IMLebanon

«الستين» بصفته انتصاراً لـ«التيار الحر»

بعد تعذّر الاتفاق على قوانين الوزير جبران باسيل للانتخابات، أطلق الرئيس ميشال عون العنان للواقعية السياسية التي غُلِّفَت عند رفض توقيع مرسوم الهيئات الناخبة، باللاءات الثلاث، ليتبيّن في ما بعد أنّ فيتو «حزب الله» على قوانين باسيل كان أكبر من قدرة عون على تخطيه، ففضّل العودة الى قانون الستين، الذي وفي المفاضلة بينه وبين نسبيّة «حزب الله»، يبقى الأفضل بالنسبة إلى «التيار الوطني الحر».

ومع ضيق الخيارات، ونفاد الوقت كان لا بدّ لعون من أن يعطي الاشارة الأقوى الى القبول بقانون الستين، وهو كان سبق له أن قال في حديث صحافي قبل أسابيع إنه يقبل بالستين على قاعدة احترام الديموقراطية.

وتعيد مصادر متابعة، اسباب عودة عون الى الستين وتلخّصها بالأتي:

أولاً: بعد الاصطدام مع «حزب الله» على كل الصيغ التي قدمها باسيل، كان لا بد من إيجاد مخرج للتراجع عن الفراغ غير المقبول لدى «حزب الله»، فالاستمرار في الرهان على إحراج الرئيس نبيه برّي بتحويله رئيس مجلس نواب سابقاً، يلقى رفضاً لدى الحزب الذي عبّر النائب محمد رعد عن موقفه بوضوح، عندما تحدث عن أنّ هذا السيناريو إن حصل سيعني استقالة الحكومة، وبقاء الرئيس وحيداً في بعبدا، أي إنّ «حزب الله» قال لعون إنه سيصبح بمثابة رئيس جمهورية سابق إسوةً ببري، وهذا ما جعل رئيس الجمهورية يعيد حساباته، كون الفراغ في المجلس والحكومة في آن، يشكل فراغاً في كل المؤسسات، ويمهّد فوراً للمؤتمر التأسيسي، ويعطل العهد في بدايته.

ثانياً: في حسابات الربح والخسارة، وجد «التيار» أنّ الذهاب الى صيغة النسبية، سيعني مسيحياً، إنفراط عقد البلوك النيابي الذي يمثله، فكتلته وفق القانون النسبي لن تعود كما هي، وتحالفه مع «القوات اللبنانية»، الذي يمكن ضبطه وفق قانون الستين، لن يكون ممكناً في القانون النسبي، حيث ستشكل «القوات» لوائحها الخاصة، فيما لا تزال تقديرات «التيار»، أنه الأقوى في معظم الاقضية المسيحية، ما سيمكنه من الفوز بمعظمها من دون التحالف مع «القوات»، أو بالحدّ الادنى إعطاء «القوات» ما يناسبه في الدوائر وليس ما يلبي مطالبها، خصوصاً في جبل لبنان.

ثالثاً: إذا لم تكن العودة الى الستين متفّقاً عليها قبل انتخاب عون مع الرئيس سعد الحريري، فإنّ قانون الستين يشكل الترجمة الفعلية للتحالف الجديد بين الطرفين، اللذين يجدان في هذا القانون استكمالاً للاتفاق على انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة، بالإتيان بكتل نيابية بالنتيجة نفسها التي أسفرت عنها انتخابات العام 2009، لكن مع فارق، أنّ الانتخابات المقبلة ستشهد تحالفات في معظم الدوائر التي فيها تأثير مشترَك، من الشمال الى الجبل فبيروت والبقاع، وقد بدا واضحاً أنّ «المستقبل» و«التيار» يتصرّفان على أنهما في وضع لا يحتاجان فيه الى أيّ طرف آخر وتحديداً «القوات اللبنانية»، وهذا كان أحد اسباب موافقة «القوات» على القانون النسبي، لتجاوز ما ستتعرّض له من ابتزاز في قانون الستين.

وتقول المصادر إنّ الروزنامة التي وضعها «حزب الله» لـ«التيار»، لإعلان موقف من التمديد وقانون الستين إذا تعذّر الاتفاق على القانون النسبي كما يريده الحزب، ستوضع موضع التطبيق، فلا تساهل لدى الحزب مع مهلة 19 حزيران، ولا قبول بأن يحصل الفراغ في المجلس النيابي ورئاسته، ولذلك فإنّ الجميع منصبّ على إيجاد مخرج التمديد، والعودة الى الستين، وتحديد موعد لإجراء الانتخابات، وقد اعطى عون بكلامه امس إشارة الانطلاق لترجمة هذا السيناريو، لكن ستستمرّ موجة القنابل الدخانية، والتنصّل من أبوَّة العودة الى الستين، الى لحظاتها الأخيرة، لأنّ هذه العودة تعني أنّ العهد وعد ولم يفِ، كما تعني أنّ كل ما قيل على لسان «التيار» بأنّ قانون الانتخاب أهم من انتخاب رئيس الجمهورية، كان مجرد «عدة شغل» لتغطية الفشل بإقرار قانون جديد.