IMLebanon

لعبة التبكير والتأخير  في الانتخابات النيابية

بريطانيا ذاهبة الى انتخابات نيابية مبكرة في حزيران المقبل. ولبنان محكوم بالمزيد من الفشل في الذهاب الى انتخابات نيابية متأخرة عن موعدها الدستوري أربع سنوات. مجلس العموم البريطاني صوّت بأكثرية تتجاوز الثلثين على تقصير عمره. ومجلس ساحة النجمة أجبره استخدام الرئيس ميشال عون صلاحياته الدستورية بموجب المادة ٥٩ من الدستور على تأجيل لمدة شهر جلسة التصويت على تطويل عمره للمرة الثالثة. والكل يعرف لماذا صار التمديد قدرا لا مهرب منه، سواء جرى الاتفاق على قانون انتخاب أو لا.

فضلا عن اننا نحتاج الى أكبر كمية من السذاجة للمقارنة بين مظهر الديمقراطية اللبنانية وبين جوهر الديمقراطية البريطانية التي لا ديمقراطية في العالم تتقدم عليها. لكن المفارقة اننا متخلفون في اجراء الانتخابات حتى عن سوريا وهي في حرب، وعن العراق الذي يحتل داعش مساحات ومدنا فيه، وعن مصر التي تواجه تحديات كبيرة وعمليات ارهابية خطيرة.

رئيسة الوزراء تيريزا ماي قررت، لأسباب عدة، التراجع عن انتظار العام ٢٠٢٠ والقيام بمغامرة تتصور انها محسوبة ويأمل خصومها في أن تكون فرصة لهم. أولا لأن كل رئيس حكومة يرث السلطة من رئيس حزبه وحكومته المستقيل يحتاج الى تجديد التفويض الشعبي عبر انتخابات يربحها حزبه بقيادته. وثانيا لتحسين موقعها في مواجهة أي تمرد عليها في حزب المحافظين وخوض المعارك مع خصومها العمال. وثالثا للتفاوض من موقع قوي وثابت على الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وليس في بريطانيا مشكلة اسمها قانون الانتخاب، فالقانون قائم من زمان: دائرة فردية في نظام أكثري. ولم تنجح الدعوات الى اعتماد النظام النسبي. أما في لبنان، فاننا في مشكلة مع قوانين الانتخاب المتغيرة، وفي مشكلة الخلاف على قانون جديد. فما بقي ثابتا، مع تبدّل القوانين، هو النظام الأكثري. وما نمارسه هو أسوأ ما في النظام الأكثري: لوائح البوسطات والمحادل. والتوجه المتنامي لاعتماد النظام النسبي، يأتي في ظلّ أسوأ ظروف على الأرض، حيث الاصطفاف الطائفي والمذهبي الواسع والمتصل باصطفاف مماثل أخطر في المنطقة. فضلا عن ان التلاعب في تفصيل القوانين على قياسات مختلفة لأمراء الطوائف تجاوز حدود اللامعقول.

ولا شيء يوحي ان الذين يحذرون يوميا من المخاطر والانهيارات والمجهول يصدقون ما يقولونه. فالوقوف على المتر الأخير من حافة الهاوية لم يدفع الى التفاهم على صيغة قانون. والظاهر ان الفشل المنهجي الذي يدفع ثمنه لبنان هو قمة النجاح لأمراء الطوائف في توظيف الأزمات بما يخدم مصالحهم والمواقع.