IMLebanon

سقوط النسبي بعد التأهيلي يعني الفراغ الدستوري والستين!

يُواجه لبنان في الأيّام القليلة المُقبلة أكثر من محطّة حاسمة، بدءًا بجلسة مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم، مُرورًا بجلسة مجلس النوّاب المُفترضة في 15 أيّار الحالي، وكذلك بنهاية العقد الحالي لمجلس النوّاب في 31 أيّار الحالي، وُصولاً إلى 20 حزيران موعد إنتهاء الولاية المُمدّدة لمجلس النوّاب. والأسئلة كثيرة بشأن ما إذا كان سيتم بحث القانون الإنتخابي على طاولة مجلس الوزراء والأهمّ ما إذا كان سيتم عرض إقتراحات مشاريع القوانين على التصويت، وكذلك بشأن ما إذا كان سيتمّ عقد جلسة منتصف الشهر التشريعيّة والأهمّ ما إذا كان سيتمّ بحث إقتراح التمديد الجديد للمجلس النيابي فيها. والأسئلة كثيرة بشأن مدى إمكان تجاوز التعثّر الحالي تمهيدًا للتوصّل إلى تسوية إنتخابيّة تُرضي الجميع، وتجنّب البلاد مُشكلة سياسيّة ودستورية عميقة في حال إنتهاء العقد التشريعي الحالي للمجلس من دون اللجوء إلى خيار العقد الإستثنائي، وكذلك في حال إنتهاء ولاية المجلس النيابي الحالي من دون تمديدها. والأسئلة كثيرة أيضًا بشأن مدى تماسك التحالفات والتموضعات السياسيّة في ظلّ التباين الكبير الحاصل بين مُختلف القوى السياسيّة، وُخصوصًا بين تلك التي كانت مُصنّفة حتى الأمس القريب بالحليفة سياسيًا واستراتيجيًا.

 التصويت وجلسة 15 أيّار…

مصادر سياسيّة مُطلعة لفتت إلى أنّ جلسة الخميس الوزاريّة ستُعقد بعد أن فشلت الرسالة التي تمثّلت بتجميد عمل الحكومة في تحقيق الصدمة الإيجابيّة المنشودة لدفع القُوى السياسيّة المُختلفة إلى تليين مواقفها من إقتراحات مشاريع القوانين، والأهمّ بعد أن وافق رئيس الحكومة سعد الحريري على عدم التصويت لصالح التمديد، لكنّها إستبعدت جدًّا أن تتمّ أي عمليّة تصويت على هذه القوانين الإنتخابيّة المُقترحة، مُتوقّعة أن تشهد الجلسة الحُكوميّة سجالات كبيرة في حال حاول أي طرف التسويق لمسألة التصويت على القوانين، وذلك بسبب وجود العديد من الأطراف الفاعلة والمُؤثّرة والتي ترفض كليًا فرض أيّ قانون بالقُوّة على الجميع، لأنّ المسألة مرتبطة بتوازنات سياسيّة دقيقة لسنوات طويلة، وليست خلافًا بسيطًا أو ثانويًا على إقتراح وزاري عادي.

وبالنسبة إلى جلسة مجلس النوّاب التشريعيّة مُنتصف الشهر الحالي، رأت المصادر السياسيّة المُطلعة نفسها أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي أعلن بكل بوضوح «إطمئنّوا، أقول بإسم المجلس، التمديد غير وارد قطعًا…، يدرس حاليًا جدوى عقد هذه الجلسة مُستخدمًا «ميزان الجَوهرجي»؟  إذا جاز التعبير، حيث أنّه من جهة لا يُريد عقد جلسة فاشلة أو مُسبّبة للمشاكل على أنواعها، ومن جهة أخرى لا يُريد وضع مسألة وجود المجلس النيابي بكامله بيد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء في حال إنتهاء العقد التشريعي العادي في 31 أيّار، باعتبار أنّ طلب فتح دورة إستثنائية لمجلس النوّاب، هي بيد كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وأضافت المصادر نفسها إلى أنّ أكثر من فريق سياسي كان حتى الأمس القريب يدعم خيار عقد جلسة 15 أيّار، وكان قد بدأ التسويق لإنجاح الجلسة عبر الحديث إعلاميًا عن جلسة تشريعيّة عادية لإقرار بعض القوانين المُلحة وحتى لبحث سلسلة الرتب والرواتب، خاصة وأنّ النصاب القانوني للجلسة هو النصف زائد واحد من عدد النوّاب، ما يعني أنّه حتى لو قاطع نوّاب كل من «التيار الوطني الحُر» و«القوات اللبنانيّة» و«الكتائب اللبنانيّة» الجلسة، فإنّ حُضورها يُمكن أن يتأمّن بسهولة، في حال مُشاركة مجموعة من نوّاب «المُستقبل» حتى لو كانوا لن يُصوّتوا لصالح التمديد. وأضافت أنّه بعد أن لمس رئيس مجلس النواب إنصياع رئيس الحكومة لخيار رفض التمديد، وبالتالي سُقوط الميثاقية كليًا عن أي جلسة في هذا المعنى، فضّل أن يسحب الأمر من التداول ليبدو هو صاحب القرار بذلك، علمًا أنّه  في حال عرض مشروع التمديد على التصويت، فإنّ إقراره لا يحتاج لأكثر من أصوات أغلبيّة النوّاب المُشاركين في الجلسة، وليس إلى ثلثيّ عدد النوّاب الإجمالي أو إلى أغلبية النصف زائد واحد.

 مصير «التأهيلي» و«النسبي»…

وفي ما خصّ مَشاريع القوانين المَطروحة، أكّدت المصادر السياسيّة المُطلعة أنّ مشروع القانون التأهيلي قد سقط نهائيا، حيث أنّ عدد مُعارضيه والمُتحفّظين عليه أكبر بكثير من عدد مُؤيّديه، حتى لوّ رفض «التيار الوطني الحُرّ» الإعتراف بهذا الأمر حتى هذه اللحظة، واعتباره أنّ موافقة «تيّار المُستقبل» كافية لتمريره، خاصة وأنّ كلاً من «حزب الله» و«القوات اللبنانيّة» كانا قد أبديا إستعدادهما لمناقشة الملاحظات عليه. ولفتت المصَادر نفسها إلى أنّ أداء «تيّار المُستقبل» بالنسبة إلى الملف الإنتخابي ككل هو الأفضلّ مُقارنة بالجميع، حيث بدا وكأنّه لا يرفض أي قانون وبأنّه يُسهّل الأمور، علمًا أنّ للمُستقبل مواقف حازمة مُباشرة أو غير مُباشرة من أكثر من قانون، لكنّه في المرحلة الأخيرة فضّل التراجع بعض الخطوات إلى الوراء وجعل المُعارضة تنطلق من سواه على القوانين المطروحة، إنطلاقًا من قناعة لديه بأنّه لن يتمّ تمرير أي قانون لا يحظى بإجماع كامل، وأنّ البديل الوحيد عن التعثّر الحالي هو في إجراء الإنتخابات في نهاية المطاف وفق القانون النافذ حاليًا، ولو بعد حين، ولوّ بعد مخاض سياسي قاس أيضًا.

وتابعت المصادر السياسيّة المُطلعة كلامها بالتشديد على أنّ «حزب الله» مُتوافق مع «حركة أمل» ومع «تيّار المردة» ومع الكثير من قوى «8 آذار» الأخرى، على تبنّي صيغة إنتخابيّة تعتمد مفهوم التصويت النسبي الكامل، وفق دوائر متوسّطة الحجم، مع الإستعداد لبحث التقسيمات النهائية لهذا القانون النسبي، في حال وافقت الأطراف كافة عليه. وأضافت أنّ «الحزب» مُصرّ على التمسّك بقانون النسبيّة الكاملة حتى النهاية، بسبب مُوافقة العديد من الجهات عليه، من قوى سياسيّة إلى جمعيّات أهليّة، ومن سياسيّين إلى ناخبين عاديّين، علمًا أنّه في الميزان السياسي يسمح هذا القانون لحلفاء «حزب الله» بالحُصول على أغلبيّة نيابيّة إجماليّة في المجلس النيابي المُقبل.

 خلط أوراق التحالفات…

وبشأن مدى تأثّر التحالفات والتموضعات السياسيّة بالخلافات والتباينات الكبيرة اللاحقة بين العديد من القوى السياسيّة، وُخصوصًا بين تلك التي كانت مُصنّفة حتى الأمس القريب بالحليفة سياسيًا وإستراتيجيًا، شدّدت المصادر السياسيّة المُطلعة على أنّ المواقف العالية السقف طبيعيّة في ظلّ إستمرار عمليّة شد الحبال. وأضافت أنّه على الرغم من تأكيد الكثير من القوى على متانة تحالفاتها السياسيّة إستراتيجيًا، فإنّ طبيعة قانون الإنتخاب وطبيعة التحالفات التي ستتمخّض عنه في نهاية المطاف ستخلط الكثير من الأوراق السياسيّة الداخليّة، ولو أنّ التحالف العريض بين «حزب الله» و«التيار الوطني الحُرّ» سيبقى قائمًا، ولو أنّ لا عودة إلى زمن الإنقسام والمواجهة بين هذا الأخير و«القوات اللبنانيّة»، منعًا للإستمرار في إستباحة حُقوق الطائفة المسيحيّة.

وختمت المصادر السياسيّة المُطلعة كلامها بالقول إنّ التطوّرات التي سيشهدها لبنان في الشهرين المُقبلين، لن تُقاس بالأسابيع ولا حتى بالأيّام، بل بالساعات، حيث أنّ إعتماد اللون الرمادي في التعاطي مع الملفّات الداهمة لم يعد مُمكنًا، باعتبار أنّ الفرز النهائي بالنسبة لهذه المواضيع الشائكة سيتمّ وفق اللونين الأبيض والأسود، في ظلّ تسارع واضح لوتيرة الأحداث الكبيرة المُتوقّعة. وأضافت أنّ سُقوط إقتراح الإنتخابات وفق النسبيّة الكاملة، بعد سُقوط القانون «التأهيلي»، سيؤدّي حُكمًا إلى الدخول في صراع سياسي وفي جدل دُستوري، بشأن الفراغ وكذلك بشأن ضرورة إجراء الإنتخابات وفق قانون الستّين النافذ حاليًا.