IMLebanon

الجيش يستبق معركة الجرود بعرض كفاءات الجنود

مصادر عسكرية تتوقّع انطلاقها خلال 48 ساعة

الجيش يستبق معركة الجرود بعرض كفاءات الجنود

خلال اليومين الماضيين، برزت بشكل واضح وكبير، التحضيرات الميدانية واللوجستية التي يقوم بها الجيش لمواجهة تنظيم «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك، وقد توزعت، بين تمركز وحدات الجيش عند نقاط استراتيجية والسيطرة على تلال مُشرفة على مواقع الإرهابيين، وبين عمليات الدعم المتواصل بالجنود والآليات طيلة الساعات الماضية استعداداً لإعلان ساعة الصفر.

ومن المؤكد أن المعركة المُنتظرة في الجرود والتي سوف يخوضها الجيش بدافع وطني بحت وروح قتالية عالية تكاد تُلامس رايات النصر المُرتقب، بحاجة أيضاً إلى دعم شعبي ومواكبة إعلامية تُظهر الملاحم البطولية في الميدان والتي تسبقها عادة مناورات حيّة تُحاكي ما ستكون عليه المعركة على أرض الواقع. ومن هذا الباب، نشرت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أمس، فيلماً دعائياً لعمليات الجيش العسكرية في جرود القاع ورأس بعلبك، وبدا واضحاً مدى الثقة العالية التي يتمتع بها عناصر الجيش وهم يقومون بتنفيذ المهام المطلوبة منهم في الميدان، على أكمل وجه، إن من خلال عمليات الانتشار، أو عمليات الاقتحام لمواقع الجماعات الإرهابية.

ولعل الأبرز في المقطعين المصورين واللذين لا تتجاوز مدتهما الدقيقة، الأهداف الدقيقة التي حققتها مدفعية الجيش بالإضافة إلى الإنجازات الكبيرة التي تُحققها طائرات الـ «سيسنا»، وهي بحسب مصدر عسكري، طائرة استكشاف تتمتع بإمكانات تقنية عالية في مجال التصوير وكذلك المراقبة الليلية، وتستطيع تحديد المواقع على بعد 20 ميلاً، وإطلاق النيران لمسافة أميال واصابة الهدف بدقّة، مع هامش خطأ لا يتعدى نسبة الـ 10 في المئة. والأهم أن بإمكانها التحليق لفترة سبع ساعات متواصلة وأن تنقل في شكل مباشر الصورة الطوبوغرافية والحقيقية للأرض أثناء التحليق. أمّا السلاح الأبرز الذي تحمله الـ«سيسنا»، فهو صواريخ «هيل فاير»، التي تُجهز بها طائرات الـ«أباتشي» الأميركية.

وتمكّن الجيش أول من أمس من السيطرة على تلال ومواقع في جرود رأس بعلبك، تُشرف بشكل كامل على المساحات التي تتمركز ضمنها مجموعات «داعش». وخاض لساعات معركة مع الإرهابيين قتل خلالها ما لا يقل عن ستة عناصر منهم تمكن التنظيم من سحب إثنين في وقت لاحق، وعلى أثر ذلك، اكتفى الجيش، بإصدار بيان حول طبيعة ما جرى والإنجازات التي حققها. لكن بعض الأقلام وبدل أن تتخذ من البيان إثباتاً ومصدراً موثوقاً لدعم المؤسسة العسكرية والدور الذي تقوم به لمحاربة «داعش»، راحت تُشكّك فيه وفي صحته، فما كان من قيادة الجيش أمس، إلاّ أن نشرت صوراً تُظهر أربع جثث لقتلى التنظيم وكميّة من الأسلحة والذخائر والأعتدة العسكرية التي خلّفها الإرهابيون وراءهم. ولم تنفِ في السياق نفسه، جرح خمسة عسكريين بينهم ضابط بجروح طفيفة.

هذه الحملات المُشككة، دفعت رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري إلى الطلب أمس من وزيري العدل سليم جريصاتي والإعلام ملحم الرياشي، متابعة ورصد الشائعات المُربكة للجيش ولمهمته واتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالفين، وذلك بناء على مقررات جلسة المجلس الأعلى للدفاع التي انعقدت في 8 آب الجاري برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. كما طلب من قيادة الجيش التفاهم مع وسائل الإعلام لجهة عدم الدخول إلى ميدان المعارك وحصر التغطية الإعلامية بالقيادة.

وفي إطار التحضيرات التي يقوم بها الجيش في الجرود، تؤكد مصادر عسكرية لـ«المستقبل»، أن المعركة أصبحت قريبة وقد تكون خلال الساعات الثماني والأربعين المُقبلة، فكل التحضيرات قد أنجزت ولم يعد هناك سوى الإعلان عن بدئها. والتنسيق بين الوحدات هو في أعلى مستوياته، وسيكون بين شبكات نيران المدفعية، بشكل مُحكم من شأنه أن يشل تحركات الإرهابيين وهذا ما سوف يُسهّل على الجيش استهدافهم في أوكارهم، وأن يُخفّف أيضاً من الإصابات المُحتملة في صفوف الجيش أثناء المعركة، مع الأخذ في الاعتبار، إمكانية إنهائها قبيل الموعد المُحدد لها، علماً أن قيادة الجيش كانت أعلنت منذ فترة، عدم وجود توقيت محدد لبدء المعركة أو إنهائها.

وضمن التصريحات التي تعتبر أن ضرورة ميدانية وعسكرية تحتّم مستوى معيّناً من التنسيق بين الجيش وقوى أخرى سواء خارجية أو داخلية، توضح المصادر أن الجيش اتخذ قراراً بعدم التنسيق مع أي جهة، فوحداته المُنتشرة في الجرود قادرة على حسم المعركة وعلى تسجيل انتصار ساحق فيها. وهذا الميدان سيشهد على قوّة الجيش وقدراته العسكرية، وسيكون الاندحار الأوّل لتنظيم «داعش» من بلد عربي بشكل كامل. وإذا كان استنزاف الجيش لـ«جبهة النصرة» قبل أن تندلع المعركة بين الأخيرة و«حزب الله» قابله استنزاف مماثل لمجموعات «داعش»، إلا أن ظروف هذه المعركة تختلف كثيراً إن لجهة العديد والعتاد، أو لجهة التوزيع الجغرافي. بشريّاً تضم مجموعات «داعش» المُنتشرة في جرود القاع ورأس بعلبك، 32 موقعاً أساسياً يتواجد فيها نحو 700 مسلح، يتمتعون بخبرة قتالية لا يُستهان بها اكتسبوها خلال قتالهم في سوريا والعراق وبعضهم من جنسيات أجنبية، يضاف الى ذلك عامل أساسي هو أن غالبية عائلاتهم غير موجودة في الجرود ولا توجد ضمن مناطقهم، مُخيمات للنازحين على عكس ما كان عليه الحال ضمن مناطق سيطرة «النصرة».

وأهم ما في التحضيرات التي يقوم بها الجيش استعداداً للمعركة، وضعه في الحسبان قدرة تنظيم «داعش» في الجرود سواء لجهة السلاح الذي يمتلكه عناصره، أو لجهة المساحات التي يُمكن أن يستخدموها مع الأخذ في الحسبان، فرضية تسلل عناصر دعم إضافية منهم من جهة البادية السورية في ريف حمص إلى الجرود. ولم تغب عن الحسابات العسكرية، قوّة «داعش» التي تعتمد بشكل أساسي على استخدام القناصين، وموجات الانتحاريين، والتفخيخ وإقامة كمائن من خلال القتال ضمن مجموعات صغيرة تتوزع في الجرود. وتُضاف إلى هذه الإمكانات العسكرية، إمكانات لوجستية مثل إنشاء كهوف مُحصّنة وأنفاق ووسائل نقل مع شبكة اتصال، بالإضافة إلى مستشفى ميداني وكميات وافرة من الطعام. وهنا يخلص المصدر العسكري إلى القول: «الجيش قطع إمداد داعش من الجهة اللبنانية، بنسبة مئة في المئة ولن يكون أمامه سوى الموت أو الاستسلام».