IMLebanon

وضع «داعش» الميداني صعب

من الزيارات الوزارية الى سوريا وما تطرحه من جدلية سياسية وقانونية، الى جلسات مجلس الوزراء المتعثرة مع ارتفاع نسبة الوزراء المغادرين للجلسات احتجاجا، تبقى تطورات الاوضاع والاستعدادت لتصفية وجود «تنظيم الدولة الاسلامية» العسكري على الجبهة الشرقية من جرود رأس بعلبك-القاع-الفاكهة وصولا الى جرود عرسال ، محط اهتمام اللبنانيين والمتابعين في الداخل والخارج، في ظل المتابعة الدقيقة للمشهد السياسي المتحرك على وقع لعبة شد حبال في الوقت الخطأ في ضوء ما يتجمع من غيوم ملبدة في السماء اللبنانية.

فمع مواصلة الوحدات العسكرية تقدمها في اتجاه عمق المنطقة التي يحتلها مسلحو «داعش» محققةً مزيداً من قضم مواقع استراتيجية من دون الاعلان رسمياً حتى الان عن بدء ساعة الصفر لمعركة تحرير الجرود، نجحت قوى الجيش في التقدم حوالى 6 كيلومترات محكمة الطوق من جهة وادي حميد والملاهي مقفلة بشكل كامل الثغرة التي طالما حاولت داعش استغلالها للتسلل باتجاه بلدة عرسال التي تشكل نقطة حيوية لها.

واذا كانت خطة الجيش المزدوجة قد باتت معروفة، اذ تقوم بالتوازي في مرحلتها التمهيدية على قصف مدفعي عنيف ومركز بالمدفعية الثقيلة من عيار 155 ملم وراجمات الصواريخ من نوع غراد، والقذائف الذكية القادرة على خرق التحصينات والتي تسلمها الجيش حديثا،فضلا عن الغارات الجوية التي تنفذها طوافات سلاح الجو اللبناني، من جهة، واستراتيجية قضم المناطق من جهة الثانية والتي بدأت منذ عشرة ايام مع انسحاب عناصر جبهة فتح الشام، تؤكد مصادر قريبة من اليرزة ان الخطط العسكرية الموضوعة خاضعة للمراجعة الدورية وقد وضعت بطريقة تسمح بتعديلها وفقا لمقتضيات التطورات الميدانية في ظل اعتماد سياسة المراحل،مرتكزة الى مبدأ تحقيق الاهداف باقل كلفة بشرية ومادية، وهو ما ظهر جليا في عملية الاربعاء، حيث كانت النتيجة اربعة جرحى اصاباتهم خفيفة ناتجة عن الطبيعة الجغرافية للارض، اذ تمكنت القوة المهاجمة من الوصول الى مسافة 16 كلم في عمق المنطقة المحتلة والاشتباك مع قوة داعش ما ادى الى مقتل كامل افراد الموقع ومن بينهم احد ابرز القادة الميدانيين.

وتتابع المصادر لذلك كان القرار باعتماد استراتيجية قتالية خاصة تتلاءم وبقعة العمليات، تمزج بين مجموعة من انواع القتال، داعية اللبنانيين الى الصبر لان المطلوب تحقيق الانتصار وتحرير الارض لا التسرع.

وحول خطة «داعش» الدفاعية،تكشف المصادر ان التنظيم لم يكشف حتى الساعة عن خططه للتحرك، وذلك امر طبيعي نتيجة عدة عوامل اولها،ان الالتحام المباشر والمعركة الاساسية لم تبدأ بعد، وثانيا لان الضربات الارضية والجوية التي يتعرض لها شلت حركة مقاتليه الذين باتوا سجناء جحورهم ال 37، كاشفة عن نجاح الجيش في اختراق تلك المجموعات استخباراتيا وان الاستعلام العسكري من الجو والبر والرقابة التي تؤمنها طائرات السيسنا والطائرات المسيرة عن بعد سمحت بتامين كم وافر من المعلومات عن الانتشار الاساسي لتلك الجماعات.

واشارت المصادر الى ان القيادة العسكرية وضعت مجموعة من الاحتمالات والسيناريوهات للتعامل مع كل منها استنادا الى التجارب السابقة التي عانت فيها جيوش دول المنطقة في مواجهتها مع التنظيم الذي بات من حكم المعروف اعتماده في الدفاع على ،نشر مجموعات صغيرة من المقاتلين، الاعتماد على القناصين ،والانغامسيين لتنفيذ سلسلة عمليات انتحارية متعاقبة بغية خرق ثغرات في خطوط الدفاع والهجوم المقابلة ،وهو ما اخذ في حسبان المخططين اللبنانيين.

اما فيما خص التفاوض مع تلك الجماعات ، فقد اكدت المعطيات ان الخطوط التي كانت مفتوحة في السابق ركزت كلها عبر طرف ثالث على المطالبة ببعض المواد الغذائية والتموينية والمحروقات وهو ما رفضه الجانب اللبناني،مبدية اعتقادها بان تلك المجموعات لن تبادر الى التفاوض بحسب ما تبين التجربة، مبدية اعتقادها بان الجزء الاساسي منها سبق وانسحب من المعركة عبر تسلله باتجاه البادية في مراحل سابقة، وان من تبقى سيخوض حربه حتى النهاية، كاشفة ان تلك الجماعات تعاني من وضع تمويني واستشفائي صعب جدا في ظل نفاذ مخزونها مع احكام الجيش اللبناني الطوق عليها منذ فترة طويلة وعدم نجاحها في اختراق خطوط النصرة سابقا لتامين خط امداد من عرسال، حيث بقي طريقها الوحيد المفتوح وبصعوبة هو من الاراضي السورية.

في غضون ذلك علم ان السفارات الغربية في بيروت رفعت من جهوزيتها ومتابعتها للاوضاع ووضعت في حال استنفار لمواكبة تطورات المعركة المرتقبة  في الوقت الذي جزمت فيه مصادر مطلعة بان لا ضغوط غربية على المؤسسة العسكرية لتأجيل عمليتها العسكرية، بل دعم كامل للمؤسسة العسكرية التي يعود لها توقيت ساعة الصفر وفقا لحساباتها، مشيرة الى ان البعثات الاميركية التي زارت الجبهة خرجت بانطباعات جد ايجابية حول المستوى القتالي للوحدات العسكرية المنتشرة، داعية الى القراءة الصحيحة لمغزى دفعة المساعدات التي وصلت قبل ايام الى مرفا بيروت والتي تعتبر نوعية اذا ما قيست بنوعية المعدات المسلمة،خصوصا ان لبنان هو الدولة الثالثة في العالم بعد الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية التي ستسخدم مصفحات البرادلي بطرازها الحديث،وهذا ان دل على شيئ فعلى الدعم المطلق لقيادة المؤسسة العسكرية وللثقة التي يتمتع بها الجيش عند الاميركيين.

عمليا بدأت معركة الجرود التمهيدية وقد وفى قائد الجيش بما وعد به، على ان تعلن ساعة الصفر رسميا مع انطلاق الهجوم البري والذي لن يتم الاستعجال في مباشرته قبل ضمان ظروف نجاحه بالكامل.فايا كانت مدة المعركة طولت ام قصرت في الايام فان اليرزة وضعت هدفا اساسيا ووحيدا امامها تطهير الارض وتحريرها في معركة الانتصار على الارهاب بكل اشكاله بعدما اتخذت كل الاجراءات اللازمة لحماية الجبهة الداخلية.