IMLebanon

الجلسة الـ45 كسابقاتها والمواقف ما زالت غامضة من الإستحقاق الرئاسي

الجلسة الـ45 كسابقاتها والمواقف ما زالت غامضة من الإستحقاق الرئاسي

جهود الحريري تنصبّ على إنقاذ الجمهورية وليس على دعم شخص بعينه

الهدف الحقيقي من عودة الحريري إلى بيروت هو لإطلاق حركة مشاورات واسعة لإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية..

للمرّة الخامسة والأربعين يفوّت حزب الله والتيار الوطني الحر الفرصة على مجلس النواب لانتخاب رئيس يملأ الشغور في رئاسة الجمهورية ومعه تنطلق عجلة الدولة المتوقفة منذ سنتين وأكثر من أربعة أشهر، وبدلاً من أن يتحسّس الفريق المعطِّل هموم الوطن والمواطن، يدفع بكل القوى السياسية في البلد ويضعها بين خيارين إمّا استمرار التعطيل أيّاً كانت نتائجه المأساوية، وإمّا تعيين العماد ميشال عون رئيساً بالإكراه لكنه في نفس الوقت لا يقوم بأي جهد لإقناع حلفائه بدءاً من الرئيس نبيه برّي مروراً برئيس تيّار المردة النائب سليمان فرنجية الذي رشّحه رئيس تيّار المستقبل إلى بقية قوى الثامن من آذار من أجل التصويت له، عملاً بأحكام الدستور والنظام الديمقراطي، وبدلاً من أن يفعل ذلك شنّ في الفترة الأخيرة هجوماً عنيفاً على تيّار المستقبل ورئيسه واتّهمه بتعطيل الانتخابات الرئاسية نزولاً عند إملاءات المملكة العربية السعودية التي تعارض، كما يدّعي الحزب وصول مرشّح قريب من إيران وحزب الله إلى رئاسة الجمهورية في ظل استمرار الاشتباك السياسي والعسكري بينها وبين الجمهورية الإيرانية.

وقد استفاد الحزب في هذه الفترة من غياب رئيس تيّار المستقبل سعد الحريري عن البلاد وراح يسرّب معلومات مختلفة عن تعاظم الخلاف بينه وبين المملكة على خلفية أزمته المالية العابرة ويضع عدّة سيناريوات حول الخيارات المحتملة التي يمكن أن يلجأ إليها الحريري، ومنها حاجته الماسّة للوصول إلى رئاسة الحكومة لأنها على حدّ هذه التسريبات تساهم في حلحلة أزمته المالية.

وعندما سرّب تيّار المستقبل معلومات عن عودة الرئيس الحريري إلى بيروت قبل موعد الجلسة الخامسة والأربعين لانتخاب رئيس جمهورية، بادر الحزب ومعه التيار الوطني الحر إلى أن سبب العودة هو أن الحريري قرّر الانعطاف في اتجاه العماد عون في مقابل وعد له بتكليفه تشكيل أول حكومة في عهد العماد المنتخب وراح التيار الوطني الحر يضغط بالنزول إلى الشارع في حال لم يلتئم مجلس النواب، وينتخب عماده بالإجماع.

ومساء السبت الماضي، أي قبل بضعة أيام من موعد الجلسة الخامسة والأربعين عاد الرئيس الحريري إلى العاصمة، ومع عودته توزّعت هنا وهناك معلومات عن قرار اتخذه بدعم ترشيح العماد عون لوقف النزف الحاصل في البلاد، ومنع الدولة من السقوط المحتّم، وارتفع منسوب هذه الاحتمالات بعد قيام رئيس التيار الأزرق بزيارة مرشحه لرئاسة الجمهورية النائب سليمان فرنجية في بنشعي مفتتحاً بذلك جولة المشاورات مع القيادات السياسية قبل أن يُقدم على اتخاذ أي قرار أو مبادرة بشأن الاستحقاق الرئاسي، ومع انتشار خبر الزيارة إلى بنشعي انتشرت الشائعات والتسريبات ومما قيل في هذا الخصوص أنه ذهب إلى بنشعي لإقناع فرنجية بالإنسحاب أو أنه ذهب لإبلاغه قرار سحب تبنّي ترشيحه والانعطاف باتجاه العماد عون من أجل إنقاذ الجمهورية من الخطر التي يتهدّدها جرّاء استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية وتعطيل كل المؤسسات الدستورية تبعاً لذلك، وغابت تماماً تسريبات حزب الله إلى وسائل إعلامية تتّهم تيّار المستقبل بتعطيل الانتخابات.

وأمام هذا الكمّ من المعلومات عن سبب عودة الحريري إلى بيروت، انعقدت كتلة المستقبل النيابية برئاسة الحريري بعدما كانت أصدرت قبل أسبوع بياناً ردّت فيه على الاتهامات، وجدّدت استمرار دعم ترشيح النائب فرنجية وتحميل حزب الله وحده مسؤولية تعطيل الانتخابات في لبنان خدمة لمصالح إيران وطموحاتها التوسعية في المنطقة، وفي هذا الاجتماع الذي ترأسه الحريري نفسه ظهرت حقيقة الهدف من عودة الحريري إلى بيروت وهي إطلاق حركة مشاورات واسعة لإنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية لأن البلد لم يعد قادراً على مزيد من الاحتمال في ظل انسحاب الشغور الرئاسي على باقي المؤسسات الدستورية من مجلس النواب إلى الحكومة المهدّدة بخطر الاستقالة، نتيجة التصعيد العوني المدعوم من حزب الله، وحرصت الكتلة على أن رئيسها لا يحمل مبادرة معيّنة، ولا تصوّراً محدّداً ولا توجّهاً واضحاً بالنسبة إلى العماد عون وإمكان الانعطاف نحوه بوصفه يشكّل مخرجاً لأزمة الاستحقاق الرئاسي، بقدر ما يحمل قراراً بضرورة إنهاء الشغور في رئاسة الجمهورية لوقف التدهور الحاصل وإنقاذ الوطن من المخاطر المحدقة به.

وجاءت الجلسة الخامسة والأربعين لتسجّل أن لا شيء قد تغيّر على صعيد الأزمة الرئاسية فالمعطِّلون ما زالوا على موقفهم والداعمون للانتخاب كذلك، وتُشير الأجواء والمواقف التي صدرت عن النواب الذين شاركوا في هذه الجلسة ولا سيّما ما صدر عن الرئيس برّي حول سلّة التفاهمات ومن ثمّ تأجيل الجلسة إلى آخر تشرين الأول المقبل، كدليل إضافي على أن مساعي الحريري لم تثمر أي تفاهم على رئيس للجمهورية بما في ذلك التفاهم على العماد عون وبالتالي فإن الأمور ذاهبة في اتجاه مزيد من التعقيدات بانتظار الانتخابات الأميركية ومصير التطورات الدراماتيكية في سوريا التي رفعت من منسوب المواجهة بين المملكة العربية السعودية وإيران، وهذا بدوره يطرح سؤالاً مركزياً مهمّاً وهو إذا كان الرئيس الحريري انعطف حقيقة في اتجاه عون فهل بإمكانه القفز فوق الحواجز السعودية في مرحلة رسم خرائط جديدة للمنطقة.