IMLebanon

محاولة الثنائي الشيعي تطبيع العلاقات مع سوريا تشعل خلافاً داخلياً

    تحذيرات «القوات اللبنانية» مـؤشر خطير يواجه صمود حكومة استعادة الثقة

    الانقسام العامودي داخل مجلس الوزراء لا يمكن ردمه بالنأي بالنفس وأن كان أرجأ «الانفجار

التباين الحاد الذي تجلى داخل جلسة مجلس الوزراء حول زيارة وزراء من حركة أمل وحزب الله إلى سوريا وإصباغ الطابع الرسمي عليها، كشف عمق الخلاف داخل الحكومة حول القضايا الأساسية العالقة منذ ما قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والتفاهم فيما بعد على تشكيل حكومة استعادة الثقة، كما كشف في ضوء المناقشات التي دارت في مجلس الوزراء حول شرعية هذه الزيارات أو عدم شرعيتها مدى هشاشة الحكومة، وذهبت مصادر سياسية من اتجاهات مختلفة إلى حدّ التخوف من ان يكون هذا الخلاف قد دك أول إسفين في الجسم الحكومي من شأنه أن يضع استقالتها على قاب قوسين أو أدنى في حال لم تنجح المساعي التي يفترض أن تنشط بعد جلسة مجلس الوزراء لرأب صدع هذه الزيارات على حدّ ما ذهب إليه رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء.

وإذا كان رئيس الحكومة غير الموافق على إعطاء هذه الزيارات أية صفة رسمية قد نجح هذه المرة في ابعاد الكأس المرة عن الحكومة بشطب موضوع الزيارة من محضر مجلس الوزراء، واللجوء إلى سياسة النأي بالنفس عنها، فإن تمسك رئيس مجلس النواب نبيه برّي ووزير حزب الله باعتبار زيارة وزيري حزب الله و حركة أمل إلى سوريا يجب أن توضع في خانة الزيارة الرسمية بالنظر لما بين الدولتين من علاقات دبلوماسية قائمة، فإن هذا الموضوع فتح جرحاً عميقاً في جسم التضامن الوزاري قد لا يندمل في حال تمت الزيارتان واتخذتا الطابع الرسمي كما يُصرّ على ذلك وزير حزب الله حسين الحاج حسن، وكما صرّح الرئيس برّي أمس أمام النواب الذين التقاهم في لقاء الأربعاء النيابي.

ووفق ما كشفت عنه المناقشات التي جرت في الجلسة التي عقدها مجلس الوزراء أمس حول هذا الموضوع يبدو واضحاً للمراقبين السياسيين مدى الانقسام العمودي داخل هذه الحكومة والذي لا يمكن ردمه بقرار النأي النفس الذي اتخذ بناء على إصرار رئيس الحكومة سعد الحريري إذ أن هناك أموراً أخرى من شأنها أن تزيد هذا الإنقسام العمودي كمثل التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري في المعركة التي يستعد الجيش اللبناني لخوضها من أجل طرد داعش من جرود القاع ورأس بعلبك والتي كانت موضع تفويض كامل للجيش من قبل مجلس الدفاع الأعلى الذي انعقد قبل يومين برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة وعدد من الوزراء وجميع قادة الأجهزة الأمنية.

وإذا كان التفويض السياسي للجيش بأن يقوم وحده بالعملية العسكرية الواسعة ضد تنظيم داعش الارهابي يعتبر انتصاراً للجيش أولاً والتأكيد على انه وحده قادر على طرد هذا التنظيم الارهابي من كل الأراضي اللبنانية من دون التنسيق مع الجيش السوري وحزب الله اللذين يخوضان أيضاً معركة طرد فلول الارهابيين من داخل الأراضي السورية المحاذية للحدود اللبنانية الشمالية، فإن استمرار الرئيس برّي ومعه حزب الله في دعوة الحكومة اللبنانية إلى القبول بمبدأ التنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري خلافاً للموقف الرسمي الذي ينص على مبدأ النأي بالنفس وعدم التدخل في المحاور العربية من شأنه ان يعمق أيضاً الانقسام داخل مجلس الوزراء والذي كشف عنه الخلاف الوزاري حول طبيعة زيارة وزيري حزب الله وحركة أمل إلى سوريا والتي حذر منها رئيس حزب القوات اللبنانية ووصفها بأنها محاولة من البعض استخدام الحكومة لتعويم النظام السوري واعطائه مشروعية وسأل أين الحكمة في هذا التصرف، وفي خسارة الدول التي تفيد لبنان وشعبه خدمة لمصالح إقليمية لدى حزب الله، معتبراً ان ما حصل في الحكومة غير مقبول وذهب إلى حدّ التحذير من ان هذه التصرفات تُهدّد بقاءها وأشار الى ان أي تعاطٍ رسمي بين الحكومتين اللبنانية والسورية مرفوض ولن نقبل به، داعياً الى العودة إلى الاسس التي قامت عليها هذه الحكومة.

 

المراقبون رأوا ان كلام رئيس حزب القوات اللبنانية لا يتجاوز الاتفاق الذي توصل إليه مجلس الوزراء حول هذه الزيارة والذي يقوم على قاعدة النأي بالنفس عنها ما من شأنه ان يلغي الكثير من التساؤلات عمّا إذا كان الرئيس الحريري ترك الخيار لوزيري أمل وحزب الله في ما إذا كانا يصران على اعتبار زيارتيهما رسميتين أم انها ذات طابع شخصي، وفي كلا الحالتين تكون الحكومة قد تجاوزت الانفجار.