IMLebanon

لفلفة نوادي الليل يَكشفها نهار محكمة التمييز

«عنزة ولو طارت». بهذا المثل الشعبي يمكن اختصار إفادات المتّهمين في مقتل الشابة إيليان صفطلي والمخلى سبيلهما، الرقيب أول طالب علي حميه وياسر محمد حميه، التي لم تخلُ من التناقضات، في أول جلسة استجواب لهما أمس. عبثاً حاوَلا الالتفافَ على أسئلة المحكمة، أو التهرّبَ من أسئلة ممثّل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل بو سمره الذي طوَّقهما مراراً، فلم يجدا من جواب إلّا «سيدنا كِنت مِطفي من الشرب» أو «مِش ذاكر». جلسة زادتها غرابةً ما كشفَه الطبيب الشرعي بعد الاستماع إليه.

باشرَت أمس محكمة التمييز في المحكمة العسكرية برئاسة القاضي طاني لطوف وحضور ممثل النيابة العامة التمييزية القاضي شربل بوسمره استجوابَ المتهمين والمخلى سبيلهما طالب حميه وياسر حميه في جريمة مقتل الشابة إيليان صفطلي في 12 كانون الثاني 2015، على يد حسن أحمد حميه (الفار).

نادى لطوف: «حسن أحمد حميه»، فكان الجواب: «لم يحضر»، فانتقلَ إلى مناداة طالب حميه ووكيله المحامي صليبا الحاج، وياسر حميه ووكيله المحامي شربل طربلسي. حاوَل بدايةً صليبا الاستمهال، إلّا أنّ لطوف كان واضحاً: «أنا اليوم مخَصِّصو للاستجواب».

بعدها قرّرَت المحكمة السماح لوكيلي المتهمين الاطّلاع على المستندات الواردة والمضمومة إلى الملف في القلم. وبعد تلاوة مقتطفات من القرار الاتّهامي، باشَر لطوف استجواب طالب الذي أكّد إفاداته السابقة.

– لطوف: يوم وقوع الحادثة، إبدأ من الأول في تفاصيلها.

– طالب: كنتُ في منزلي، تلقّيتُ اتّصالاً من حسن حميه يطلب مرافقتَه إلى السهر في «اوبشن» كسليك، لكنّني رفضتُ لأنني لا أحبّ أجواءَه. وعند الثانية والنصف ليلاً زارني مع رفيقته سلوى الحص واتّفقنا على الخروج إلى ملهى «طربيه» بعدما مرَرنا لأخذِ رفيقتنا صفاء قطان من منزلها.

ثمّ لحقَ بنا ياسر حاميه مع رفيقته لارا مزبودي وابراهيم سماحة. سهرنا حتى الثالثة فجراً. خلال تلك السهرة اتّصَل طلال أيوب بحسن وأخبَره أنه ينتظره في «اوبشن».

أصرّ حسن على الذهاب، فإكراماً له توجّهنا (7 أشخاص) إلى ذاك الملهى. نزلنا في درج طويل في طابق سفلي، دخلتُ مباشرةً إلى الحمام والباقون تحدّثوا مع صاحب الملهى «ع قصّة الطاولة».

لمّا عدتُ من الحمام كان الحديث لا يزال مستمرّاً وصاحب الملهى يرفض «فتح» طاولة جديدة لنا لأنّ الوقت متأخّر. فقلت لأصدقائي مِش مِحرزة منفِلّ. الصبايا كنَّ قد دخلنَ إلى الملهى، صفاء قالت صديقتي هنا، وسلوى أرادت البقاء لأنّ شقيقتها هناك. غادرتُ أنا وحسن وياسر إلى سياراتنا.

أحضَر الفاليه باركينغ سيارتي، صعدتُ، وبينما كان حسن يهمّ بالصعود معي حضَر طلال أيوب يعتذر منه «ما تواخِزني، بعوِّضلك ياها مرّة تانية»، سحبَ حسن مسدّسَه في لحظة وأطلق 3 رصاصات في اتّجاه لوحة الملهى، سرعان ما علت الصرخة فطلبتُ من حسن الصعود وانطلقتُ.

«مرّات تُقيم عندي»

– لطوف: كان في ناس قدّام المحل؟ وهل عرفتَ من أين الصرخة؟

– طالب: كان هناك موظف الفاليه وولد يتسوّل، وعدد من الأشخاص لا أعرفهم ولا أذكر عددهم. وتابع: وصلنا إلى نهر الموت فتلقّيت اتصالاً من سلوى الحص تسألني: «إنتو قوّصتو؟»، فأجبتُها لا، لماذا تسألين؟ فأخبرَتني أنّ فتاةً توفّيت. فأخبرتُ حسن بالأمر، وعلّقَ: «مِش معقول، مِش مزبوط»، بعدها أرسلتُه إلى سيارته وعدتُ إلى منزلي. قرابة 6:30 صباحاً، بدّلتُ ملابسي والتحقتُ بعملي عند العقيد جان الأطرش.

– لطوف: متى رأيتَ سلوى الحص مجدّداً؟

– طالب: «صباح اليوم التالي عند جامع رسول الأعظم، ومعها أشخاص، ظننتُ أنّهم من التحرّي.

– لطوف: أين تقيم سلوى؟

– طالب: لا منزلَ لديها، من وقتٍ إلى آخر تسكن عندي.

– لطوف: في إفادتها تقول إنّها كانت مقيمة عندك وقتَ الحادثة.

– طالب: ما عدتُ أذكر.

– بوسمره: طالما كانت الطاولة محجوزة، لماذا جرى الجدال عليها؟

– طالب: عادةً ندخل إلى الملاهي كدعوةٍ من دون دفع ليرة، وطلال أيوب من أمَّن الطاولة.

– بوسمره: ماذا تعمل صفاء ولارا؟

– طالب: صفاء في مطعم، ولارا لا عِلم لي.

– بوسمره: تبيّن في إفادتك أنّك تركتَ الصبايا في الملهى، هل هذا كان سبب دعوتكم؟

– طالب: أكيد لا، ولكن بقيتا لوجود شقيقة أحدهما وصديقة أخرى.

سيارة مستأجرة من البقاع

بعدها رَفع لطوف الجلسة لعشر دقائق استراحة، ثمّ انتقلَ للاستماع إلى ياسر، الذي أكّد اعترافاته السابقة بدايةً، ولفتَ إلى أنه انتقلَ للسهر مع حسن بطلب من هذا الأخير، برفقة لارا مزبودي وشربل خوري وإبراهيم سماحة، بسيارة مستأجرة. وروى ياسر أنه سبقَ ورافق حسن إلى ملهى «اوبشن» لمرّتين في السابق، وأنه ليلة وقوعِ الحادثة وقفَ مع حسن يناقشان صاحب الملهى للحصول على طاولة.

وقال: «أنا زلمي مِش واعي نهائياً»، غادرتُ وحسن إلى السيارة، وكنّا في انتظار مغادرة الفتيات للخروج، ولحقَ صاحب الملهى وطلال وتوجّها عند حسن يناقشانه، ولم ألمح إلّا حسن يسحب مسدّسه ويطلق النار في اتجاه اللوحة، صعدتُ بسيارتي وغادرت، بعدها التقيت بحسن وطالب في محيط أنطلياس وأخبراني أنّ فتاةً قد أصيبَت.

– لطوف: في إفادتك تقول إنّك دخلتَ إلى السيارة ونمتَ على المقعد الخلفي في سيارة طالب وأنت ثمِل، كيف تفسّر تناقض إفادتك؟

– ياسر: عندما أعطيتُ إفادتي كنت لا أزال ثمِلاً.

– لطوف: من أين السيارة مستأجرة؟

– ياسر: إستأجَرها شربل خوري على اسمِه من البقاع، وترَكها لي لأخرجَ بها مع رفيقتي لارا، وغادرَ مقهى طربيه مع ابراهيم سماحة بالتاكسي.

– لطوف: ماذا عن مصير مسدّس حسن؟

– ياسر: رماه من النافذة.

– بوسمره: متأكّد أنّه رماه؟

– ياسر: تبيّن لاحقاً أنه مضبوب.

– بوسمره: مَن رافقَ حسن في المرّات السابقة من فتيات؟

– ياسر: والله ما بعرف ما بهِمني أمرُن.

– بوسمره: إذا ما بهمَّك أمرن، ليش تسأل لارا صديقتك إذا بتعرف إيليان صفطلي؟ لارا خبّرتك عن كلّ البنات اللي بتعرفن؟

فارتبَك ياسر من دون أن يجد جواباً سوى أنه كان يسهر بمفرده، وأنه سبق ورأى سلوى وصفاء في المرّتين اللتين رافق فيهما حسن معه إلى «اوبشن»، وأنّها كانت المرّة الأولى التي يسهر فيها مع لارا لدى وقوع الحادثة.

– بوسمره: كان لديك سبب لتكذبَ أمام قاضي التحقيق؟

– ياسر: سيدنا ما إلي فيُن.

– بوسمره: يعني كذّبت!

– ياسر: هنّي يسألوني وأنا جاوِب إيه، لأنّي كِنت سكران، وبناءً لنصيحة المساجين أعدتُ ما قلته.

– بوسمره: لماذا تخلّيت عن النصيحة في «التمييز»؟ سكتَ ياسر.

– بوسمره: هل شربل خوري كان عسكرياً في حينها؟ وهل لديه سوابق في المخدّرات؟

– ياسر: أعتقد أنه ترَك الجيش.

– بوسمره: هل تعرف سبب عرجتِه؟ فردّ ياسر: إنّ خوري لا يعرج.

ماذا كشف تقرير الطبيب؟

وعند الثانية بعد الظهر استمعَ لطوف إلى الطبيب الشرعي نعمة الملاح الذي كشفَ على المغدورة في مستشفى «سيّدة لبنان»، بشكل مفصّل وأجرى لها صوَراً شعاعية «ليرى مسار الإصابة»، فتبيّن له «إصابةً في الشفةِ السفلى دخلت وحطّمت السنّين الأماميين السفليَين ومزّقت اللسان والحنجرة وأدّت إلى تهشيم في الفقرة الثانية ثمّ خرجت».

ولفت إلى «أنّ الرصاصة دخلت بشكل شِبه أفقي، وتركت حرقاً في الشَفة السفلى، والحرق ناتج عن حماوة المقذوف (الرصاصة)، ما يعني أنّ إطلاق النار حصَل عن مسافة دون الـ10 أمتار».

وأكّد، ردّاً على أسئلة لطوف وبوسمره: «لو أنّ المقذوفة ارتطمت بلوحة أو أيّ جسم آخر قبل أن تصيبَ المغدورة لكانت فَقدت 50 في المئة من قوّة دفعِها ومن تداعياتها على الضحية».

وأعلنَ الملاح أنه سلّم نسخة عن «تقريره إلى رتيب التحقيق في فصيلة جونيه منذ اليوم الأول، مستغرباً كيف أنّ الملف وصَل إلى محكمة «التمييز» من دون التقرير الطبّي».

في المحصلة

بعدها استمهَل بوسمره لتقديم لائحة شهود، فيما المحكمة قرّرت دعوة: طلال أيوب، سلوى الحص، صفاء قطان، لارا مزبودي، ابراهيم سماحة، شربل خوري، لينا رمضان، محمد صفوان، كارول ضاهر، غريس صفطلي والمؤهل أول حسن حميه (خال القاتل الفار). وأرجأت الجلسة إلى 5 حزيران 2017.