IMLebanon

الستين في القرن الواحد والعشرين!

دارت عجلة التشريع وفتحت أبواب المجلس وعاد نواب الأمة إلى قبة البرلمان بعد طول غياب، وتحركت خلية النحل، كما وصفها البعض، ولكن من دون أن تعطي عسل قانون الانتخابات! فحضرت كل القوانين، وتم التصويت على أبسطها، وتحويل ما هو بسيط بالمفهوم العام ومعقد بالمفهوم اللبناني إلى مجلس الوزراء لدراسته مطولاً!

إن الاستمرار بربط أبسط القرارات بالتوازن الطائفي والتوافق العام، يعطل عجلة الإنتاج، ويعيق نهوض المؤسسات، بل ويبقيها أسيرة الاستنسابية والمحاصصة فنرى بديهيات الحياة اليومية من بيئة وكهرباء ونفايات تراوح مكانها لسنوات من دون إحراز أي تقدّم، على العكس، مسجلة تراجعاً مدوياً في معالجتها وإدارتها.

إن غياب قانون الانتخابات عن المناقشة العامة وإبقاءه داخل دهاليز المفاوضات السياسية، ينذر بقانون مفصل على قياس القوى السياسية، لتضمن نتائجه قبل حصولها، وبالتالي يسقط الأمل بقانون عصري يكون حجر أساس في الإصلاح السياسي وبناء دولة المؤسسات، التي يتوق إليها اللبنانيون.

فهل المطلوب إطالة أمد المناورات حتى تنتهي المهل ليصبح قانون الستين واقعاً لا محال؟ وكيف للفساد أن يوضع حدّ له في حين أن المعايير المتبعة هي التوافق، أي الصفقات، والمحسوبيات والمحاصصات..؟

إن العجلة التي دارت لا تزال نتائجها في الهواء، في الملفات المحلية حتى الساعة، فالنفايات لم تكمل العامين اللذين رسم لهما، كفترة هدنة عند فتح مطمر الكوستابرافا، ولم تكن حلول وزارة البيئة على مستوى التحدي.. فاتباع الأساليب البدائية لمعالجة أزمة طيور النورس إنما دلت على هشاشة فريق العمل وطروحاته أمام كارثة تهدد سلامة الطيران المدني، إضافة إلى البيئة المهددة على مدار الساعة، في وطن الطبيعة الخلابة والجبال المنهوبة من الكسارات حيناً، كضهر البيدر والمشاريع السياحية أحياناً، كالقرنة السوداء والواجهة البحرية.

إن عملية النهب المبرمجة لسائر مقدرات الدولة لا يمكن لسلطة التوافق أن تضع حداً لها، بل دولة القانون العادل والقادر على التنفيذ على الأرض هي الأمل والرجاء للأجيال الشابة، لأن وطناً منهوباً لن يجدي نفعاً ولا حتى لسارقيه على المدى الطويل، على عكس لبنان المستقر القوي والمزدهر الذي يعود بالنفع على الجميع من دون الحاجة للاستماتة الحاصلة لتمرير الصفقات من جهة، وتحمّل تبعات الفساد من جهة أخرى، حتى لا يأتي اليوم الذي يتحوّل فيه ربيع لبنان إلى خريف حزين وشتاء قاسٍ نخسر عندها الوطن وما فيه!