كشف أسباب فشل اللقاء الرباعيّ، فهو ناتج من أنّ بقيّة الأفرقاء في لبنان، وبخاصّة من يعتبرون أنفسهم متضررين من وصول العماد ميشال عون إلى سدّة الرئاسة، يعملون بجهد كبير على تطويق العهد ورئيسه بعناوين تعيق تقدّم البلاد وتبقي أدوراهم راسخة.

لقد اعتبر هذا المصدر القريب من التيار، بأنّ الفرقاء الآخرين المؤلفين من الحزب التقدميّ الاشتراكيّ وحركة أمل وشخصيات أخرى، ظلوا في مرحلة التحضير للانتخابات الرئاسيّة يحاولون إبعاد هذه الكأس عنهم، وهم أنفسهم من حاولوا عرقلة مسعى الانتخاب في قلب الانتخاب، وهم مدركون بأنّ اللحظة الانتخابيّة حتمها الإجماع المسيحيّ مع دعم حزب الله، كما حتمتها مجموعة عوامل ترتبط بواقع سوريا وموازين القوى على أرض الواقع. وكشف المصدر بدوره، بأنّ هؤلاء ما إن قرأوا أن لا حياد عن انتخاب العماد عون رئيسًا للجمهوريّة راحوا يخططون باتجاه عرقلة اندفاعه نحو الأمام، وهو عاقد العزم على أن يقدّم للبنانيين مشروعاً جديداً للانتخابات يجعلهم وبحقّ مصدراً للسلطات بناء على مقدمة الدستور وفي الوقت نفسه يؤمّن العدالة والإنصاف لمن هتكت حقوقهم وهضمت لمراحل طويلة وجعلتهم وكأنهم مقيمون في أرض غربة. ويشي هذا المصدر عن اتصالات أجراها عدد من هؤلاء وبالتحديد بأصدقائهم الأميركيين وبالروس مستطلعين المراحل اللاحقة لانتخاب الرئيس، فجاءهم جواب واضح من الطرفين بأن لا نستطيع أن نفعل شيئًا، إدارة ترامب غير إدارة أوباما، والأميركيون قد سلّموا للروس بعض الترتيبات في دول المشرق العربيّ.

حاول هؤلاء وبحسب المصدر عينه استجماع قواهم في سبيل مواجهة العهد ورئيسه والمنضوين فيه، بهذا القانون تحديداً، فاجتمعوا ووضعوا خطّة مبنيّة على تبديل واضح في الخريطة السياسيّة على الأرض، ذهب موفدون منهم إلى السعوديّة للبحث في آلية المواجهة فكان جواب السعوديين لهم لا تحشرونا مع الرئيس فالوضع عندنا دقيق بدوره، وهو قرّر الانفتاح علينا ولكن بإمكانكم التمسّك باتفاق الطائف وهو المنفذ والمنقذ، وفي الوقت عينه بإمكانكم أن تضعوا العهد أمام أمرين: إمّا قانون الستين، وإما المختلط وفي كل الأحوال ركّزوا على الطائف.

ويكمل المصدر المقرّب من التيار معتبراً بأن رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون خلاّق في قراءاته السياسيّة واستنتاجاته، ويدرس أفكار الآخرين ونياتهم بتؤدة وصبر ويعرف واقع التاريخ بهم ومعهم، والمثال على ذلك، بأنّه منذ أن عاد إلى لبنان من منفاه الباريسيّ خطّط ليكون رئيس جمهوريّة لبنان، لإنقاذ الجمهوريّة مع إنقاذ الدولة والكيان. صبر صبراً جليلاً، وكافح كفاحاً مريراً وانتصر، والمعركة عنده عنوانها ولادة الوطن وانبلاجه كريمًا وبهيًّا بين الأمم. لقد جمع الرئيس فريق عمله، وهو يدرس هذا الواقع ويستنتج وبناء على ذلك، ضرب بيده على الطاولة في مجلس الوزراء ردّاً على ما طرحه الوزير نهاد المشنوق، ورفض طرحه قبل مناقشة القانون وإقراره، لن يمر قانون الستين وبين الستين والفراغ فالفراغ هو الجواب والخيار.

طبعاً لم يقصد الرئيس بأنّ خياره الفراغ، الرئيس بحسب هذا المصدر يريد تكوين دولة خالية من الفساد، وضرب الفساد لا يكون سوى بقانون جديد يؤسّس لحياة سياسيّة جديدة ويؤمّن المناصفة بين الجميع بالإضافة إلى النسبيّة الكاملة وهي الكمال في صقل نظام جديد.

على هذا أردف المصدر، قام جبران باسيل بقلب المقاييس على طاولة المناقشات، بتكتيك ذكيّ فاتفق والقوات اللبنانيّة على تبني المشروع المختلط منقّحاً دامجاً بين صيغة الرئيس نبيه برّي، وصيغة اللجنة الثلاثية أي القوات والحزب التقدميّ الاشتراكيّ وتيار المستقبل. وقد جاء التبني تكتيكياً وليس استراتيجيّاً بالعمق، وما إن تمّ الاتفاق على تبنّي هذا المشروع الذي تم تبنيه أصلاً من قبل أمل، وبعضه ورد عند الحزب التقدميّ الاشتراكيّ، حتى ثارت ثائرة الفريق الآخر رافضاً هذا القانون. تذكّر عملية الرفض بموقف سابق للانتخابات الرئاسيّة حبن تبنّى تيار المستقبل ترشيح الدكتور سمير جعجع للانتخابات الرئاسيّة ليتضح بأن الترشيح كان لمجرّد المناورة، والمشهد نفسه تكرّر مع النائب سليمان فرنجيّة بالاشتراك مع الحزب التقدميّ ليتبيّن بأنّ جزءاً منه للمناورة، فسقطت المناورتان أمام الواقع وكشفت النقاب عما يدور في الداخل.

تبنّي التيار الوطنيّ الحرّ والقوات اللبنانيّة للقانون المختلط بحسب المصدر المذكور أكّد بأن الفريق الآخر ما تمسّك على الإطلاق به ولا يريد المناصفة والمشاركة ويرفض النسبيّة، وليس صحيحاً وبحسب هذا المصدر ما ورد عند هذا المصدر بأن حزب الله ليس على خط التيار كما ورد في وقائع تحتاج إلى تصويب، الملاحظة القائمة في ذهن الحزب بأنّه يشاء أن تأتي الحلول مراعية للتوازن في الجبل بفهم هواجس وليد جنبلاط، ولكن ليس على حساب الجوهر أي على حساب ما طرحه السيد، وقد تمّ لفت نظر وفد التقدميّ الاشتراكيّ مؤخّراً بأنّ معظم الهواجس عندكم تتبدّد في قانون مرن ولعلّ الأفضل في مثل هذه الظروف إما القبول بقانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وهو جيد ويحرص على الخصوصيّة في كلّ المواقع ويبطل الهواجس بمبدأ الحرص عينه، أو فاقبلوا بمشروع اللقاء الأرثوذكسيّ، وهو يثبّت الوجدانات الطائفيّة ليس في الحكم بل في النظام فيتولد من الطائفة الواحدة من يمثّل وجدانها الحقيقيّ تحت قبّة البرلمان.

يقول المصدر بأنّ اللقاء بين التقدمي والحزب كان ضبابيّاً لأن جنبلاط رافض للنسبية بالمطلق ورافض لمشاركة الآخرين زعامته للجبل، وفي الوقت عينه يصرّ على أن يبقى المسيحيون في كنفه وقرارهم في عاليه والشوف خاضعاً له.

تمّ التباحث بين الحزب والتيار في هذه الأمور نظراً للعلاقة العميقة بينهما، وفهم الحزب هواجس المسيحيين في الجبل مثلما هو فاهم لهواجس جنبلاط، وفي الحديث بين باسيل والدكتور علي فياض أو الحاج حسين خليل أرسل باسيل رسائل للطرف المعارض بأنّه ليس من مشكلة ولماذا يراد فتح مشكلة في الأصل غير موجودة، المطلوب أن يعود المسيحيّ إلى الجبل بكيانه هو وأن يقرّر من يمثله هو، المسيحيّ في الجبل يجب أن يكون شريكاً وليس أجيراً، وعلى عكس ما يقال فهم الحزب موقف التيار وهو يحاول قدر الإمكان تنقية الخطاب السياسيّ بناء على إقناع الاشتراكيين وبخاصة وليد جنبلاط بقانون نجيب ميقاتي وهو قانون متوازن فيه النسبية وفيه الدوائر واضحة المعالم، وبإمكان جنبلاط أن ينال دائرة عاليه والشوف من ضمن شراكته والمسيحيين والسنّة في إقليم الخروب والشيعة في قضاء عاليه وعددهم يربو على العشرة آلاف ناخب بين القماطية وكيفون. ورئيس الجمهوريّة العماد عون حريص على التعاون مع الجميع من ضمن المسلمات الدستوريّة والأخلاقية ومن ضمن منطق الفلسفة الميثاقيّة.

بناء على ذلك يبدو لبنان أمام مأزق واضح، لقد ظنّ بعضهم، إنّه مأزق نظام سياسيّ لا يزال مترهلاً والحلول فيه تأتي جزئيّة. أوساط مراقبة لاحظت في الآونة الأخيرة بأن حركة أمل والحزب التقدميّ الاشتراكيّ وعدداً من أركان المستقبل رافضون لمنطق الشراكة، ويتجّه بعضهم للتهويل بالأمن وإطلاق الإشاعات والضغط على الحالة الاجتماعية والاقتصاديّة بلبس وخبث، وفي المقابل ثمّة فريق عاكف على دعم رئيس الجمهوريّة في بناء الدولة ورفعة النظام السياسيّ بصفاء عقل. وتحذّر تلك الأوساط من ازدياد الضغوطات في المراحل المقبلة على العهد واللبنانيين، يستهلكون عناوين كالنفط والنفايات والكهرباء والماء في وقت كان بعضهم شريكًا في صناديق سوداء عند بعض من الشركات المتضررة الآن من وجود هذا العهد. الضغوطات بطبيعتها ليس هدفها العهد، بل هدفها حزب الله والمقاومة من ضمن حرب مفتوحة تنفجر عناوينها ما بين لبنان وسوريا. وتنصح هذه الاوساط حزب الله بحماية العهد ورئيسه لأنه يظلّ الأوفى والأصدق، ودوره كما قال دعم المقاومة ضد إسرائيل والحرب الاستباقيّة. فقانون الانتخابات ينبغي أن يكون على صورة العهد ومثاله بل صورة لبنان، أو فاذهبوا نحو الفراغ علّه من صحرائه تتفهمون معنى الشراكة الكاملة. هكذا ينهي المصدر وتنهي الأوساط رؤيتها لنمضي إلى غد عسى مع فجره يولد قانون متوازن لأجل لبنان.