IMLebanon

مسار التسويات يقوِّض الإرهاب ويغلِّب معادلات التفاوض لا الحرب

    على لبنان الإستفادة منه عبر حلّ مشكلة النازحين وإعادة إعمار سوريا

تتقلّب المنطقة على صفيح من المتغيّرات التي تشي باقتراب ساعة التسويات. وليس تسارع التطوّرات الميدانية التي نجحت في تطويق التنظيمات الإرهابية في بقعة جغرافية محدّدة سوى دليلا على اتّضاح صورة الخرائط الجديدة التي قسّمت مساحات النزاع الى مناطق نفوذ على قياس المهندسين الروسي والأميركي.

ينطلق مراقبون من البوادر الإيجابية التي لاحت في أفق نزاع دول الرباعية مع قطر منذ ساعات على خلفية موسم الحجّ والخطوة الملكية حيال الحجاج القطريين، ليعودوا الى الزيارة التاريخية التي قام بها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى الرياض وما تلاها من فتح المعابر التجارية بين العراق والسعودية بعد فترة انقطاع طويلة، وصولا الى ما يُحكى بشكل متنام عن رغبة السعودية بإنهاء الحرب في اليمن بأسرع وقت ممكن. ويتوقّف هؤلاء في المقابل، عند اللجهة التصعيدية بين طهران وواشنطن، لاسيما مع تهديد الرئيس الايراني حسن روحاني في بداية ولايته الثانية بإمكان إلغاء الاتفاق النووي خلال ساعات، وما أعقب التهديد الإيراني من ردّ أميركي يؤكّد ان لا علاقة للعقوبات الأميركية الجديدة على إيران بالإتفاق النووي، وبالتالي لا يمكن لطهران ان تأخذ العالم رهينة بحجّة هذا الاتفاق.

هذا المشهد، بحسب المراقبين أنفسهم يؤكّد الرغبة العربية بترتيب البيت الداخلي وتسوية النزاعات بما هو مُتاح من حلول على قاعدة لا رابح ولا خاسر، والمساحة العربية الأبرز هي سوريا التي يبدو أنّها دخلت فعليا زمن التسويات بمظلّة تعاون روسية- أميركية تجلّت حتى الساعة بأكثر من خمس مناطق تهدئة.

ومن بين الصيغ الأكثر تداولا للحلّ في سوريا، ما يُحكى عن صيغة تحظى بتوافق تركي- سعودي وبمباركة روسية- أميركية تنصّ في أبرز بنودها على مرحلة انتقالية تمتدّ لثمانية عشر شهرا يبقى فيها الرئيس بشار الاسد في السلطة بالتزامن مع تشكيل حكومة إنتقالية يرأسها المُعارض حسن عبد العظيم على أن يلي ذلك خروج كلّ الأطراف الخارجية التي شاركت في الحرب السورية. أمّا إدلب التي تشكّل المقرّ الرئيسي لجبهة فتح الشام فيُعمل على حلّ لها من خلال التفاوض وليس عسكريّا لأنّ ايّ عمل عسكري سيكون بمثابة المجزرة.

وسط هذه الأجواء، ثمّة من يرى أنّ على لبنان الإستفادة من هذا المسار الذي بدأ يسلك طريقه في سوريا، أوّلا من خلال حلّ مشكلة النازحين السوريين بالدفع إلى إعادتهم الى مناطق التهدئة التي أرساها التفاهم الروسي- الأميركي وثانيا من خلال التحضير ليكون منصّة جاهزة ينطلق منها العالم لإعادة إعمار سوريا، وهو المشروع الأهمّ على المديين المتوسّط والطويل الأمد.

أمّا ما يجري في الجرود فهو، وفق المراقبين، ليس منفصلا عن مسار التسوية السورية وتقاسم مناطق النفوذ، وما قبول الجهات السورية بعودة الآلاف من جبهة النصرة الى إدلب عبر التفاوض الذي قاده المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بعد معركة جرود عرسال إلا دليل واضح على ما يُحاك في الكواليس الدولية من رغبة بتجميعهم في الشمال السوري تسهيلا لعملية التفاوض التي ستفضي، بطريقة أو بأخرى إلى إنهاء دورهم ووجودهم.

وفي سياق متّصل، لا يستبعد خبراء عسكريون أن يحذو تنظيم داعش المنتشر في جرود القاع ورأس بعلبك حذو النصرة بالتزامن مع تضييق الجيش اللبناني الخناق عليهم وقرعه طبول الحرب، فيلجؤون إلى التفاوض للانسحاب وتجنّب المعركة.