IMLebanon

التلي مودعاً مقاتليه: سنثأر من حزب الله

عمليا ووفقا لكل المعطيات انتهت عملية حزب الله العسكرية بتطهير جرود عرسال من مجموعات «جبهة فتح الشام» و«سرايا احرار الشام» عبر حصرهم في منطقة تمتد بين وادي حميد ومدينة الملاهي، وفقا للخطة المرسومة مسبقا من قبل القيادة العسكرية لحزب الله والقاضية بتنفيذ مهمة التحرير بالحد الادنى من الخسائر، وهو ما كان لها.

فمع انجاز المرحلتين الاولى والثانية، دخلت الدولة اللبنانية عمليا ساحة المعركة من خلال توليها ملف التفاوض مع ما تبقى من قيادات لـ «النصرة» وعلى رأسهم اميرها  ابو مالك التلي الذي كلف احد مسؤوليه الاتصالات المباشرة، فيما كلفت الدولة اللبنانية وسيطين، سبق ان عملا سابقا على خط الاتصالات مع «جبهة النصرة»، بإعادة فتح خطوط التواصل غير المباشر مع المسلحين لانهاء المرحلة الثالثة ذات «الطبيعة غير العسكرية»، مع طرفين غير لبنانيين ابرزهما مسؤول امني تركي، بعدما فشل الوسيط اللبناني بمهمته.

وبحسب ما تكشف المصادر فان مدير عام الامن العام اللواء عباس ابراهيم قد حاز التغطية السياسية المطلوبة من قبل كل الاطراف لانجاز مهمته بالاتفاق مع قيادة حزب الله، حيث تم وضع وثيقة خطية بنقاط الاتفاق وشروطه، بالتنسيق مع قيادة الجيش المعنية كقوة منتشرة في منطقة العمليات، في الوقت نفسه الذي فتحت خطوط اتصال «غير مباشرة» بين بيروت ودمشق باعتبارها معنية بالتنفيذ من خلال تأمين خط انسحاب آمن للمسلحين نحو ادلب.

وتكشف المعطيات في هذا الاطار، ان امير «جبهة فتح الشام»، وجه خلال الساعات الماضية رسالة وداعية موجهة الى ما تبقى من مقاتليه يؤكد فيها على «الثأر من حزب الله»، قبل ان يغادر مقره الواقع في وادي الدم بالقرب من «مسبح ابو مالك»، الذي تم الانتهاء من اعمال انجازه قبل اسابيع وكان يستخدمه للسباحة مع عائلته، باتجاه الجزء الذي تسيطر عليه النصرة سابقا من معبر الزمراني، مع ملايينه الـ35، بانتظار اتمام التفاصيل الاخيرة لصفقة الانسحاب باتجاه ادلب، حيث اكدت المصادر ان انسحابه الى هذه النقطة بالتحديد مساء الاربعاء انما جاء لتوسيع مروحة الاحتمالات، اذ ان المعبر المذكور يشكل مثلثا حدوديا بين الداخل السوري ،منطقة تواجد «داعش» التي فشلت مفاوضاته معها للانسحاب باتجاه مناطق نفوذها لاشتراط اميرها في القلمون ابو السوس عليه باعلان مبايعتها علنا تصفية لحسابات سابقة بين العدوين، وباتجاه الداخل اللبناني حيث كان يتواجد اصلا في وادي حميد.

مصادر متابعة لمجريات الأحداث اكدت ان قرار حزب الله لم يأت من عبث في وقف اطلاق النار، ذلك ان استمرار المعارك في المنطقة التي حوصر بها المسلحون حاليا كانت ستكون نتيجتها كارثية في ظل وجود مخيمات للنازحين تضم آلاف النساء والاطفال  من بينهم عائلات بعض قيادات ومقاتلي جبهة فتح الشام ، مشيرة الى ان تلك الخطوة حتمها «الواجب الاخلاقي والشرعي» وبعدما باتت تلك المجموعات لا تشكل اي خطر على الامن اللبناني، مؤكدة ان اتصالات جرت لتسليم الجيش الجزء اللبناني الذي تم تحريره من الجرود خلال الساعات القادمة، بعد انتهاء قيادات من اتخاذ الاجراءات اللازمة لذلك وتحديد نقاط انتشارها. وتكشف المصادر ان نطاق الاتفاق الجاري الاتفاق حوله والتي حددت مهلة 48 ساعة لانجازه تتركز على:

– تسليم عدد من اسرى حزب الله عرف منهم ثلاثة أسروا في تشرين الثاني عام 2015 وهم حسن نزيه طه، ومحمد مهدي هاني شعيب، وموسى كوراني، إضافة إلى محمد جواد ياسين الذي خطف منتصف آب الفائت واثنين اسرى خلال المعركة الاخيرة، ومن المفترض أن تشمل الصفقة أيضاً استعادة عدد من جثامين مقاتلين مفقودين من الحزب،على ان تتم عملية التسليم عبر أحد المعبرين البريين اللذين يربطان إدلب بتركيا، وهما إما معبر «باب الهوى» في شمال غرب المحافظة، وهو تحت سيطرة كتائب عدة في المعارضة المسلحة أبرزها «فتح الشام»، أو عبر المعبر الجديد الذي افتتحته السلطات التركية على الحدود مع سوريا عند قرية خربة الجوز في ريف إدلب الغربي والقريب من الحدود الإدارية لمحافظة اللاذقية، على ان ينقل الاسرى والجثامين بالطائرة الى مطار بيروت برفقة وفد امني لبناني.

– تأمين خط انسحاب لمن يرغب من المسلحين باسلحتهم الفردية وعائلاتهم، بمرافقة عناصر من «حزب الله» والجيش السوري، باتجاه ادلب السورية بعد انجاز الترتيبات مع الجانب السوري.

– تفكيك مخيمي وادي حميد ومدينة الملاهي على ان ينتشر الجيش اللبناني في تلك المنطقة وصولا الى الكسارات والاراضي الزراعية لتأمينها تمهيدا لعودة اهالي عرسال اليها. وفي هذا الاطار علم ان من لا يرغب من النازحين المغادرة باتجاه الداخل السوري ستتم نقلهم الى مخيمات عرسال تحت اشراف الامم المتحدة.

وتتابع المصادر بان النقطة العالقة تبقى في «تسوية» اوضاع المسلحين وقياداتهم التي لا ترغب بالمغادرة، خصوصا ان الدولة اللبنانية ترفض اي حل يتعارض والسيادة والكرامة اللبنانية، نظرا لقيام هؤلاء باعمال ارهابية ادت الى استشهاد عسكريين ومدنيين لبنانيين خلال الفترة السابقة، منفتحة على احتمال تسليم انفسهم لمحاكمتهم وفقا للقانون اللبناني، جازمة في هذا الخصوص ان لا مجال لاي صفقة من اي نوع كان.

هكذا اذا شارفت مرحلة وجود «جبهة فتح الشام» على الاراضي اللبنانية ،بشكلها العسكري على الانتهاء، رغم ان المعركة الامنية ضد خلاياها النائمة وفكرها، وهي ساحة المواجهة الجديدة التي وعد بها ابو مالك التلي بالثأر عبرها، علما ان وجوده في الفترة الاخيرة في الجرود لم يكن ذات قيمة عسكرية او انية، بعدما تعرضت جبهته لضربات قاسمة عسكرية وامنية وشلت قدرته على التواصل بين الداخل والجرود عبر تمرير انتحاريين وسيارات مفخخة، واقتصر جهده على تأمين الحاجات اللوجستية للاستمرار في الجرود.