IMLebanon

التفاتة ودية ملكية سعودية تجاه الحريري

اتجهت انظار العالم خلال الساعات الماضية الى العاصمة السعودية التي شهدت ثلاث قمم قد تغير طبيعة وشكل الصراع في المنطقة، على وقع توقيع احدى اضخم صفقات السلاح في العالم، بين دولة عربية والولايات المتحدة الاميركية، رغم المخاوف والحذر الاسرائيلي المتزايد من تلك الخطوة خصوصا اذا ما صح الحديث عن اسلحة دفاعية نوعية تعتزم واشنطن نقلها للرياض، وجهتها المبدئية طهران.

من هنا تفيد اوساط دبلوماسية ان ما تشهده الرياض يكشف عن توجه اميركي جديد في المنطقة يركّز على السياسة الشرق اوسطية كأولوية، بدليل افتتاح زيارات ترامب الخارجية من السعودية من جهة واسرائيل لمعالجة النزاع الاسرائيلي- الفلسطيني من جهة ثانية، من دون الجزم بالنتائج التي قد تأتي على البارد او الساخن، على وقع  التحّول التاريخي في المنطقة من خلال الاضاءة على خطورة النفوذ الايراني على المستوى الاقليمي، والتشديد على الدور المحوري لعرب الاعتدال في الشرق الاوسط.

اما حصة لبنان من اللقاءات، فتكشف المصادر عن اجتماع قد يعقد بين وفد لبنان برئاسة الرئيس سعد الحريري والرئيس ترامب سيركز فيها الجانب اللبناني على ضرورة استمرار العناية الاميركية به من خلال المساعدات العسكرية التي تسهم في شكل اساسي في تعزيز قدرة الاجهزة الامنية على بسط سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية ومواجهة الارهاب الرابض على حدوده الشرقية، وعدم تعريض الاستقرار من خلال خطوات او اجراءات معينة قد تقدم عليها واشنطن لاي خضة او انتكاسة في مطلع العهد،علما ان حملة في بيروت استبقت امكانية حدوث اللقاء تحدثت عن رفض سابق من قبل البيت الابيض لتحديد موعد للشيخ سعد لزيارة واشنطن ولقاء الرئيس دونالد ترامب، دون ان تتضح الاهداف من وراء هكذا تسريبة.

وفيما تترقب الساحة الداخلية مفاعيل كلمة رئيس الحكومة ، بعد الكلام الصريح والعالي النبرة لوزير الخارجية السعودية والذي تناول فيه وصف حزب الله بتعابير تخالف الاجماع اللبناني الذي تضمنه البيان الوزاري، كان لافتا مبادرة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بالطلب من الرئيس سعد الحريري بالعودة والتحدث اليه لدقائق بعدما كان القى عليه التحية البروتوكولية.

وتحت هذا العنوان تدرج مصادر سياسية مقربة من حزب الله قرار حارة حريك المدروس باعادة تموضعه على الجبهة الشرقية، وتسليم مواقع عسكرية للجيش اللبناني، الذي باشر بتطبيق الخطة التي يعتمدها في جرود راس بعلبك وعرسال، معززا تلك المواقع ومطلقا سلسلة عمليات عسكرية لشل قدرات المجموعات المسلحة التابعة لتنظيم الدولة الاسلامية في تلك المنطقة وتاتي في اطارها الغارات التي نفذتها المروحيات تحت اشراف القائد الاعلى للقوات المسلحة العماد ميشال عون، معتبرة ان الخطوة الاستباقية اجهضت جزءا من مفاعيل القرارات التي تعتزم الادارة الاميركية والكونغرس اتخاذها، رغم ان الاميركيين بدورهم بادروا الى الرد باجراء «استعراضي» عبر ادراج اسم احد المقربين من الامين العام للحزب ورئيس المجلس التنفيذي فيه السيد هاشم صفي الدين على لائحة العقوبات تزامنا مع تاجيل موعد اجتماع الوفد النيابي اللبناني في وزارة الخزانة الاميركية، ما حمل اكثر من دلالة. اللافت ان الوفد النيابي اللبناني في واشنطن فوجئ بوضْع صفي الدين على لائحة الارهاب في اللحظة التي كان يجري لقاءات مع أعضاء في الكونغرس، حيث بدا جليا الاحباط على وجوه اعضائه رغم محاولتهم اعطاء الانطباع بان المحادثات ايجابية.

وتتابع المصادر بان الحزب يرى في القرار الجديد امرا عاديا لا قيمة عملية له، كما الكلام الصادر عن وزير الخارجية السعودي الذي لا يمكن صرفه في اي مكان والذي يبقى تحت سقف الحرب الكلامية التي تشتعل بين الحين والآخر بين الفريقين في محاولة لرفع شروط التفاوض، جازمة بان اي مفاعيل سلبية لهذا الكلام لن تكون على الساحة اللبنانية سواء لجهة زعزعة التضامن الحكومي او تعقيد مفاوضات قانون الانتخابات الذي بات الحديث محصور في كيفية ايجاد الاخراج المناسب له، اذ هناك اولا اتفاق دولي على حماية الاستقرار السياسي الداخلي وثانيا ربط نزاع بين الفريق المقرب من المملكة وحلفاء ايران في الحكومة، كاشفة ان الامين العام لحزب الله سيرد بالتاكيد على الكلام السعودي خلال الايام المقبلة بما يتناسب والوقائع.

واشارت المصادر الى انه خلافا لما يعتقده الكثيرون فان الحلف القائم بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة هو ضمانة لمحور الممانعة اذ انه كفيل بلجم اي خطوات تصعيدية قد يخاطر الفريق الحريري باتخاذها تحت الضغط الخارجي من هنا او من هناك، وان هذا التوافق ادى الى ولادة توازنات جديدة في البلاد ركزت موقف حلف الممانعة الذي نجح في ايصال مرشحه ودعمت موقعه في سدة الرئاسة الاولى من خلال هامش المناورة الكبير الذي يتمتع به، معتبرة ان التسريبات عن ادراج اسم الرئيس عون على قائمة العقوبات هو من باب الضغط على بعبدا لدفعها الى فك تحالفها مع حزب الله وهو لن ينجح كما فشل في السابق في تحقيق غايته، كما ان الدعم الأميركي العسكري الاستثنائي المقدم للجيش اللبناني لمساعدته في محاربة الإرهاب لن ينجح بدوره، لان العلاقة بين اليرزة وحارة حريك اعمق وامتن من اي وقت مضى رغم كل ما يشاع ويقال من اخبار وتسريبات.

لن يكون لبنان بمعزل عن المتغيّرات المفصلية التي تضع المنطقة على فوهة بركان، خصوصاً ان إشارات عدة ترتبط بحزب الله توحي بأنه يحتلّ مكانة بارزة في بنك أهداف المرحلة الجديدة، رغم ان كل المؤشرات حتى الساعة على الساحة اللبنانية تدل على قرار للقوى السياسية اللبنانية بالاستمرار في اعتماد مناخ التهدئة والسير بتسويات الممكن الى ان تتضح معالم صورة المرحلة المقبلة اذ ما قبل قمة الرياض لن يكون بالتاكيد كما بعدها، واحدا لن يستطيع التنبؤ برد فعل حزب الله وخطواته تجاه قرار الحصار الذي قد يفرض، خصوصا ان المرحلة الاولى من العقوبات فشلت في تحقيق اهدافها مع نجاح الحزب في احتوائها ما دفع الادارة الاميركية الى مراجعة خطواتها.