IMLebanon

«هيكلية» المؤسسة العسكرية في شكوى ضباطها

أولوية أميركية لتماسك الجيش على إنجاز «التسوية»

«هيكلية» المؤسسة العسكرية في شكوى ضباطها

كل ما يدور حول المؤسسة العسكرية من تجاذبات ومحاولة فرض تسويات، مشين. ليست المؤسسة «زوجة القيصر»، ولا هي منزّهة على امتداد تاريخها من التدخلات السياسية. لكن ما يجري اليوم، وما يرشح من كلام ومواقف حول المؤسسة، لم يحصل حتى في أشدّ فترات الوصاية السورية قسوة. يلخّص موقف أحد الاساقفة الموارنة المتقاعدين المشهد بأصدق ما يكون حين يقول: «المشهد الذي توضع فيه المؤسسة العسكرية اليوم فيه من الخزي ما يوازي مشهد دخول القوات السورية الى مبنى وزارة الدفاع في ذاك التشرين من العام 1990».

سواء وافق كثيرون على موقف الاسقف أم اعتبروه مبالغاً فيه، الا أن التململ الذي يسود في أوساط الضباط، سواء كانوا في السلك العسكري او المتقاعدين منهم، بلغ حدّاً غير مسبوق. وتؤكد معلومات متقاطعة أن عدداً من الضباط ، ممن هم في الخدمة ومن المتقاعدين، يبلغ عددهم نحو خمسين الى ستين ضابطاً، أبلغوا قيادة الجيش أنهم سيتقدمون بشكوى «في حال تم المسّ بهيكلية الجيش والترقيات فيه وعدم احترام التراتبية التي تشكل عنواناً أساسياً من عناوين تماسكه».

واللافت أن أيّا من هؤلاء الضباط لا يتحدث عن العميد شامل روكز الاّ بكل تقدير لمناقبيته وكفاءته. العميد جورج نادر أحد هؤلاء. لكنه يتحفظ على تأكيد أو نفي إن كان من المشاركين في الاعتراض والشكوى المنوي تقديمها. وبسؤاله عما يُحكى عن تشكيله مع عدد من الضباط المتقاعدين لقاء سياسياً للضغط من اجل إبعاد الجيش عن التجاذبات السياسية، يؤكد أن الفكرة قيد التنفيذ. يرفض الدخول في أية تفاصيل اضافية حول طبيعة التجمع، أكان لقاء أو حزباً أو جمعية. يكتفي بالاشارة الى أن «ما نحضّر له يتجاوز كل إطار ضيق ليكون ضمن إطار وطني واسع غير طائفي». لكن نادر لا ينفي أن في أوساط الضباط «خصوصا من هم في الخدمة، غضباً وحزناً كبيرين مما يتم تداوله. فهذا ما يخرّب الجيش وكل ما ضحّوا من اجله. ولا شك أن هؤلاء سيعترضون على ما يحاول بعض السياسيين فرضه على المؤسسة العسكرية».

بعض الضباط ممن هم في الخدمة لا يخفون في مجالسهم الخاصة اعتراضهم وغضبهم من الواقع والموقع الذي يتم حشر الجيش فيه. بين هؤلاء من كانوا من أشد المناصرين للعماد ميشال عون، و «الضاربين بمدافعه». ربما لذلك تبدو مرارتهم اكبر «فنحن قد نتفهم محاولات بعض السياسيين فرض ممارساتهم ونقل نزاعاتهم الى داخل الجيش. لكننا لا نفهم أن يقوم قائد جيش سابق، وتحديدا العماد عون، بضرب ما تبقى من معنويات الضباط والعسكر وإقحام السياسة بكل تفاصيل المؤسسة العسكرية». يضيف أحد هؤلاء «في السلوك الذي يجري اعتماده اليوم تشجيع لكل عسكري وضابط وموظف في الجيش أن يلجأ الى زعيم سياسي ويقدم الولاء المطلق له. هذا يضمن له الحصول على امتيازات وتجاوز كل رفاقه ممن لا سند لهم». يتابع «لا يجوز الإساءة للمؤسسة العسكرية الى هذا الحد، وتسجيل سوابق تسيء الى صورة الجيش ودوره ومعنويات افراده».

اصداء هذه المواقف والاعتراضات وصلت الى معظم الطبقة السياسية، كما الى البعثات الديبلوماسية. وفي هذا السياق يبدو لافتا ما تؤكده مصادر مطلعة على أن السفير الاميركي ديفيد هيل، الذي كان من المشجعين على انجاز تسوية تحفظ الاستقرار عبر إعادة تفعيل العمل الحكومي وإرضاء العماد عون بتسوية تجد صيغة تبقي العميد روكز في الخدمة العسكرية، «لم يعد من المتحمسين لهذا الطرح، بعد ما رشح من اعتراضات داخل الجيش وتأثير سلبي على معنويات ضباطه وأفراده»، فالأولوية بالنسبة الى الاميركيين هي «الإبقاء على مناعة الجيش وتماسكه حرصا على تماسك البلد وصموده في هذه الفترة الصعبة».

وكما هيل، كذلك عدد من السفراء الغربيين الذين يبدون حرصاً على واقع المؤسسة العسكرية، بصفتها الضمانة الاخيرة للاستقرار في البلد، والمحافظة على هيكلية مؤسساتية مقبولة.