IMLebanon

سوريا فيديرالية متفجرة

لم تمض أيام على سريان اتفاق وقف الاعمال العدائية في سوريا حتى تعددت السيناريوات لمستقبلها. ولعل أبرزها ما جاء على لسان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريباكوف الذي تحدث عن دولة فيديرالية في سوريا مخرجاً للحرب المحتدمة منذ خمس سنوات.

ليس سيناريو كهذا جديدا لسوريا، الا أن كلام نائب سيرغي لافروف يكتسب أهمية اضافية، بعدما أثبتت الهدنة، ولو الهشة، النفوذ المتزايد للروس لدى نظام الرئيس بشار الاسد ، وبعد اشارات عدة صدرت أخيراً تصب في سياق السيناريو نفسه.

فمن خلف الابواب الموصدة، نقلت وسائل اعلام عن أجواء لقاءات لمعارضين سوريين مقربين من موسكو والمبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا ستافان دوميستورا، أن روسيا والحكومة السورية تؤيدان فكرة قيام نظام فيديرالي في سوريا ، وأن المبعوث الدولي يواجه صعوبة في إقناع المعارضة بهذه الفكرة.

الى ذلك، أوردت مواقع كردية أن أميركا وروسيا اتفقتا خلال مؤتمر ميونيخ على مبدأ الفيديرالية في سوريا ، في إطار مشروع حلّ يبدأ بوقف النار.

لكن الإشارة الأكثر دلالة جاءت من الرئيس الأسد نفسه عندما سئل في مقابلة مع “وكالة الصحافة الفرنسية” عن مدى استعداده لإعطاء الأكراد شمال سوريا منطقة حكم ذاتي بعد انتهاء الأزمة ، فربط الامر بالدستور السوري، ملمحاً الى وجوب طرح مسألة حكم ذاتي أو فيديرالية في استفتاء شعبي أدرجه في اطار الحوار السياسي.

وخلافاً لسيناريو التقسيم الذي لمّح اليه وزير الخارجية الاميركي جون كيري واستبعدته موسكو والذي لا يلقى تأييداً علنياً من اي قوة سياسية في سوريا، يحظى خيار الفيديرالية بتأييد ملحوظ في بعض الاوساط، وخصوصا الكردية، بينما يعتبره أكاديميون خشبة خلاص ومخرجاً مقبولاً لأزمة صارت عصية على كل المخارج.

الا أن “الدولة الفيديرالية” ليست سهلة في بلد كسوريا، ويمكن أن تكون مقدمة لرسم معالم مناطق جغرافية على اسس طائفية وعرقية تمهد مستقبلاً لتقسيم نهائي.

استناداً الى تقرير للأمم المتحدة عن التطور البشري في 180 دولة، هناك أربع دول فيديرالية بين أفضل ست دول من حيث نوعية الحياة وهي: أوستراليا وكندا وبلجيكا والولايات المتحدة، تليها سويسرا وألمانيا.

ولكن هل يمكن تطبيق تجارب هذه الدول في سوريا؟وهل يمكن الفيديرالية أن تنتج سوريا موحدة وقوية حقا؟ تتفاوت الاراء في هذا الشأن، ولكن ثمة ميل الى الاعتقاد أن خيار “الفيديرالية” في سوريا تحديداً يؤدي إلى مشاكل خيار “التقسيم” نفسها وانه في كلا الحالين ونظراً الى تداخل المجموعات البشرية، يكمن الخطر في قيام بعض المجموعات بعمليات تطهير عرقي لتحقيق غالبيات في مناطق معينة.