IMLebanon

اهتزازات «المستقبل» الانتخابية… تنزع مفتاح الحكومات من الحريري

في المرة السابقة، نجحت الطبقة السياسية في السلطة من تمرير التمديد الاول للمجلس النيابي، فالثاني، الى ان فُرِض التمديد الثالث، تحت ضغط الوقت، اما اليوم، فالامور في ظاهرها تبدو وكأنه لم يعد هناك من ذريعة لعدم اجراء الانتخابات، بقانوها الجديد في ايار المقبل، سيما وان قانون انتخاب قد اقر ولاقى ارتياحا، من اوساط واسعة من المجتمع اللبناني، وان كانت المفاجأة ان من ساهم في اقراره علنا، بات ينظر اليه بشيء من الريبة والقلق.

…حتى، ولو جرت الانتخابات الفرعية في الشمال وكسروان، فلا احد يقدم الضمانات التي تكفل اجراء الانتخابات النيابية، وفق القانون الذي اقرته طبقة سياسية تحكم، هي نفسها الطبقة التي باتت تنظر اليه على انه «القانون المُفزِع» لها، وقد رشح عن معظم المنتديات السياسية للقوى النافذة في السلطة، في المعسكرين السياسيين اللذين ارتسما منذ العام 2005، وان انهارت بنيتهما، وانفرط عقدهما، حتى بات المعسكران، الثامن من آذار والرابع عشر من آذار، يعملون «ع القطعة»، التي لن تناسب احدا من اركان السلطة في زمن الانتخابات النيابية المقبلة، والمقررة في ايار المقبل، فلهذا «الزمن» حساباته وخارطة طريق متعرجة ومتشعبة، وقد تكون لا تفضي الى مجلس نيابي، يجهل كثيرون طبيعة التركيبة السياسية التي ستدخله، لترسم السياسات وتحدد الاوزان والاحجام، وبالتالي تلبي طبيعة السلطة التي انتجتها الانتخابات.

اذا حُسمت معركة جرود القاع ورأس بعلبك، من قبل الجيش اللبناني الذي بات مشهدها يشير الى انها باتت على قاب قوسين او ادنى، وان كان البعض يقرأ بهمس.. ضغطا اميركيا يُمارس على لبنان، لعدم خوض معركة تصفية «الكانتون الحدودي» الذي تقيمه الجماعات الارهابية وفي مقدمها تنظيم «داعش»، على الحدود اللبنانية ـ السورية، وثمة من يسأل، عن العلاقة بين الدعوات التي يطلقها بعض «صقور» المعسكر المعادي لسوريا في لبنان بعدم «التطبيع الرسمي مع ما يسمى الحكومة السورية»! وفق ما يقول، وبين التشكيك بانتصار «حزب الله» على «جبهة النصرة» الارهابية ومتفرعاتها في جرود عرسال؟، الجرود التي خرجت منها المشاهد «المزعجة» التي تؤكد على ان «حزب الله» حقق انجازا وطنيا هاما باستئصاله الارهاب عن مساحات واسعة من جرود السلسلة الشرقية، لاقى هذا الانجاز صدى ايجابيا واسعا، طال الاوساط المسيحية..ووصل صداه الى داخل الكنائس وعلى طاولة «الرابطة المارونية» التي فاجأت اشادتها بالانتصار على الارهاب في جرود عرسال، الفريق الخصم لـ«حزب الله».

رهانات سقطت في سوريا.. وفي الجرود

لكن ثمة من يتوقع من مسار التطورات المتسارعة على جبهات الاقليم، من سوريا الى العراق، وهي جبهات بدأت تروي فصولا من حكاية سقوط الرهانات على الادوار الخارجية لاسقاط سوريا، وبالتزامن مع التطورات العسكرية في جرود القاع ورأس بعلبك، والمتوقع ان تحتدم اكثر من بدء المعركة، ان تبقى الرهانات على دور ما لجهات اقليمية ودولية في سوريا… في محلها، هربا من قراءة متأنية للواقع السياسي والميداني الذي يصب لمصلحة النظام في سوريا وحلفائه في لبنان والمنطقة، او حتى قراءة موازين القوى في الداخل اللبناني توصل الى نتائج «غير مرغوب بها» في الداخل اللبناني، لان من شأن ذلك ان يُشعرها انها اعترفت بدور «حزب الله» وسلاحه في مقاومة الاحتلال على جبهة الجنوب، وفي استئصال الارهاب في جرود السلسلة الشرقية للبنان، وهو امر تُدرجه في خانة «المحرمات» لديها!، لكن الحقيقة المرة التي يدركها خصوم «حزب الله» وفي مقدمهم رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، انهم يراهنون على ان «حزب الله» الذي يعمل وفق منظور اقليمي، وفق ما يقولون، ستكون التطورات الاقليمية العامل المؤثر الوحيد على اضعاف الحزب، والمرارة التي يصطدمون بها، ان الواقع الاقليمي هو اليوم لمصلحته، بعد المتغيرات الميدانية التي حصلت في سوريا والعراق والتي تتجه نحو الحسم، بعد سلسلة من الانجازات العسكرية التي لا تحتاج الى عناء الدراسة والتمحيص.

 قد تكشف الايام القليلة المقبلة نوايا الطبقة السياسية في كيفية التعاطي مع ملف الانتخابات الفرعية في الشمال، تجريها ؟ ام تلغيها؟، وتحت اي ذريعة سيقبلها اللبنانيون؟، قد تجد الحكومة نفسها مع امتحان «الفرعية» تخوضه وتنجح، ولكن هذا لن يكون كافيا، لاظهار النية بالمضي في انتخابات «النقزة»، في كل الاحوال، سيكون الكلمة الفصل في هذا الامتحان، لرئيس الجمهورية وما يمثل رسميا وحزبيا ونيابيا، هل يقبل بانتكاسة من العيار الثقيل لعهده؟.

بعد الخروج العسكري السوري من لبنان في العام… اكدت كل التجارب والحقائق، وبعد مسلسل من التأزمات السياسية، ان المفاصل الاساسية في الملفات السياسية وغيرها، والتي كانت تُتَّهم بها «الوصاية السورية» هي اما من صنع لبناني، واما من صنع مؤثرات و«وصايات غير مرئية» جاءت من الخارج، فالتمديدات الثلاثة للمجلس النيابي، جرت بعد «استعادة السيادة»!.

 حسابات انتخابية غير مشجعة

كل الحسابات التي اجراها معظم القوى السياسية من فئة «الكبار»، على الواقع الحسابي لانتخابات «النسبية»، جاءت غير مشجعة، لا بل محبطة في كثير من الحالات، وهو امر قد يدفع ببعض القوى، وان كانت متناقضة في السياسة، للدفع باتجاه تغيير «شيء ما» في القانون، او ما شابه،..في حسابات بعض القوى، ان احدا لم يعطِ تأكيدات بان الرئيس الحريري، سيبقى، بعد الانتخابات النيابية، الاقوى على الساحة السنية، بل ان قانون الانتخابات المقبلة الذي اتسم بـ«نكهة النسبية»، انعش سياسيين من احجام ادنى من حجم «تيار المستقبل»، بخاصة في ساحات سنية كانت في زمن القانون «الاكثري» معقلا لتيار «المستقبل»، في خوض المنافسة ضد تيار الحريري، ويراهن هذا «البعض» على طبيعة القانون والاستفادة من التحالفات المستجدة، والتي فرضتها الخصومة مع «الحريرية السياسية» التي تُمسك بمفتاح الحكومات المتوالدة مع كل صفقة سياسية تجري بين القوى السياسية الممسكة بمسار الواقع السياسي، دون ان تعير وزنا لغيرها من القوى والتيارات ذات الوزن السياسي والانتخابي داخل الساحة السنية، والا ما معنى اطلاق الحملات السياسية على الرئيس نجيب ميقاتي و«حكومة حزب الله» ! التي رئسها؟، انسجاما مع «نظرية» فيها من السذاجة ما يكفي للقول.. ان اي حكومة لا يرأسها الحريري هي بالتأكيد حكومة «حزب الله»!، وهذا التصويب على شخصيات سنية وازنة من قبل فريق الحريري، يراه البعض انه ترجمة للهواجس من الانتخابات المقبلة، والاهتزازات التي يتوقعها قارئون في عالم الانتخابات في طرابلس وصيدا وبيروت والبقاع الغربي، وهي اهتزازات قادرة على الاطاحة بـ «الستاتيكو» الذي ساد على مدى الانتخابات التي جرت، منذ اول انتخابات نيابية اعقبت اتفاق الطائف في العام 1992.

 الصورة هنا لا تتطابق مع حالة بقية الاقطاب ممن عُرِف عنهم انهم يمثلون طوائفهم في السلطة، فرئيس المجلس النيابي نبيه بري… المدعوم بلا حدود من «حزب الله»، لا ينافسه تيار شيعي له وزنه، او شخصيات سبق لها ان ترأست المجلس، ولا الساحة الشيعية شهدت اهتزازات وانشقاقات، كتلك التي شهدتها الساحة السنية واصابت «تيار المستقبل» بشظايا، استدعى بعضها دخوله في العناية المركزة لاستعادة جمهور يغرد خارج السرب.. وللملمة اوضاعه الداخلية.