IMLebanon

إستحقاق جُمعة المرشد ومفاعيل قمم الملك

ساعات قليلة وتبدأ الطائرات الرئاسية لدول عربية وإسلامية الهبوط في الرياض ومنها طائرة الرئاسة الأميركية التي على متنها الرئيس دونالد ترامب في أول رحلة يقوم بها كرئيس خار ج الولايات المتحدة. وعلى مدى ثلاثة أيام ستزهو المملكة بإستضافتها ثلاث قمم متتالية: قمة سعودية- أميركية غير مسبوقة لجهة الظروف والمبادرة كون الرئيس ترامب هو صاحب الفكرة. ثم قمة خليجية – أميركية بالغة الأهمية وإن كانت تقليدية ضمن التفاهم الأميركي- الخليجي على عقْدها سنوياً، وأما أهميتها فلأنها من حيث ما ستتخذه من قرارات تنعقد إستباقاً لخطوات هنالك بعض الثقة من أنها ستكون حاسمة تجاه أوضاع عالقة ومقلقة طالت المماطلة في أمر وضْع نهاية للقتل والتدمير والتهجير الناشئة عنها أكثر مما يجب ومنها الموضوع الفلسطيني والصراع العربي – الإسرائيلي والدور الإيراني والحالات الناشئة عنه في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان وفلسطين.

لم يحدث مِن قبل أن عُقدت في رحاب دولة في العالم مثل هكذا قمة طارئة. هنالك قمم كثيرة شارك فيها حكام وكانت في معظمها ذات طابع إقتصادي، وعلى سبيل المثال قمة العشرين. لكن القمة التي نحن في صددها مثلثة الموجبات: سياسية. عسكرية. إقتصادية. وليس مَن هو جامع صفات إستضافة القمة هذه غير الملك سلمان بن عبد العزيز. فالمملكة إذا جاز التشبيه هي مثل الرادار في المطار يكون دوره بالغ الأهمية في الأجواء العاصفة لأنه يرشد أو ينبِّه أو يساعد على هبوط آمن وإقلاع مستقر. وما تعيشه المنطقة عبارة عن عواصف عاتية متقطعة وإنعدام للرؤية بين يوم وآخر.

كنا نتمنى لو أن القمة تنعقد بعد بضعة أيام من الإنتخابات الرئاسية في إيران التي ستُجرى يوم الجمعة (بعد غد) وربما لن تُذاع نتائجها رسمياً قبل يوميْن أو ثلاثة من وصول الرئيس ترامب إلى المملكة يوم السبت 20 أيار 2017. وأهمية تأجيل القمة السعودية – الأميركية ثم الأميركية -الخليجية إلى ما بعد الإعلان الرسمي لنتائج الإنتخابات الإيرانية أنه إذا رجحت كفة حسن روحاني يدعى إليها إذ كيف سيكون هنالك علاج للحالات الأكثر تعقيداً، (سوريا، العراق، اليمن، لبنان) إذا كانت إيران مغيَّبة بينما ماليزيا، على سبيل المثال لا الحصر، مشاركة. وأما إذا كان الإنجاح أو النجاح من نصيب إبراهيم رئيسي الذي هو مرشح المرشد خامنئي والحرس الثوري فعند ذلك تكون قرارات القمة بشقيْها أكثر وضوحاً وأشد حزْماً تجاه النظام الإيراني بطبعته الرئاسية الجديدة. ونقول ذلك على أساس أن مثلث الحُكْم( المرشد. رئيسي. الحرس) سيكون أكثر تشدداً إزاء الموضوعات التي تبعث القلق في الأوساط الدولية وما هو أشد من القلق لدول الخليج التي إذا ضاعت منها فرصة القمم الثلاث: قمة الملك سلمان- الرئيس ترامب، والقمة الأميركية- الخليجية وقمة التحالف في مواجهة الإرهاب.

بعد القمم الثلاث سيحط الرئيس ترامب الرحال في القدس الذي نتمنى أن يكون تخلى نهائياً عن مسألة الموافقة على توحيدها ونقْل السفارة الأميركية. كما نأمل وهو يلتقي بالرئيس محمود عباس في بيت لحم أن يطلق صرخة إستغراب لما تفعله إسرائيل نتنياهو في موضوع إضراب الأسرى الفلسطينيين عن الطعام خصوصاً أن إنتفاضة «الأمعاء الخاوية» ليست عملاً يدَّعي الإسرائيليون بأنه إرهاب وإنما هو أرقى إحتجاج سلمي على الظلم ومن واجب الإدارة الأميركية الواقفة منذ ستة عقود مع الظالم الإسرائيلي ضد المظلوم الفلسطيني، ومعها الحكومة البريطانية التي بسبب «بلفورها» بدأت محنة إغتصاب الوطن… مِن واجب تلك الإدارة وتلك الحكومة إعادة النظر في سياسة بدأها الأسلاف منهم والإعتذار من الشعب المظلوم وليس مشاطرة المعتدي الإسرائيلي أفعاله، والتعاون مع المانيا التي سجل وزير خارجيتها الشهر الماضي موقفاً متقدماً تمثل بقوله «إن المانيا ستواصل الدعوة إلى تنفيذ حل الدولتيْن كونه الوحيد الذي سيكون مستديماً» الأمر الذي أزعج نتنياهو فردَّ على المسؤول الإلماني بعبارة «إن كلامه ينم عن إفتقاد للإحساس». وكذلك التعاون مع فرنسا الجديدة التي رئيسها ايمانويل ماكرون أمام إختبار العرب لنهجه وهل سيكون مثل الرئيس السلف فرنسوا هولاند صاحب المواقف المتوازنة من قضايا تشغل البال العربي.

ويا ليت القمة الأخيرة من القمم الثلاث التي هي عبارة عن هيئة أمم متوافقة نسبياً في وجهات نظر كثيرة تشمْل دولة مثل الصين ودعوتها إلى المشاركة في القمة الفضفاضة، ذلك أن هذه الدولة صديقة لدول الخليج دون إستثناء وللدول العربية عموماً، كما أنها ضد الإرهاب فضلاً عن أنها صاحبة موقف ثابت من الموضوع الفلسطيني عبَّر عنه حديثاً وزير خارجيتها منتصف نيسان الماضي بالقول « بعد مرور سبعين عاماً على صدور قرار من الأمم المتحدة بإقامة دولة إسرائيل، لا يزال الفلسطينيون محرومين من دولتهم المستقلة. هذا جور. هذا النوع من الظلم التاريخي لا بد من تصحيحه…».

من باب التفاؤل بما هو أحسن نجده، كما التفاؤل بالخير، نتفاءل بقمم سلمان بن عبد العزيز الثلاث ويزداد تفاؤلنا طمأنينة إذا جاءت جمعة المرشد علي خامنئي تؤشر نتائج إنتخاباتها إلى أن الحقبة «الروحانية» الثانية بإفتراض فوز صاحبها حسن روحاني ستكون بداية الكتابة في صفحة يرتاح لها أبناء المنطقة وبالذات أولئك الذين أضناهم إستغراق بعض الذين بين أيديهم السلطة في أحلام مردودها كوارث. ومَن يتأمل في أحوال بعض ديار المنطقة يكتشف حجم الأهوال وقتامة إرث الحاضرين إلى الأبناء والأحفاد.

والله المعين ومُسدِّد خطى أصحاب النوايا الطيبة والهادي إلى سواء السبيل.