IMLebanon

«وصايا» الفاتيكان..لموارنة لبنان  

نقل زوار الفاتيكان الاجواء التي تسود الحاضرة البابوية في ضوء أربعة مستجدات جرت خلال الفترة الاخيرة من زيارة قداسة الحبر الاعظم الى مصر، الى تعيين البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي محامي محكمة الروتا الروحية في روما، زيارة الرئيس ميشال عون للفاتيكان واجتماعه بالحبر الاعظم، وقبول استقالة البطريرك غريغوريوس لحام.

وأشارت مصادر فاتيكانية عليمة إلى أن زيارة البابا فرنسيس لمصر حملت اكثر من رسالة، وهي جاءت تحت عنوان العمل للسلام ولا للحرب، ولا لصراع الحضارات، إضافة الى دعم الاقباط في مصر والمسيحيين المشرقيين عموماً، الذين يمثلون بالنسبة إلى الفاتيكان «الخميرة»، التي عوّل عليها في عالم اليوم لبناء جسور التعاون والحوار بين الاديان وتجديد العيش المشترك.

أضافت المصادر ان البابا فرنسيس حرص خلال زيارته لمصر على بحث إنهاء الخلافات الليتورجية والطقسية مع الأقباط، انطلاقاً من سياسة الانفتاح التي تنتهجها روما مع سائر الأديان سواء اليهود أو المسلمين، فكيف بمسيحيين؟، مشيرة الى ان البابا فرنسيس بحث الامور الخلافية مع بابا الاقباط للمرة الاولى في تاريخ الكنيستين.

في الشأن السوري، قالت المصادر إن لا حاجة الى تصوير اي زيارة يقوم بها موفد بابوي الى الرئيس السوري بشار الاسد وكأنها سياسة دعم فاتيكانية للنظام، فهذا الامر ليس شأنا كنسياً، بل يندرج في سياق إنساني بحت، إنطلاقاً من سياسة الفاتيكان التي ترفض العنف والارهاب، سواء كان إرهاب نظام او مجموعات مسلحة، لذلك يجب عدم إعطاء هذا الامر اكثر من حجمه، فالكنيسة تعتبر ان العنف لا يحل مشكلة سواء مشكلات الانظمة او الجماعات، ولا بديل من الحوار لمعالجة المشكلات التي تطرأ داخل الكيانات والدول.

وفي الشأن اللبناني، أشارت المصادر الى ان الفاتيكان ابلغ الرئيس عون انه يولي الوضع اللبناني عناية خاصة، انطلاقاً من ان لبنان فاتيكانياً يمثل عاصمة الحوار بين الاديان والشعوب، وان نجاح نهج الحوار في لبنان، يعني حكماً نجاح نهج الحوار والاعتدال في المنطقة والعالم، من هنا تمسك الفاتيكان بالنموذج اللبناني، وضرورة مساعدة اللبنانيين على إنجاح تجربة العيش المشترك، ليبقى لبنان بحاضره ومستقبله نموذجاً لهذا العيش وليس فقط بتجربته السابقة للحرب الاهلية.

وفي الشأن اللبناني ايضاً، تصرّ المصادر الفاتيكانية على أن علاقة المسلمين اللبنانيين بالمسيحيين والعكس، يجب ان تقوم على قاعدة الاحترام المتبادل، خصوصاً ان المسلمين اللبنانيين مكوّن أساسي في البلاد، والعلاقة بين المكونات اللبنانية يجب ان يحكمها التوازن الذي في حال إختلاله، سينعكس حكماً وبالاً على الوضع اللبناني. من هنا يصرّ الفاتيكان على استمرار الحوار بين المكونات اللبنانية كوسيلة وحيدة وضرورية ودائمة لمعالجة المشكلات التي تطرأ على التوازنات في البلاد، من اجل الوصول الى إرساء سلم أهلي دائم وعيش مشترك يشكل نموذجاً عالمياً يُحتذى به.

أما في الشأن الكنسي الماروني، وأوضاع الكنيسة المارونية، فيطالب الفاتيكان الكنيسة المارونية بلعب دورها التاريخي في الجمع بين اللبنانيين، والضمانة للميثاق الوطني في البلاد، فضلاً عن إيلاء الشأن الاجتماعي إهتماماً إستثنائياً، من خلال مؤسساتها المتنوعة في مجالات التربية والتعليم والاستشفاء والمراكز والجمعيات الخيرية والاجتماعية التابعة للكنيسة، وضرورة تفعيل هذه المؤسسات لجهة الحد من أخطار النزف البشري المسيحي عموماً والماروني تحديداً. ويطالب الفاتيكان الكنيسة بلعب دور الجامع المشترك بين اللبنانيين، لترسيخ الاستقرار والسلم الاهلي، وحضّ البطريرك مار بشارة بطرس الراعي على القيام بمبادرات في وقت التأزيم السياسي لإخراج البلاد من عنق الزجاجة، وهو ما يتجلّى في ما يطرحه البطريرك الراعي من مبادرات للخروج من المأزق الانتخابي، وهي مبادرات قد لا تعجب بعض السياسيين الموارنة، إلا أنها تأتي في سياق التوجيهات الفاتيكانية.

وفي الشأن الكنسي ايضاً، جاء قبول الفاتيكان إستقالة البطريرك غريغوريوس لحام، في إطار مطلب تجديد الكنيسة الكاثوليكية المشرقية، خصوصاً ان البطريرك لحام بلغ من العمر عتياً، وهو تقدم باستقالته طلباً للتقاعد والراحة وإفساحاً في المجال امام عملية تجديد تطال اروقة الكنيسة الكاثوليكية على غرار العملية التي قام بها البطريرك مار نصرالله بطرس صفير اوائل التسعينيات من القرن الماضي، بطي صفحة الحرب الاهلية بالموافقة على اتفاق الطائف لانهاء الحرب، وإجراء المصالحات التاريخية وفي مقدمها مصالحة الجبل.