IMLebanon

سوريا محكومة بالتزامن بين التصعيد وخفض التصعيد

ليس أهم من هزيمة داعش عسكريا سوى أن تنتهي وظيفته اقليميا ودوليا في اللعبة الجيوسياسية. الهزيمة تكاد تكتمل في الموصل الى حدّ قيام التنظيم الارهابي بجريمة رمزية معبّرة عن اليأس: تفجير جامع النوري الكبير ومنارته الحدباء التاريخية، حين أعلن أبو بكر البغدادي الخلافة في صيف ٢٠١٤. وهي على الطريق في الرقة ثم دير الزور والبوكمال. أما نهاية الوظيفة، فانها لا تزال سؤالا على الرغم من اشتداد التنافس والسباق على محاربة داعش بعد شهور طويلة من إعطاء الأولوية لمعارك أخرى وخصوصا داخل سوريا. أولا بالنسبة الى قوى راهنت ايديولوجيا وسياسيا على اقامة الخلافة التي كانت ولا تزال هدفا منذ سقوط السلطنة العثمانية وقرار مصطفى كمال أتاتورك انهاء الخلافة. وثانيا بالنسبة الى القوى الأقوى والأكثر عددا التي عملت على توظيف داعش في خدمة أهداف مختلفة لكل منها. لكن حرب سوريا مستمرة، وحرب العراق تدخل فصلا آخر بالمعنى السياسي، بصرف النظر عن هزيمة داعش ونهاية وظيفته.

ذلك ان الدول الثلاث الضامنة لمناطق خفض التصعيد هي نفسها من القوى المشاركة في التصعيد في المناطق الأخرى. فعلى مسافة أيام من اجتماع أستانا كشفت أنقرة ملامح تفاهم على ضمان الأمن في مناطق خفض التصعيد: قوات روسية وتركية في ادلب، قوات روسية وايرانية حول دمشق، وقوات أميركية وأردنية في الجنوب. وعلى مسافة أيام اضافية من اجتماع جنيف يبدو الحل السياسي كما الحل العسكري مهمة صعبة، وان تحدث الرئيس فلاديمير بوتين عن اقتراب تسوية سياسية يرى استحالة تحقيقها من دون تعاون بناء وتنسيق بين موسكو وواشنطن.

وليس هناك حتى الآن تفاهم أميركي – روسي على أساس التسوية السياسية. فلا موسكو تستطيع أن تأخذ من الغرب في مسألة أوكرانيا ثمن التسوية في سوريا أو ترى ان الوقت مناسب للتخلّي عن بعض أوراقها. ولا واشنطن مستعدة لدفع ثمن أية تسوية لأنها، بصرف النظر عن تبدّل الموقف بين ادارتي أوباما وترامب، تتصرف على أساس ان سوريا ليست من مصالحها الحيوية، على عكس روسيا التي استعادت من خلال مشاركتها في حرب سوريا دور القوة الدولية وأخذت قاعدتين عسكريتين.

فضلا عن أن سوريا هي مسألة حياة أو موت بالنسبة الى ايران ومشروعها الاقليمي. وهي ثابتة على موقفها وانخراطها في الحرب التي دخلت عامها السابع. ولا تغيير في موقف الرئيس بشار الأسد. ولم تستطع أميركا ودول أوروبية وعربية تغيير موقف بوتين. والهاجس التركي هو دور الكرد. والمعارضة ضعيفة ومشتتة. وسوريا محكومة بالتزامن بين التصعيد في مناطق وخفض التصعيد في مناطق.