IMLebanon

حرب سوريا استمرار للاسياسة بوسائل أخرى

مجلس الأمن عاجز عن تسليح الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا بأسنان للقرار ٢٢٥٤. ومن الصعب أن يعطيه ما يضمن معالجة الأسباب التي دفعت الى تعليق محادثات جنيف – ٣ لثلاثة أسابيع، وان قادت ضغوط واشنطن وموسكو الى معاودة المحادثات يوم ٢٥ شباط الحالي. فالروس يديرون اللعبة في سوريا ويتحكّمون بها في مجلس الأمن. والأميركيون يمشون وراءهم، وان وجدوا أنفسهم مضطرين الى شيء من البربرة والاحتجاج أحياناً. ولا أحد يعرف ان كانت أسابيع التعليق هي المدة المطلوبة التي تراها موسكو ودمشق وطهران كافية لحسم معركة حلب في الشمال ودرعا في الجنوب أو التي تسمح بقطع محطة مهمة على طريق الحسم. لكن الكل يعرف انه لا شيء يوقف الدبّ الروسي عندما يكون النسر الأميركي مشغولاً بمصالح حيوية أهم بكثير من اهتماماته المحدودة في سوريا، ومطمئناً الى انه شريك الدبّ في الربح، لا في الخسارة.

ذلك أن الحديث عن حلّ سياسي في سوريا لم يكن على مدى خمس سنوات من عمر الحرب أكثر من اسم مستعار للحلّ العسكري. فما حرص عليه النظام خلال نصف قرن هو إلغاء الحياة السياسية في الداخل، وان لعب أدواراً سياسية بارزة في المنطقة ومع العالم، بحيث تمكّن من تغيير الجيوبوليتيك السوري والتحوّل الى لاعب اقليمي مهمّ، قبل أن تصبح سوريا مؤخراً مجرد ملعب للقوى الاقليمية والدولية وحتى للتنظيمات الارهابية. وما لم يكن ممكناً هو قبول أية معارضة، حيث مصير المعارض هو السجن أو المنفى أو القبر. وما ظهر بوضوح خلال عسكرة المعارضة هو نقص الخبرة السياسية وارتفاع منسوب الشخصانية والفردية وغياب التقاليد الديمقراطية في ادارة العمل الجماعي لتشكيلات المعارضة المتعددة. وأقل ما قاله أول رئيس للمجلس الوطني المعارض الدكتور برهان غليون هو ان المعارضة تراجعت تراجعاً كبيراً في السياسة، وانه لا مجال لقطف ثمار تضحياتنا من دون سياسة تتطلب تصوراً واضحاً للشروط السياسية للمعركة وليس فقط للشروط العسكرية.

وبكلام آخر، فان من الصعب ان تنطبق على حرب سوريا مقولة كلاوزفيتز ان الحرب هي استمرار للسياسة بوسائل أخرى. فهي استمرار للاسياسة بوسائل أخرى وأحياناً بالوسائل نفسها، سواء من جانب النظام أو المعارضة أو التنظيمات السلفية الارهابية مثل داعش والنصرة، أو من جانب القوى الاقليمية والدولية المنخرطة فيها مباشرة أو بالواسطة.

والروس يبدون ذاهبين الى النهاية، مع انهم حققوا أهدافهم الاستراتيجية في الداخل على صعيد اللعبة الاقليمية والدولية. والتسوية السياسية التي يرفع الجميع شعارها لن تكون سوى استمرار للاسياسة. –