IMLebanon

الخريطة!

يبدو أنّ الأجواء التفاؤلية التي لاحَت في الأفق على جدّية بعض طروحاتها، تحتاج الى جولات من الاستكمال الذي يُحصّن شروط نجاحها وقدرتها على الاستمرار والإنتاج الإيجابي بعد هذه السنوات العجاف.

ولكن لا يمكن عزل أزماتنا الرئاسية والمؤسساتية عمّا يجري من حولنا من تسويات ومشاريع حلول لم تزل غير قادرة على التبلور، إذ إنّ الأوضاع الإقليمية المعقّدة لا يمكن أن تسمح بتمرير حلّ رئاسي كامل أو جزئي إلّا من خلال تبادل القبول والرضى كما نقول في لغتنا القانونية، وذلك بين القوى الإقليمية الفاعلة والممتدّة على الساحة اللبنانية.

طبعاً، لا يمكننا الجزم أنّ الطريق لم يزل معرقلاً ولكن بالتأكيد فإنّ الأمر يحتاج الى مزيد من العمل والمناقشة بغية بلورة حلّ – تسوية يطرح الأولويات وكيفية تمريره دستورياً من خلال انتخاب رئيس جديد وتشكيل حكومة متوازنة من غير المرشحين للانتخابات المقبلة.

وأعتقد أنّ قانون الانتخاب الموعود سيكون مؤجّلاً الى حين آخر لأنه يشكل المظهر الأبرز من مظاهر توازن القوة الذي لم يتبدّل حتى وإن حصل خرق على المستوى الرئاسي والحكومي مع بعض الحلحلة على أكثر من ملف.

هذا يبرز أنّ الوضع اللبناني وإن ذهَب نحو تسوية جديدة وبغض النظر عن حسابات الربح والخسارة، فهو برسم التأرجح المستمر حتى تتبلور الحلول الكبرى على صعيد المنطقة. وهذه المنطقة بالذات ببعض نظمها وحدودها ربما لن تشبه الوضع الحالي، مما سيفتح مجالات واسعة أمام إعادة رسم خرائط جديدة وربما نماذج مستحدثة من الأنظمة والحدود السياسية، مما سيعيد خلط عناصر الجغرافيا السياسية.

وحتى ذلك الحين، يمكن للبنان أن يستكين ويستعيد أنفاسه بعد فراغ وإفراغ وتراجع في العمل المؤسساتي حتى في حدوده الدنيا وضياع لمنطق الدولة بشكل كلي وتردٍّ في الخدمات العامة أصبح مضرب مثل.

لكلّ ذلك، نريد رئيساً قادراً ومؤهّلاً لتقويم اعوجاج بات يشكل خطراً على كيان لبنان وتركيبته التعددية وتنشيط الأداء الدستوري لمؤسّساته الأساسية بعدما استهلكتها لعبة الكرّ والفرّ والفساد القابع في العقليات.

ولكن حتى تحين الساعة الرئاسية، ترتسم جملة مسائل تحتاج الى ترتيب وتصنيف بغية الانتقال من مرحلة الضياع الحالي الى سنوات أفضل من الإنتاج والعمل حتى وإن لم نصل الى اجتراح حلول عجائبية لمشكلاتنا المزمنة والمعقّدة. ولكنّ الطموحات لا تحول دون استقراء الوضع العام الاقليمي الذي يزداد حدة ولا ينبئ بانفراج أكيد.

والموضوع المطروح حول تسويةٍ ما تلوح في الأفق هو من باب الواقع المحتوم والتمنيات المرجوّة على السواء، إذ لا يمكن ان تأتي الحلول فجأة ومن دون تحضير كما لا يمكن أن يبقى الوضع على ما هو عليه، إذ إنّ استمراره على هذا النحو سيؤدي مع هذا الكم من الملفات ومن أعداد النازحين واللاجئين الى انهيار تام للدولة كجهاز وكمفهوم سلطة ممّا سيؤدي الى إدخال لبنان في خضم فوضى الجوار وهو ما ليس مسموحاً به في الوقت الحاضر على الصعيدين الإقليمي والدولي.

لذلك، فإنّ المسألة اللبنانية الشائكة لا بد وأن ترى بعض طرق الانفراج وذلك درءاً للآتي الأعظم. أما الحلول والتسويات الشاملة فتنتظر الادارة الأميركية المقبلة لكي تُعرف بنود الأجندات وشروط التسويات وحدود التغيير المنتظر على أرض السياسة الدولية والقانون الدولي على السواء.