IMLebanon

اللعبة الجيوسياسية بين ترامب وايران

اللعب الأميركي مع ايران محكوم بقواعد اللعبة الداخلية. والمجال ضيّق جدا أمام أي رئيس، مهما يكن مزاجه الشخصي وتصوره السياسي، للخروج على رؤية المؤسسة وضغوطها في المسائل الخارجية المتعلقة بالمصالح الحيوية والأمن القومي الأميركي، وهكذا وجد الرئيس دونالد ترامب نفسه يلعبها ناعمة وخشنة في وقت واحد مع الجمهورية الاسلامية. فمن جهة، يوافق على تمديد العمل بالاتفاق النووي بين ايران ومجموعة ٥١، بعدما تعهد تمزيقه في يومه الأول في البيت الأبيض. ومن جهة أخرى تفرض ادارته عقوبات على مؤسسات وشخصيات ساعدت الحرس الثوري الايراني في برنامج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

والاستعداد في واشنطن ظاهر لفرض عقوبات أوسع وأكثر إيلاما مع التوجه لوضع الحرس الثوري على لائحة المنظمات الارهابية. وأقل ردّ يأتي من طهران بلسان الجنرال محمد باقري هو ان فرض عقوبات على فيلق القدس يهدّد المصالح والقواعد والقوات الأميركية في المنطقة. لكن العقوبات ليست سوى جزء من اللعبة الجيوسياسية التي تديرها الادارة الأميركية الجديدة. والتهديد الايراني للقوات الأميركية في المنطقة ليس أيضا كل ما في خطة طهران للرد المباشر وغير المباشر في البطن الرخو لحلفاء أميركا.

ذلك أن ايران كانت تمثل مركز القوس في سياسة الرئيس باراك أوباما، كما قال نائب مستشار الأمن القومي المقرب جدا منه بن رودس في حديث مع النيويورك تايمس وما رآه هو ان عالم السنّة العرب الذي بنته المؤسسة الاميركية قد انهار. والحل بالنسبة الى اوباما كان القيام برهانين فشلا. اولهما الرهان على دور للاخوان المسلمين في مصر وتونس وتركيا، وهو ما سقط باسقاط حكم الاخوان في مصر. وثانيهما الرهان على تفاهم مع ايران حول القضايا الاقليمية بعد الاتفاق النووي، وهو ما رفض المرشد الاعلى علي خامنئي البحث فيه، على اساس ان العداء لاميركا من اسس الثورة.

والواضح عند ترامب الذي لا يمكن التنبؤ بافعاله واقواله هو العمل عكس سياسة اوباما. فهو توافق مع الدول العربية والاسلامية في قمة الرياض على اعطاء الاولوية لمحاربة الارهاب واعتبار الاخوان المسلمين قوة ارهابية. وهو اعلن بوضوح ان ايران أخطر دولة راعية للارهاب وان سياسته هي ضرب نفوذها وقطع اذرعها في المنطقة. لكن ترامب لا يزال بلا استراتيجية ولا خطة عمل. وليس لدى حلفاء اميركا العرب مشروع بل مواجهة مشروع، اما ايران، فان لديها مشروعا تقاتل دفاعا عنه في اربع عواصم عربية.

والسؤال هو: كيف يضرب ترامب الاسلام السياسي والنفوذ الايراني؟ والى أين بعد محاربة داعش؟