IMLebanon

«تفاهم ضمني» بين جنبلاط وحزب الله على «التهدئة»

يشعر النائب وليد جنبلاط انه لم يعد وليد جنبلاط الذي يعهده اهل السلطة «بيضة» قبان التوازنات السياسية منذ العام 2005، فهو في منطقة بعيدة عن كل «نقاط الارتكاز» التي كان يمثلها بين السنة والشيعة وبين القوات والتيار الوطني الحر. ففي عز الانقسام بين السنة والشيعة انحاز جنبلاط للسنة وتحالف مع الرئيس سعد الحريري وفي عز الانقسام بين القوات والتيار اختار جنبلاط معراب وفضلها على الرابية. وتؤكد اوساط بارزة في 8 آذار ان التبدلات المتسارعة على خريطة التحالفات اللبنانية وخصوصا بعد انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للبلاد وتسمية الرئيس الحريري للحكومة وانسحاب التسوية الرئاسية على قانون الانتخاب، تُشعر جنبلاط بأنه لم يعد «حاجة» لاحد ولا بيضة القبان لا بين السنة والشيعة ولا بين المسـيحيين انفسهم فمصلحة الحريري اليوم اقوى واكبر مع العهد والتيار الوطني الحر من تحالفه الانتخابي مع جنبلاط في الشوف واقليم الخروب كما ان تلاقي جنبلاط مع القوات لا يمكن ان يكون على حساب التيار الوطني الحر. لذلك يعمد جنبلاط وفق الاوساط الى اعادة رسم المشهد اللبناني واعادة تموضعه فيه بشكل يبقيه فاعلاً على الساحة التي ستتأثر حكماً بما هو آت من متغيرات في المنطقة.

وتلفت الاوساط الى ان زيارة جنبلاط الاخيرة مع نجله تيمور الى موسكو منذ فترة وجيزة حملت كثيراً من الدلالات. وحرص جنبلاط على تظهير المعاملة الروسية له وبشكل اكبر من حجم نائب في البرلمان اللبناني ورئيس حزب كبير وممثل طائفة لا يستهان بها. هذا في الشكل اما في المضمون، فهم جنبلاط من الروس ان الرئيس بشار الاسد  باق في منصبه كرئيس لسوريا الموحدة  ومنع التقسيم او تفتيت الجيش والمؤسسات السورية وان المباحثات الروسية – الاميركية بلغت ذروتها في الايام الماضية وهناك شبه اتفاق على ضرب المجموعات التكفيرية وفي مقدمتها داعش فـ«مكافحة الارهاب» هي اولوية روسية واميركية والقضاء على «داعش» في العراق بات شبه كامل كما ان الجيش السوري وحلفاءه يحاصرون «داعش» في البيداء السورية ويتكبدون هزائم كبيرة ويسقط قتلى وجرحى لهم بالمئات.

هذا التقارب الاميركي – الروسي والذي «يطبخ» على نار هادئة يريد كل طرف فيه ان يضمن حصة كبيرة من الحلول السورية وسيكون لهذا التقارب انعكاسات في توقف حروب الاستنزاف في سوريا وترجمتها على اكثر من ساحة عربية ولبنانية.

لذلك عاد «البيك» من موسكو اخيرا ولكنه مدرك تماما ان استمرار العلاقة بين حزب الله والتقدمي الاشتراكي وبين التقدمي والحريري وباقي الافرقاء حاجة له ولنجله تيمور اكـثر من «حاجة» الآخرين له، ولذلك بادر جنبلاط الى الاتصال بالحريري ومحاولة  طي صفحة قانون الانتخاب وتشنجاته والتغريدات المتبادلة من الرجلين بحق بعضهما البعض. فتحدثا وفق الاوساط في نصيحة نقلها جنـبلاط للحريري بعدم الاستهتار بخطورة عدم الحث على عودة النازحين الى سوريا وللتحدث مع النظام السوري عبر السفارة السورية في لبنان او عبر نصري خوري والمجلس الاعلى السوري اللبناني او تكليف شخصية لبنانية امنية او رسمية التفاوض مع الجانب السوري.

كما نصح جنبلاط الحريري بعدم التعرض للجيش ودوره كي لا تضعف معنويات واداء عسكره.

وبالطبع لم يغب قانون الانتخاب الجديد بين جنبلاط والحريري وامكانية الحفاظ على علاقة جيدة بعد طي صفحة القانون والتباينات بين الرجلين حوله لينجح مروان حمادة «وديعة الاميركيين» والسعودية في كتلة جنبلاط في جمعهما بالاتصال الهاتفي الذي سيكون فاتحة للقاء مباشر قريب.

في المقلب الدرزي يشكل تقارب جنبلاط مع النائب طلال ارسلان اضافة هامة لطائفة الموحدين فتكاتف الرجلين لا يحصن الطائفة فقط وفق الاوساط انما يدفع في اتجاه توحيد موقفها تجاه الطوائف الاخرى التي تتحد فيما بينها وتخوض في «تحالف اقوياء» مع الاخرين.

ووفق الاوساط لا يغيب عن بال جنبلاط  اهمية العلاقة مع حزب الله الذي ظهر خلال مفاوضات قانون الانتخاب الجديد حريص على عدم تهميش جنبلاط و«تقزيمه» بما لا يليق مع دوره وحجمه السياسي التاريخي، لكن الحزب ايضا لا يريد «نفخ» جنبلاط واحداث «تضخم» في حجمه السياسي، في المقابل يلتزم جنبلاط تهدئة «غير معلنة» مع الحزب ويتجنب خوض سجالات سياسية معه حفاظا على هذه العلاقة «العادية» والمستقرة.