IMLebanon

قانون الإنتخاب ليس مزحة!

لا تدعوا الذين «يهوّلون» عليكم بإلغاء الطائفية السياسية يخيفونكم. لقد تعوّدنا على هذا النمط من الطروحات الموسمية!

إذا كنتم تريدون حقاً قانوناً إنتخابياً يمثّل كلّ فئات الشعب أفضل تمثيل، فلا توجد سوى ثلاثة مشاريع إنتخابية فقط لا غير تحقّق التمثيل الصحيح والمناصفة الحقيقية التي حدّدها الدستور:

1 – الدائرة الفردية: تقسيم لبنان إلى 128 دائرة، وكلّ ناخب ينتخب المرشّح الذي يمثّله في البرلمان.

2 – الدائرة الصغرى: كلّ دائرة تضمّ مقعدين أو ثلاثة مقاعد. واعتماد نظام «الصوت الواحد لمرشح واحد»، «One Person one vote».

3 – المشروع الأرثوذكسي: كلّ طائفة تنتخب نوابها. (من دون مزايدة الطوائفيين).

وكلّ ما عدا هذه المشاريع الثلاثة، المجهولة النتائج، (لذلك لا تناسب بعض الزعماء)، سيزداد الغبن الذي أصاب المسيحيين ويخالف المادة 24 من الدستور. إنّ ما يهمّ المواطن جدّياً، وفي غياب الأحزاب الوطنية العابرة للطوائف، هو معرفة مَن ينتخب، ويدلي بصوته بكلّ إقتناع إلى مرشح يعرفه ويثق به، قبل أن يعطيه وكالة لأربع سنوات. فالمرشّح الذي يختاره الناخب بحرّية واقتناع، سيمثّله في المجلس النيابي أفضل تمثيل، ويكون أكثر فهماً وإدراكاً لواقعه الإجتماعي، ويعبّر عن هواجسه ومطالبه وطموحاته.

لا يمكن أن تتحقّق الوحدة الوطنية الصحيحة إلّا إذا قامت على توازن وطني تتمثّل فيه كلّ شرائح المجتمع بغضّ النظر عن أعدادها. كلّ القوانين الإنتخابية التي وُضعت بعد «الطائف» والتقسيمات التي إعتُمدت وضمّت خليطاً من الطوائف والمذاهب بقصد ترسيخ العيش المشترك وتحقيق الإنصهار الوطني، عزّزت الطائفية، لأنّ المشاعر المذهبية هي التي تحكّمت بعملية الإقتراع وأفرزت نتائج لا تحقّق الوحدة الوطنية المرجوّة.

يجب أن يعترف الجميع بأنه لا يمكن تطبيق المادة 24 من الدستور التي تنصّ «أنّ التمثيل النيابي يكون بالتساوي بين المسلمين والمسيحيين ونسبياً بين طوائف كلٍّ من الفئتين، ونسبياً بين المناطق»، ولا يمكن تأمين المناصفة الحقيقية للتمثيل الطائفي بوجود خلل ديموغرافي يتزايد يوماً بعد يوم بين المسلمين والمسيحيين إلّا باعتماد الدائرة الفردية، أو الدائرة الصغرى، ونظام «الصوت الواحد لمرشح واحد»، أو «المشروع الأرثوذكسي».

لا المشروع المختلط، ولا مشروع النسبية، ولا مشروع الـ 15 دائرة إنتخابية، ولا مشروع لبنان دائرة إنتخابية واحدة، ولا أيّ مشروع مبنيّ على اللوائح الفضفاضة والدوائر الوسطى أو الكبرى يحقّق التمثيل الصحيح والمناصفة الحقيقية ويؤمّن المساواة والعدالة للمسيحيين.

فالصوت الأقلّي لا يمكن أن يصل ويحقّق ما يصبو إليه في نظام «نسبي» أو «مختلط» أو في دوائر وسطى أو كبرى، لأنّ الأكثرية العددية تطغى وتقلب النتائج وتلغي إرادة كلّ الأقليات. فالديموقراطية الطوائفية التي إرتضيناها وتوافقنا عليها، والتي كرّست المناصفة بين المسيحيين والمسلمين لا يمكن أن تتحقّق في نظام «نسبي» أو «مختلط» مهما حاول البعض تزوير الحقائق.

إنّ النسبية في واقعنا الديموغرافي والطائفي، وفي غياب الأحزاب الوطنية اللاطائفية، كثوب صُمّم لغير وطن، وهي بعيدة أشدّ البعد عن تحقيق المناصفة والتمثيل الصحيح والعدالة للمسيحيين ولكلِّ فئات الشعب.

لقد نبّهَنا السيد حسن نصر الله بقوله (وهو على حق): «قانون الإنتخاب هو العامل الأساس في إعادة تكوين السلطة، وهو يعني مصير البلد، ويعني لمَن تُسلّم مصيرك ودمك وعرضك ووجودك ومستقبلك وسيادتك وحريّتك واستقلالك».

إذاً، راجعوا حساباتكم جيداً أيها الزعماء المسيحيون قبل أن توافقوا على قانون إنتخاب يلغي ما تبقّى لكم من وجود.