IMLebanon

الاعتراضات السنّية أمام الحريري: هذه أسبابنا

لم تنفع تبريرات الرئيس سعد الحريري في تبريد جبهة المعترضين على ترشيحه للنائب سليمان فرنجية. المعترضون مصرّون على رفض الترشيح ويعطون جملة أسباب، سياسية ومبدئية

لا يزال الرئيس سعد الحريري متمسكاً بترشيح النائب سليمان فرنجية. ولا يزال المعترضون، من مسؤولين في تيار المستقبل أو في قوى 14 آذار، على موقفهم ضد هذا الترشيح.

في الأيام الاخيرة، فنّد الحريري لهؤلاء أسباب ترشيحه فرنجية، والتي تدور حول فكرة واحدة: انتخاب رئيس جديد لملء الفراغ الرئاسي. لا يعطي الحريري أو مستشاروه تفاصيل أخرى، وهم يتمسكون بموقفهم من دون تراجع، رغم ما وصلهم حتى الآن من مواقف معترضة، سواء من حلفاء الحريري أو من خصومه.

المعترضون، من جهتهم أيضاً، بحسب ما علمت «الأخبار»، شرحوا أسباب موقفهم، وبعضها يتعلق بشخص فرنجية وبعض أعضاء فريقه والمحيطين به بما لا يمكن معه القبول بهم في القصر الجمهوري، إضافة الى الاعتراض المبدئي والسياسي على هذا الترشيح. وهم فنّدوا أمام الحريري الأسباب الموجبة لموقفهم الذي «لا رجوع عنه»:

أولاً، إن فريق 14 آذار لم ينهزم بعد في معركته الداخلية، ولا في معركة السيادة التي يقودها منذ عشرة أعوام، كي يرشح الى الرئاسة رأس حربة في مشروع قوى 8 آذار، وصديق الرئيس السوري بشار الأسد وحليفه. ومن انتظر عشرة أعوام يستطيع أن ينتظر بضعة أشهر إضافية ليقدم مرشحاً ينتمي الى خطه السياسي، أو على الأقل مرشحاً توافقياً.

14 آذار لم ينهزم بعد في معركته الداخلية، ولا في معركة السيادة

ثانياً، ملء الفراغ الرئاسي، وفق تبرير الحريري بأن البلد لم يعد يستطيع تحمل كلفة الشغور، ليس مسؤولية قوى 14 آذار ولا تيار المستقبل. فهما قدّما مرشحاً ودعماه، وهما يحضران الى مجلس النواب عندما يدعو الرئيس نبيه بري الى جلسة لانتخاب رئيس. وتصرّف حزب الله والعماد ميشال عون مع ترشيح فرنجية يوحي وكأن الأخير مرشح 14 آذار، وأنهما «يتكرّمان» على هذا الفريق بالحوار حول هذا المرشح، يؤكد أن هذا الفريق لا يريد إجراء انتخابات رئاسية. فهل يعقل أن تدور معركة داخل قوى 14 آذار لإيصال مرشح من 8 آذار، فيما يواصل هذا الفريق تعطيل الانتخابات؟

ثالثاً، أفضل ما قدمته تجربة 14 آذار هو أنها جمعت في صفوفها مسيحيين ومسلمين. لكن ما جرى أخيراً أظهر كأن هناك اصطفافاً مسيحياً ــــ إسلامياً داخل هذا الفريق، وهذا لا يصب في مصلحة الشراكة بين مكوناته. إضافة الى أن الحملات الإعلامية والسياسية التي نتجت من ترشيح فرنجية أحدثت تصدعاً في العلاقات الداخلية، والمسيحية ـــ الإسلامية، وهو أمر لم يحصل منذ عام 2005، ولا يفيد أياً من الأطراف، وكان يمكن أن نكون في غنى عنه لولا هذه المبادرة. فكيف يمكن التخلي عن الشركاء المسيحيين في 14 آذار والقفز فوقهم، سواء القوات اللبنانية أو الكتائب أو المستقلين، وهم الذين دفعوا ثمناً باهظاً لاستمرار هذا الخط؟ وكيف سنتمكن من معالجة الشرخ الذي سيحدثه انتخاب فرنجية مع هذه المكونات الأساسية؟ وماذا سنقول لعائلات من استشهدوا خلال الأعوام العشرة، فيما نحن نختار مرشحاً من خارج قوى 14 آذار؟

رابعاً، إن جمهور المستقبل، وتحديداً الجمهور السني، مأزوم حالياً نتيجة الأوضاع الداخلية وتداعيات التوتر السني ـــ الشيعي وما يحصل في سوريا. واعتراضات هذا الجمهور على فرنجية كثيرة. فكيف يمكن أن يقدّم المستقبل مرشحاً يعادي سياسته بما يشكل انقلاباً على كل أدبياته وخط الرئيس رفيق الحريري؟ وكيف يمكن إقناع هذا الجمهور بهذا الترشيح، وخصوصاً في الشمال حيث تكشف معلومات دقيقة عن أن نحو 400 من أبنائه التحقوا بـ»داعش»، وأن نحو عشرة آلاف شخص غادروا عبر المرافئ الشمالية بحراً الى أوروبا؟ وألا يمكن أن نخشى ارتدادات هذا الترشيح في مناطق شمالية، وخصوصاً أن هناك إشارات أولية الى بروز بعض التوتر نتيجة هذا الخيار في أكثر من منطقة تنتمي سياسياً الى المستقبل، في الشمال وخارجه.

خامساً، من يضمن، في حال نجاح هذه المبادرة، أن تشكل الحكومة وفق ما يريده تيار المستقبل؟ ومن يضمن إعطاءه الحصص التي يستحقها ويطلبها؟ أما الأهم: كيف يمكن الركون الى إجراء انتخابات نيابية والنجاح بالأكثرية فيها، ولو وفق قانون 1960، إذا كان حلفاء المستقبل من قوات وكتائب ومستقلين يرفضون التسوية؟ وإذا كنا نجحنا عام 2009، فلأن هذا التحالف كان موجوداً وكانت القاعدة الشعبية معنا. أما الآن، من دون حلفائنا، ومن دون قاعدة شعبية منسجمة مع خيارنا، فكيف سيكون مصير التيار في الانتخابات؟

سادساً، بالنسبة الى الثورة السورية التي يدعمها المستقبل سياسياً، وفي لحظة إقليمية ودولية تجرى فيها مفاوضات مع المعارضة السورية، ويتوقع أن تنتهي المرحلة الانتقالية الى عدم بقاء الأسد في السلطة، كيف يمكن تبرير ترشيح حليف الرئيس بشار الأسد والإتيان برئيس لست سنوات يعادي «النظام السوري الجديد»؟

سابعاً، كلفة الترشيح حتى الآن صارت باهظة. وما يرشح حتى الآن أن فريق 8 آذار يعطل المبادرة، فلماذا لا تُسحب لتقليص الأضرار التي وقعت حتى الآن، وخصوصاً أن وقفها يجعل من الممكن تطويق الأزمة التي نشأت داخل قوى 14 آذار ويسحب التوتر في الشارع السني، إذ إن الخشية كبيرة من كلفة الاستمرار في خيار يلاقي هذا الكم من الرفض.

ثامناً، في حال إقفال الباب أمام هذه التسوية، كيف يمكن أن ينعكس فشلها على عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، في ظل معارضة لهذا الخيار وانقسامات خلقتها المبادرة؟

بين تبريرات الحريري القليلة واعتراضات المعترضين الكثيرة، تقف التسوية. لكن الحريري، بنصيحة مستشاريه، يزداد تمسكاً بها كلما ازداد عدد المعترضين. وعلى ما يبدو، فإن مستشاريه وأزمته المالية في كفّة، وأهل البيت والحلفاء في كفّة أخرى.