IMLebanon

مساعٍ جدّية لاعتماد مشروع ميقاتي مُعدَّلاً…

لم يُفقَد الأمل بعد في إمكان الاتفاق على قانون الانتخاب العتيد قبل انتهاء ولاية المجلس النيابي في 20 حزيران المقبل، لأنّ غالبية الأفرقاء السياسيين توصّلت إلى اقتناع بأنّ كلّ الخيارات الأخرى سلبية ومن شأنها أن تدفع البلاد إلى مزيد من التأزّم.

ثمّة مساعٍ جدّية تسجَّل هذه الايام بعيداً من الاضواء في محاولةٍ جيّدة لإنتاج توافق على قانون انتخاب يُرضي الجميع، على رغم انّ البعض ما زال يقرَع «طبول» التصويت على ايّ مشروع يتمّ صَوغه في مجلس الوزراء.

فرئيس الجمهورية العماد ميشال عون يُطمئن الى أنه سيتمّ التوصل الى قانون انتخاب جديد على قاعدة رفضِه التمديد والفراغ وقانون الستين، مع احتمال انفتاحه على اعتماد «الستين» مجدّداً طالما أنه القانون النافذ إذا تعذّرَ الاتفاق على القانون البديل.

فيما رئيس مجلس النواب نبيه بري رمى الكرة في ملعب الآخرين محدِّداً 15 الجاري مهلة أخيرة للاستمرار في اقتراحه صيغة القانون النسبي مقروناً بإنشاء مجلس الشيوخ المنصوص عنه في المادة 22 من الدستور، فإذا انقضَت هذه المهلة ولم يتجاوب الجميع معها، لن يكون لديه صيغة أخرى بعد هذا الموعد، ولكنّه، على ما يُردّد، سيعمل بكلّ ما أُوتي من قوة لمنع دخول البلاد في فراغ نيابي، وقد أعدّ من الوسائل السياسية والدستورية اللازمة ما يحقّق هذا الهدف، متمسّكاً بأولوية الاتفاق على قانون انتخابي والذهاب الى تمديد تقني لفترة قصيرة.

أمّا «حزب الله» فهو متفائل في إمكان تبلوُر قانون يعتمد النسبية الكاملة قبل 20 حزيران المقبل مستنداً الى انّ جميع الافرقاء أيّدوا هذه الصيغة في المطلق ولكنّهم اختلفوا على حجم الدوائر وعددِها، وهو اختلاف يمكن تسويته في ضوء تأكيد الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله أنّ ايّ قانون انتخابي سيتمّ التوصل اليه «سيكون تسوية» بين الجميع.

ويروّج البعض أنّ رئيس الحكومة سعد الحريري سيطلق مبادرة في شأن قانون الانتخاب علّه يتمكن والافرقاءَ الآخرين من التوصل الى قانون انتخاب، وذلك بعدما كان قد ابلغَ الى رئيس مجلس النواب عبر الوزير علي حسن خليل انه بدّل موقفَه المؤيّد للتمديد وبات في معسكر رافضيه وأنه يقف الى جانب رئيس الجمهورية في لاءاته المعروفة. وقد خلق هذا الموقف المستجد لدى الحريري فتوراً بينه وبين بري.

وفي خضمّ هذا الجو المأزوم تجري مجدداً وبعيداً من الاضواء مساعٍ جدّية لاعتماد مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يعتمد النسبية الكاملة ويقسم لبنان الى 13 دائرة انتخابية مع احتمال إدخال تعديلات عليه تشمل تعديلاً لبعض الدوائر بزيادة عددها ليصبح 15 دائرة.

وإذ لا يمكن التكهّن بما ستؤول اليه هذه المساعي من الآن، فإنّ البعض يتفاءل باحتمال نجاحها لأنّها تجري تحت ضغط الوقت حيث يقترب موعد انتهاء ولاية مجلس النواب من جهة، وضغط التأزّم السياسي الذي يهدّد بانفراط عقد تحالفات سياسية قائمة ونشوء تحالفات أخرى يبدو انّها لن تنتظر القانون الانتخابي وإنجاز الاستحقاق النيابي حتى تنشأ لأنّ اصحابها بدأوا يحاكون تطورات اقليمية تلوح في الأفق محاولين ملاقاتها، وربّما تبلوَرت هذه التطورات في ضوء زيارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب للمملكة العربية السعودية في 23 من الجاري والقمم المتعددة التي سيعقدها فيها مع القيادة السعودية اولاً، ثمّ مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ثمّ مع بعض قادة الدول العربية، ثمّ مع قادة دول منظمة التعاون الإسلامي من عرب وأجانب.

على انّ ما يشجّع هذه المساعي أنّ هوامش المناورة تضيق امام جميع الأفرقاء السياسيين الى حدود الانعدام، لأنه إذا لم يتوافر المخرج اللازم فإنّ الخيارات الاخرى باتت سلبية وتزيد في الأزمة تعقيداً، خصوصاً إذا صحّ أنّ البعض سيندفع الى طرح اعتماد ما تنصّ عليه بعض المواد الدستورية، ولا سيّما منها المادتان 24 و74 من الدستور، اللتين لا تنطبقان على واقع الحال إنّما تولّدان نزاعاً يتخطّى الاستحقاق النيابي الى أزمة سياسية تغذّيها رواسب من السنوات السابقة.

على انّ أحد السياسيين العاملين في «الورشة الانتخابية»، إذا جاز التعبير، ينظر بتشاؤم الى مستقبل العلاقات بين القوى السياسية، ويرى في ما يجري محاولات من البعض لتوجيه رسائل في اتجاهات اقليمية ودولية عدة، تُعيد طرح الخلفيات التي كمنَت خلف إنجاز الاستحقاق الرئاسي وبعضها يرمي الى خلطِ بعض الاوراق والتحالفات في اتّجاه خلقِ واقع جديد في لبنان يرتبط بواقع آخر يُعمَل على استيلاده في المنطقة وفقَ بعض الأجندات الدولية.

ويقول هذا السياسي: «إذا أردنا أن نعرف مستقبل لبنان علينا ان نعرف لماذا قرّرت الولايات المتحدة الاميركية تشييدَ سفارة لها في عوكر كِلفتُها المعلنة مليار دولار؟

ويقول هذا السياسي إنّ هذه السفارة بهذه الكلفة وبالحجم الذي ستكون مجمع أبنية، هي بالتأكيد ليست سفارة للبنان فقط، وإنّما للمنطقة برُمّتها، ومن هنا يمكن فهم الإصرار الاميركي على الاستقرار في لبنان، في موقفٍ لا يتردّد أيّ ديبلوماسي او سياسي عن الإشارة إليه بقوله: «إنّ الاميركيين متمسّكون بالاستقرار اللبناني ويرفضون أيّ مسّ به».

ولأنّ الموقف الاميركي صارم في هذا الصَدد، يُحاذر أيّ فريق داخلي أو خارجي الإقدام على أيّ حراك أو موقف من شأنه ان يعرّض هذا الاستقرار للخطر، علماً أنّ هذا الاستقرار هو في مصلحة غالبية الأفرقاء السياسيين الداخليين ودول الاقليم، في انتظار ما ستؤول اليه الأزمات في سوريا والعراق والبحرين واليمن، في ضوء ما هو مطروح من مشاريع حلول لها.