IMLebanon

الثنائي المسيحي امام خيارات صعبة ومصداقية العهد على المحك

يومًا بعد يوم يجري رمي المزيد من اقتراحات القوانين الانتخابيّة في الاعلام، بحيث ضاع الناخبون وأصبحوا يُشكّكون أكثر من أيّ وقت مَضى في وجود نيّات مُبيّتة في الملفّ الانتخابي، تهدف إلى استنزاف المُهل الدُستوريّة حتى نهايتها، لتُصبح عمليّة فرض الحلول أكثر سهولة، ولتُصبح عمليّة القُبول بما كان مرفوضًا في السابق أكثر مرونة! ولا شكّ أنّه مع سُقوط الاقتراحات المُقدّمة من قبل «التيار الوطني الحُرّ» الواحد بعد الآخر، عاد إلى الواجهة خياران أساسيّان، في ظلّ استمرار الخشية من حصول تمديد للمجلس النيابي الحالي لفترة زمنيّة طويلة نسبيًا. والخياران المذكوران ينحصران بمسألة اعتماد «النسبيّة الكاملة» في أيّ قانون انتخابي جديد، أو بالمُوافقة على تنظيم الانتخابات وفق القانون النافذ حاليًا.

وفي هذا السياق، أوضحت مصادر سياسيّة مُطلعة أنّ «الثنائي الشيعي» بات يتحدّث عن «التصويت النسبيّ» كخيار حتمي لا مجال لتجاوزه في أي قانون انتخابي مُقبل، في ظلّ ضُغوط مُتصاعدة بفرض صيغة التصويت النسبي الكامل، مع ترك باب التفاوض مفتوحًا على بعض تفاصيل الدوائر الانتخابيّة. وأضافت أنّ «الثنائي الشيعي» يستفيد من تأييد العديد من القوى السياسيّة لهذا الخيار، ومن تأييد «المُجتمع المدني له» أيضا، وكذلك من عدم مُمانعة رئيس الجُمهوريّة لهذا الخيار في حال جرى التوافق عليه بشكل واسع. ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ كلاً من «حزب الله» و«حركة أمل» ومعهما مروحة واسعة من قوى «8 آذار» باتت تُعلن مواقف مُتقدّمة في هذا المجال، إن على مُستوى الشخصيّات السياسيّة أو الاعلاميّة، مُراهنة على عامل الوقت ليكون الضاغط الأكبر نحو مُوافقة المزيد من القوى السياسيّة على النسبيّة الكاملة. وأضافت المصادر السياسيّة أنّ «الثنائي الشيعي» رفع أخيرا مجموعة من اقتراحات القوانين المَبنيّة على صيغة الاقتراع النسبي الكامل، للاختيار من بينها، أبرزها طرح يقضي بتقسيم لبنان إلى ست مُحافظات كبرى، وذلك تجنّبًا للدخول في خيارات سيّئة، تتراوح بين التمديد للمجلس والفراغ على المُستوى التشريعي.

في المُقابل، رأت المصادر السياسيّة المُطلعة عينها أنّ العديد من القوى السياسيّة، وفي طليعتها «تيّار المُستقبل» و«الحزب التقدّمي الإشتراكي» ومجموعة من الشخصيّات المسيحيّة المُصنّفة «مُستقلّة»، يُراهنون على فشل كل المُحاولات المُستمرّة للتوصّل إلى قانون انتخابي جديد، بحيث يُصبح لبنان أمام خيار من خيارين: إمّا الدخول في أزمة سياسيّة كبيرة، أفضل مخارجها التمديد لفترة طويلة، وليس لبضعة أسابيع أو أشهر، كما كان يجري التحضير له تحت عنوان «التمديد التقنّي» نتيجة تجاوز المُهل الدُستورية للتحضير لمُطلق أي انتخابات جديدة، وإمّا تنظيم انتخابات جديدة وفق القانون النافذ حاليًا، أي قانون الستّين المُعدّل في الدَوحة، وذلك بعد اتخاذ التدابير اللوجستية والقانونيّة لذلك. ويُعوّل هذا الفريق الداعم سِرًّا لخيار إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي، على ازدياد الأصوات الرافضة لأي فراغ دُستوري، وكذلك المَواقف الرافضة لتمديد ثالث للمجلس الحالي، لخوض الانتخابات وفق «سيناريوهات» شبيهة بما حدث في العام 2009 مع بعض التعديلات على عدد من التحالفات والتموضعات، وذلك بهدف الإبقاء على حجم نفوذه السياسي الداخلي كما هو، وعلى حجم تأثيره في نتائج التصويت في العديد من الدوائر من دون تغيير أيضًا. وتابعت المصادر نفسها أنّ هذا الفريق المُؤيّد لإجراء الانتخابات وفق «قانون الدَوحة» يُراهن على أن تكبر «كرة ثلج» المواقف التي تُفضّل إجراء الانتخابات وفق القانون الحالي على التمديد، بصفته الحل «الأقلّ سوءًا»، مُستفيدة من مواقف مُتقدّمة في هذا الصدد، أحدها للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. ولفتت المصادر عينها إلى أنّ «المُستقبل» لا يزال يُطلق مواقف رماديّة إزاء أكثر من قانون مطروح، ومن بينها «التأهيلي»، في حين قرّر «الاشتراكي» الدخول على خط اقتراح القوانين عبر تقديمه لصيغة انتخابية من إعداده، وذلك بهدف أن يكون بدوره شريكًا في النقاش الحاصل في الشأن الانتخابي.

وتابعت المصادر السياسيّة المُطلعة كلامها بالإشارة إلى أنّ «الثنائي المسيحي» أمام خيارات صعبة، حيث أنّ كل القوانين التي اقترحها، أو على الأقلّ أيّدها، لقيت مُعارضة من قبل «الثنائي الشيعي» أو أحدهما، أو من تحالف «المستقبل – الاشتراكي» أو أحدهما، من دون احتساب باقي القوى السياسيّة الداخلية التي تؤدي دورا أقلّ أهمّية في تقرير مَصير القانون الإنتخابي المَنشود. ولفتت المصادر نفسها إلى أنّ وزير الخارجية جبران باسيل الذي تولّى عمليّة التفاوض في الملفّ الانتخابي، حاول في بعض المرّات اللعب على حافة تحالفه المُستجدّ مع «القوّات» بهدف إقناع الفرقاء الآخرين بما يطرحه من مشاريع قوانين، من دون أن يوُفّق، حيث سقطت طروحاته كافة من «المُختلط» إلى «التأهيلي» مرورًا بالعديد من الاقتراحات الأخرى. وأضافت أنّ «القوّات» التي تحرص على التعامل بإيجابية كاملة مع الملف الانتخابي الذي يتولّاه الوزير باسيل، رفعت مُستوى تدخّلها في عمليّات الأخذ والردّ الحاصلة إزاء أكثر من اقتراح، بهدف الحؤول دون التوصّل إلى تسوية انتخابية على حسابها في اللحظة الأخيرة.وختمت المصادر السياسيّة المُطلعة نفسها كلامها بالقول إنّ توازن القوى بين مُؤيّد ورافض لهذا القانون أو ذاك، ولهذه الصيغة الانتخابية أو تلك، لا يزال يحول دون التوصّل إلى قانون انتخابات جديد، علمًا أنّ كثرة القوانين المُقترحة ليس دليل صحّة، بل سيزيد الإرباك وضياع الوقت. ونبّهت إلى أنّه ما لم يجذب أحد من مشاريع القوانين المطروحة أغلبيّة من القوى نحوه، ليتمّ فرضه على الآخرين، فإنّ الدوران في الحلقة المُفرغة سيستمرّ، لتُصبح مصداقيّة العهد الرئاسي ككل على المحكّ، وليصبح اللبنانيّون جميعهم أمام خيارات سيّئة بأكملها، ولا تستجيب للآمال العالية التي وضعت عند انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهوريّة اللبنانيّة.