IMLebanon

السلسلة بين السرعة والتسرّع  

بالرغم من أنّ الخطوة محفوفة بالتعقيدات الكثيرة ويتعذّر توقع كامل نتائجها منذ اليوم، فإنّ إقرارها هو حدث مهم في حدّ ذاته. فلم يكن أحدٌ ليتصور أن قانون سلسلة الرتب والرواتب سيبصر النور. وحدث ذلك، ومن المتوقع أن يرافقه ما يحدث من إبتهاج هنا وإنتقاد هناك، وتعجّب في غير مكان وزمان.

ومثل أي حدث كبير فقد كثر المصطادون في المياه العكرة والسابحون في المستنقعات الآسنة… ومعظم ردود الفعل من النوع المصطنع. فالدعوات من غير جهة إلى التظاهرات والإعتصامات إحتجاجاً على موارد السلسلة صدرت عمّن يطيب لنا أن نسمّيهم «صيادي الفرص» ومقتنصي ظروف الناس وصعوباتهم وأيامهم القاسية في محاولة لتسجيل نقطة في مكان ما، و«التمريك» في مكان آخر، والتنفيس عن أحقاد وضغائن في مكان ثالث.

البعض يودّ أن يقول: أنا هنا. وأظرف من في هذا البعض اولئك الذين يدعون الى التجمع أو التظاهر في عداد الداعين الكثر، سعياً منهم لتجيير المشهد الى مصلحتهم. وهذا معروف من الجميع وشرحه منه وفيه، لذلك لا نستغربه كون الكثيرين من محترفي السياسة أو حتى من الطارئين على دواوينها وزواريبها يسعون الى تسويق أنفسهم بالإنتقاد السلبي من دون أن يقدموا أي بديل… بل إن بعضاً ممن قالوا بالموارد البديلة للضرائب والرسوم لم يسأل نفسه ما إذا كان هو وأقرباؤه قد اغتنموا نفوذهم في سبيل الحصول على ثروات خرافية على حساب أملاك الدولة أو الأملاك البحرية، أو بالسلبطة والأساليب الملتوية.

نقول هذا القول من دون أن يفوتنا أن هناك غيارى حقيقيين على مصالح البلاد والعباد وهم يتحركون بدافع وطني وإنساني صرف. ولكن هؤلاء هم قلّة بين قنّاصي الفرص وصيّادي المناسبات والمتاجرين بآلام الناس وآمالهم على حد سواء.

ونحن من دعاة إقرار سلسلة الرتب والرواتب من زمان، إلاّ أننا كنّا نفضل التريث بضعة أسابيع إضافية ريثما يكون قد توافر الجدول الحقيقي (قابل للتنفيذ) الذي يبين مصادر التمويل التي لا تؤذي الناس ولا تصيبهم في مواردهم وإمكاناتهم المحدودة ومداخيلهم الضئيلة.

وفي هذا السياق كنّا نتمنّى لو أن القوم، في مجلس النواب، استمعوا الى الرأي المتطابق بين الرئيس العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري اللذين ومعهما الدكتور سمير جعجع، قالوا ويقولون بإقرار الموازنة أولاً ثم السلسلة في ما بعد على أن يكون قانون الموازنة قد أمّن التغطية للسلسلة في باب الواردات، لأننا نخشى أن نصل أمام حال من إثنتين:

إما سلسلة غير قابلة للتنفيذ، أو سلسلة سيكون لتنفيذها تداعيات. والذين إنتظروا سنوات طويلة كان بإمكانهم أن ينتظروا أسابيع قليلة تداركاً لوقوع المسرعين في مأزق التسرّع. وتلك مصيبة.